الأحد 5 مايو 2024

رحلة كفاح قلب الثورة الرحيم .. حكمت أبوزيد في ذكرى وفاتها

الدكتورة حكمت أبو زيد

تحقيقات30-7-2023 | 11:46

نيرة سعيد

اليوم تحل الذكرى 21 لوفاة صاحبة النضال الأنثوي، التي قطعت الآلاف التحديات جعلت سيرتها خالدة في الأذهان إلى الآن،  الدكتورة حكمت أبو زيد، لقبها الزعيم جمال عبد الناصر بقلب الثورة الرحيم، كما أصدر الزعيم قرارا بتعييها وزيرة للشؤن الاجتماعية، فكانت أول مصرية تتولى منصب وزيرة عام 1962، وتصبح بذلك ثاني سيدة في العالم العربي تتولى منصب وزير، بعد  نزيهة الدليمي أول وزيرة عربية، ورحلت عن عالمنا عن عمر يناهز90 عاما بعد معاناة لفترة طويلة مع المرض.

نشأة حكمت أبو زيد ونضالها منذ الصغر

رغم اختلاط حكمت أبو زيد بالآلاف الفتيات بقريتها، لكن البيئة التي صنعها لها والدها جعلتها بعالم آخر سخر لها حياة النضال التي عاشت به، نشأت الدكتورة حكمت أبو زيد بقرية الشيخ داود التابعة للوحدة المحلية بصنبو بمركز القوصية من تلك القرية التي ولدت بها في 1922، وكان والدها ناظرا، بالسكك الحديدية واهتم بابنته وتعليمها اهتماما شديد حيث سخر لها إمكانية السفر يوميا من قريتها إلى بندر ديروط لتتلقى التعليم بالمدارس الإبتدائية والإعدادية،حتى جاءت المرحلة الثانوية فتغربت حكمت أبو زيد عن أسرتها لتكمل مسيرتها التعليمية التي بدأتها، وذهبت بمدرسة حلوان الثانوية بالثلاثينيات من القرن الماضي.

تلك المناضلة الصغيرة التي اعتدات السفر والمثابرة منذ نعومة أظافرها، فضلت العلوم الاجتماعية لاهتمامها الوطني بالمجتمع الإنساني بعد أن التحقت بقسم التاريخ بجامعة فؤاد الأول التي أصبحت فيما بعد جامعة القاهرة، حيث كان عميد الكلية وقتها الدكتور طه حسين، الذي تنبأ لها بمكانة رفيعة في المستقبل وهذا بالفعل ما حدث، والجدير بالذكر هو استغناء الدكتورة حكمت أبو زيد عن الالتحاق بقسم اللغة الفرنسية رغم تفوقها في هذا المجال، وفضلت أن تناضل من أجل رؤيتها ورسالتها الواضحة بالحياة.

حكمت أبو زيد امرأة لم تفقد ذاتها القومية لآخر حياتها

لم تكتف حكمت أبو زيد بهذا القدر الهائل من التعليم قياسا بالظروف آنذاك، بل استطاعت أن تحصل على دبلوم التربية العالي من وزارة التربية العالي من وزارة التعليم بالقاهرة في 1944 ثم على الماجستير من جامعة سانت آندروز باسكتلندا في 1950 ثم على الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن بإنجلترا في 1955، وعادت لمصر في نفس العام فور حصولها على الدكتوراه، وتم تعيينها فورا في كلية البنات بجامعة عين شمس، وانضمت إلى فرق المقاومة الشعبية حتى حدثت حرب 1956، فبدأت تتدرب عسكريا مع الطالبات.

وسافرت إلي بورسعيد مع سيزا نبراوي وإنجي أفلاطون وكن يشاركن في كل شئ من الإسعافات الأولية حتي الإشتراك بالمعارك العسكرية وعمليات القتال العسكري. الخلاف مع الرئيس وفي عام 1962م أختيرت الدكتورة حكمت أبو زيد عضو في اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومي 1962م ومن خلال ذلك دارت مناقشاتها حول بعض فقرات الميثاق الوطني مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكانت تميل إلي الخلاف في الرأي مع الزعيم الراحل حول مفهوم المراهقة الفكرية ودعم العمل الثوري مما آثار الإعجاب الشديد من قبل الزعيم عبد الناصر بها.

حكمت أبو زيد تفتح المجال للمرأة العربية بتولي المناصب القيادية

أصدر الزعيم جمال عبد الناصر قرارا جمهوريا بتعين الدكتورة حكمت أبوزيد وزيرة للشئون الاجتماعية في اوائل السيتنات، لتثبت من خلاله كفاءة منقطعة النظير، وتكون قدوة لكل النساء العربية في تولي المناصب القيادية، حيث استطاعت عن طريق هذا المنصب تحويل الوزارة إلي وزارة مجتمع وأسرة كما نقلت نشاطها لكافة القري والنجوع بالجمهورية بإنشاء فروع لها، مشروعات لها تاريخ وأقامت للمرة الأولي في التاريخ عدة مشروعات رائعة مازالت مستمرة حتي يومنا هذا منها مشروع الأسر المنتجة ومشروع الرائدات الريفيات ومشروع النهوض بالمرأة الريفية كما قامت بحصر الجمعيات الأهلية وتوسعت أنشطتها وخدماتها التنموية. تطوير الجمعيات الأهلية وفي عام 1964م ساهمت بوضع قانون 64 وهو أول قانون ينظم الجمعيات الأهلية.

 يعود الفضل لها  في تطوير العمل الإجتماعي والرعاية الأسرية من خلال توليها منصب الوزارة ما جعلت للمرة الأولي من مهام وزارتها ضم رعاية مؤسسة الأحداث بكل مشاكلها مما يعد خطوة حاسمة وفعالة في العناية بهؤلاء الأحداث، وفي السبعينات اختلفت الدكتورة حكمت أبو زيد مع قرار الرئيس الراحل محمد أنور السادات لمبادرة السلام مع إسرائيل، وشككت في النوايا الصهيونية للأمة العربية، وتلقت اتهامات مختلفة وتم مصادرة أملاكها تحت الحراسة وإسقاط الجنسية المصرية عنها، وتحولت إلى لاجئة سياسية لعشرين عاما، وفي فبراير عام 1991م أصدرت المحكمة العليا قرارها بالغاء الحراسة على ممتلكاتها وحقها في حمل جواز السفر المصري والتمتع بالجنسية المصرية وفور علمها بذلك قررت العودة لأحضان الوطن الذي عاشت لأجله، إلى أن توفيت في مثل ذاك اليوم عن 90 عاما عن 30 يوليو 2011، لتضرب أروع أمثلة النضال الوطني المعاصر.