الإثنين 29 ابريل 2024

أضواء المسرح تتلألا من جديد

مقالات25-7-2023 | 05:21

لأول مرة منذ سنوات نشهد أضواء المسرح تعود إلى التلألأ من جديد بعد أن كدنا نفقد الأمل في عودتها،  والمسرح لمن لا يعلم قيمته يطلق عليه " أبو الفنون " لأنه أول فن يشاهده العالم أجمع منذ ما يقرب من ٢٥٠٠ عام.

وقد ظهر فن المسرح فى بداياته الأولي كتعبير عن بعض الطقوس الدينية فى الحضارات القديمة مثل الحضارة الفرعونية والإغريقية والرومانية ويري البعض أن تسميته بابو الفنون ترجع أيضا إلى انه يجمع كل فنون الأداء من تمثيل ورقص وغناء.

وللمسرح أهميته الكبري التي قد لا يدركها البعض بل و هم يدعون انه سوف يندثر بمرور الوقت مع ظهور الأشكال المختلفة للفنون من إذاعة وسينما وتليفزيون واليوم منصات العرض في العالم الافتراضي، ولكن بعض فرسان المسرح ما زالوا مؤمنين بأنه سيظل علي قيد الحياة مهما مرت عليه السنوات، ومهما انتشرت تلك الأشكال الأخرى من الفنون، من هؤلاء الفرسان الدكتور خالد جلال والذي عرفته منذ سنوات طويلة  وهو يصول ويجول علي خشبة مسرح الهناجر للفنون، وكان آنذاك أحد أعضاء فرق المسرح الحر للهواة و الذين أقاموا مهرجانًا لعروضهم علي هذا المسرح، وقدم خالد جلال وقتها تناول مسرحي جديد للنص الفرنسي دكتور كنوك أخرجه وشارك فيه بالتمثيل أيضا.

وكانت الدكتورة هدي وصفي رئيس المركز في ذلك الوقت تتبني كل فرق الهواة في مصر وفتحت لهم أبواب المسرح علي مصراعيها ليختبروا بتحاربهم مدي قدراتهم الإبداعية ودأبت هدي وصفي علي مناقشة كل عرض بعد انتهائه، مع مجموعة من النقاد و الصحفيين المهتمين بالمسرح، وبالإجماع اختاروا عرض خالد جلال كأفضل العروض المقدمة.

ودعت الدكتورة هدي وزير الثقافة آنذاك الفنان فاروق حسني لمشاهدة المسرحية، ومن هنا كانت بداية مشوار خالد جلال مع المسرح الذي عشقه وبنى على هذا العشق كل أحلامه واستمرت الرحلة بعد سفر جلال للأكاديمية المصرية بروما للحصول علي منحة وزارة الثقافة للمتميزين في عدة مجالات فنية، و بعد عودته تولي مسئولية رئاسة مسرح الشباب.

وللذين لا يعرفون خالد جلال جيدًا أقول انه صانع نجاح في كل مكان يتواجد فيه و في كل منصب جديد يتقلده، وهو أيضا الباحث دائمًا عن المواهب المدفونة التي تحتاج إلي يد خبيرة تمتد إليها لتصقلها، وهذه الشعلة المتقدة دائمًا من النشاط "ما شاء الله " أحد أهم العناصر التي حافظت علي استمرار المسرح طوال السنوات الماضية، من خلال ورشة إعداد الممثل التي أقامها و يشرف عليها في مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا والتي استطاع أن يحولها إلى مركز متخصص في اكتشاف المواهب التي أصبحت تملأ الساحة الفنية.

وعندما تولي الفنان المبدع قطاع شئون الإنتاج الثقافي فوجئت كما أعتقد أن الكثيرون فوجئوا مثلي بحركة كبيرة داخل القطاع الذي كان شبه ميت لسنوات عديدة، وأضاءت الأنوار كل الحجرات المغلقة، وشاهدنا العديد من العروض الفنية مختلفة الأشكال والألوان، وأصبحت ساحة مركز الهناجر للفنون ملتقي للنجوم والاحتفاليات التي تحتفل بها مصر كلها، ولأول مرة هذا العام  يقيم خالد جلال مؤتمرًا صحفيًا لإعلان خطة عروض مسارح الدولة بعد توليه الإشراف  علي البيت الفني للمسرح.

وهنا نعود إلى بداية حديثنا عن أضواء المسرح التي عادت تتلألأ من جديد بفضل نشاط و دأب رجال البيت الفني تحت قيادة رئيسهم الجديد و إيمان الفارس الدؤوب و أمثاله من الفرسان هو الذي حافظ و سيحافظ على فن شهد عمالقة وقفوا على خشباته و مجرد وقوفهم علي هذه الخشبات كان يؤهلهم لاقتحام أي مجال فني آخر بثقة واقتدار.

فالفنان الذي يواجه الجمهور مباشرة كل يوم ويتلقى استحسانه وقتيا لا يهاب أن يقف أمام كاميرات السينما والتليفزيون فقد تعود أن يذاكر دوره جيدا ويحفظه عن ظهر قلب ويؤديه بصوت عريض ومخارج ألفاظ سليمة، وهو يدرك تمامًا ان الهفوة الصغيرة لن تمر علي الجمهور مرور الكرام، وأنه سيدفع ثمنها فورًا وبدون إبطاء.

ولأنه يحترم هذا الجمهور احترامًا كبيرًا كما يحترم نفسه و فنه وإبداعه يحرص علي عدم الوقوع في أي خطأ مهما كان صغيرًا، فأهلا بموسم مسرحي مفعم باللهجة و الإبداع وتألق مجموعة من شباب النجوم في التمثيل والإخراج والاستعراض، وأهلا ببيت فني شاب نتمنى أن يستمر.

Dr.Randa
Dr.Radwa