الأحد 12 مايو 2024

الحل المثالي

مقالات24-7-2023 | 11:59

لعلك تشاركني الرأي في الشعور براحة البال فور إصدارك قرار بحظر شخص ما على صفحتك الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، إنها لسعادة كبرى تنتابك وتسكن قلبك فيصدق عليها عقلك وتطمئن لها روحك تؤيدها نفسك التي لم تعد تحتمل التعرض للاستفزاز والشجار، سعادة ترتدي رداء النصر، النصر على من حاول استغلالك بإلحاحه وضجيجه وألقى بكل مساوئه في أرضك لتهيم بعدها على وجهك باحثًا عن طريقة للخلاص، وتقفز الفكرة في أقل من ثانية إلى عقلك حاملة معها ذلك الحل المثالي. 

إن السعادة سوف تتقمصك وأنت تقوم بإلغاء وجود إنسان مزعج في حياتك حتى لو كان واقعه افتراضيًا فهو من تعمد مضايقتك خاصةً حين يختلف معك أو تمتنع عن اتباع هواه وتنفيذ وصاياه فهو يؤكد على أحقيته في امتلاكك بعد أن قام بتقديم كل مالديه من آراء ومقترحات يراها فذة وعبقرية من وجهة نظره ، إنه يعهد للخلاف من أجل الخلاف الذي سيبث فيه مكنون شره ، ثم يطلب منك الثناء على وصاياه التي لا جدوى، ولا فائدة منها. 

إنك تكاد أن تفقد صوابك وأنت تتساءل في نفسك عن سبب طلبه لصداقتك منذ البداية، وهل كان ذلك من باب إعجابه بما تدونه على صفحتك من حروف وكلمات؟ أم أنه قد تم اختياره سفيرًا لنواياه ومبعوثًا مفوضًا بالتدخل  في تفاصيل حياتك، يملي عليك حلولًا لمشكلاتك التي يخمنها وينسجها في رأسه ، لينسف جبال صبرك ، ويرفع معدلات الغضب والانفعال عندك.

أنواع غريبة وعجيبة من البشر تطرق بابك ليلًا ونهارًا ترتدي قناع الذوق ودماثة الخلق في بداية الأمر ، تتابعها وهى تتحسس طريقها للوصول إليك، تختار ماتقوله بدقة وعناية لجذب انتباهك في باديء الأمر ، وبمجرد حصولها على تقديرك لها، تبدأ معركتها معك، معركة تجعلك تدور في متاهة من الحيرة فهى معركة غير متكافئة تضطرك لاستقبال حديثًا لا يجوز أو مزاحًا لا يليق ليبدأ العداء يتسرب نحوك بشكل مباشر دون خجل أو حياء. 

أتعجب حقًا من هؤلاء الفارغين من كل شيء إلا من حماقة أو سوء الأدب، إنهم يدفعونك لإسدال الستار سريعًا أو لبناء جدار ليحول بينك وبينهم ليصرفهم عنك لعلك تستريح وتلتقط أنفاسك المتلاحقة من فرط تجاوزهم وعظيم سخافتهم وسماجتهم، فلا تجد لديك حلولًا أخرى سوى اتخاذ هذا القرار ، وبهذا سوف تأمن شرورهم وتقطع عليهم سبل العودة إليك، فالحياة لن تمنحنا المزيد من الوقت والجهد لنضيعه هباءً في معترك دائم مع هؤلاء الصغار.

Dr.Radwa
Egypt Air