الإثنين 29 ابريل 2024

السعادة مسار إجباري

مقالات2-8-2023 | 20:22

كثيرًا ما نشعر بالصخب وهو يحاول مهاجمتنا منتهزًا كل الفرص لاقتحامنا والسيطرة علينا، إنه بارع في انتزاع إحساسنا بالهدوء والسكون، فهو يهدد بالاستيلاء على نصيبنا من حريتنا وسعادتنا، نرى الأيام تتسابق والساعات تتلاحق كأن حسابات الأزمنة التي مرت بنا من قبل قد اختلت، فأصبحت تأتي بنتائج ليست في صالحنا مطلقًا ، كنا في الماضي نشعر بأن الزمن يسير على مهل، يبطيء ويتمهل من أجل منحنا فرصة أكبر للاستمتاع بالحياة، يجاهد لكي يوفر لنا وقتًا كافيًا لاستيعاب جمال الأشياء ودقة تفاصيلها، كانت السعادة خطوة تقترب منا وهى محملة بالخير والبركة، تهبط علينا في أمان لتستقر في قلوبنا تسكنها وتحميها من الشعور بالآلام والأحزان.

مازلت أنتظر مثلكم أقف على الطريق بجواركم أنتظر عودة صورة قديمة تتنفس عبقًا من الماضى، أشتاق لذكرى جميلة مرت في زمن جميل، لأحتضنها بسعادة وسرور، أشير بيدي للحظات مرت أستوقفها لأتأملها، حلوة كانت أو مرة أنا لا أهتم بهذا كل مايهمني أنها آتية من الماضي، أقبلها بكل تفاصيلها دون جزع أو شكوى، كثيرًا ماتحمل ذكريات الماضي أحداثًا مختلطة ، كنا نضحك علي بعضها حد البكاء، وإذا بكينا لسبب ما، كنا نعود ونذكره لنضحك ، نحوله ببساطتنا إلى أمر عادي مقتنعين بأنه سيمر كما مر غيره.

المغالاة لم تكن من ضمن أدوات تفكيرنا، والمبالغة لم تكن ضمن فلسفتنا، عالمنا كان رحبًا ومودتنا كانت خالصة، لم تكن هناك شخصيات تنثر همومها على غيرها لتتخلص منها في أنانية غير مسبوقة كما يحدث الآن، كان الإنسان يعيش كل أقداره راضيًا غير شاكيًا، يحصد من سعادته ما يستطيع حصاده ليهدي به غيره، كان ودودًا عطوفًا، رحيمًا بنفسه والآخرين، أما اليوم فنحن نراه يتفنن في نسج أحزانه الوهمية مدعيًا انعدام إحساسه بالسعادة ويشكو دومًا من سوء الحال، ليتنصل من قول "الحمد لله أنا بخير "، ستجده في بعض الأحيان إن لم يكن أغلبها يعيش في رغد وسعادة وستر من الله ولكنه لا يراه.

قد نتعثر في بعض خطواتنا أعلم هذا، ولكن كل فرد منا لديه مايكفيه من تحديات وصعاب، إن كان سويًا ستجده حامدًا شاكرًا لله، وإن كان سيئًا ستجده سعيدًا بالتخلص من كآبته وشكواه غير مبال بأثرها على محدثه، لسنا في حاجة للمزيد من الإرباك والشكوى لقد حفظنا حديثهم عن ظهر قلب من كثرة التكرار، إنهم يجيدون تشويه الحقائق ويحولون بجبروتهم النور إلى ظلام.  

إن هذا الحديث أصبح أمرًا متكررًا، وواقعًا ملموسًا وأسلوبًا متبعًا في أغلب المجتمعات، كانت هذه الطرق تنتشر في الماضي حيث كان الجهل يحرك عقول أصحابه، فيجعلهم ينفذون مايأمرهم به دون جدال أو نقاش، أوضاع تنذر بالخطر أراها تتقدم لتنشر أفكارها بين المثقفين وغير المثقفين، إنها تهدم وتشوه صورة المجتمع المصري التي كنا نألفها من قبل، علينا أن نواجه هذه الموجات العاتية بنشر الوعي وتبصير هؤلاء بضرورة العمل وصناعة الأمل من أجل الحفاظ على الشخصية المصرية كما كانت شخصية واعية متفائلة مقبلة على الحياة.

Dr.Randa
Dr.Radwa