كتبت: شيماء أبو النصر
وزيرة مالية البيت المصرى ومسئولة خزانته العامة، تحدد أوجه الإنفاق والأولويات، وتفكر دائما فى حلول غير تقليدية لتقليل العجز الدائم بين احتياجات بيتها وطلبات أبنائها من جهة وراتبها وزوجها معا، إنها المرأة المصرية التى تزداد مسئوليتها إذا لم يكن للأسرة عائل غيرها، ومع توجه الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى دعمها سواء كانت امرأة عاملة أو معيلة ، يبقى التساؤل كيف يمكن تحقيق أهداف استراتيجية 2030 فيما يتعلق بدعم المرأة اقتصاديا وما هى آليات تمكنيها فى هذا الصدد؟
أكد موقع الأمم المتحدة لتمكين المرأة إلى أن عملها يضيف 28 تريليون دولار أمريكى أو 26% للناتج المحلى والإجمالي العالمى، وبإخضاع 500 شركة للدراسة وجد أن الشركات التى لديها تمثيل للمرأة فى المناصب الإدارية تحقق عائدا لحقوق المساهمين بنسبة 34% من الشركات الأقل تمثيلا للمرأة.
وفى هذا السياق ترى د. يمنى الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن التمكين الاقتصادى للمرأة يعنى انتقالها من موقع قوة اقتصادى أدنى إلى آخر أعلى، ورفع القدرات البشرية والمادية لها من خلال مساعدتها فى الحصول على فرص عمل مناسبة وقيادة أعمال ومشروعات تعود بالفائدة عليها ومجتمعها، ويمنحها استقلالية مادية مباشرة، ولا يمكن إغفال أهمية التمكين الاقتصادي للمرأة المعيلة من خلال مساعدتها على التوظيف أو الالتحاق بالمشروعات المتوسطة وإقامة مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر لتوفير دخل شهرى منتظم لها، مع مراعاة الخلفيات الثقافية والقدرات المهنية للنساء بما يتوافق وظروف المجتمع المحلى.
وأشارت إلى أن تدريب المرأة أحد أدوات التمكين الاقتصادى، مشددة على أهمية توفير دراسات الجدوى اللازمة لإقامة المشروعات وتوجيه السيدات لمجالات العمل التى تصلح كمشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، وإتاحة التكنولوجيا المتقدمة لزيادة الإنتاج، لافتة إلى التجربة الهندية والصينية فى مجال الحرف اليدوية والتى نجحت فى تحويل المنازل إلى وحدات إنتاجية مصغرة فى إطار هيكل إنتاجى أكبر يوفر الخامات والأدوات التكنولوجية والتدريب عليها ثم التسويق للمنتج النهائى، مؤكدة أن ضعف آليات الاستهداف والثقافة المجتمعية، وغياب التخطيط والنظرة الكلية يمثلون عائقا أمام تنفيذ استراتيجيات تمكين المرأة، داعية المجلس القومى للمرأة ووزارة التخطيط وهيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى تكاتف جهودهم لتحقيق التمكين الاقتصادى للمرأة.
مذكرة تفاهم
من جانبها تؤكد د. أمنية حلمى، مدير مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن للبنوك دورا كبيرا فى عملية التمكين الاقتصادى للمرأة لأنها من أفضل القطاعات المنظمة والتى تعمل بمهنية واحترافية عالية، إلى جانب عملية التمويل التى تعد من أهم أعمدة التمكين، إلى جانب قدرتها على تحقيق الشمول المالى وزيادة أرباحها، كما أنها يمكن أن تساهم فى تشبيك صاحبات الأعمال لمساعدتهن على التسويق، وخلق علامة تجارية عالمية لمنتجاتهن عن طريق تأسيس شركات للتسويق، وخلق صورة ذهنية عن المنتجات المصرية، ومن هنا تأتى أهمية تخصيص البنك المركزى المصرى قروض للسيدات فى الريف المصرى بفائدة أقل من 5% ، إلى جانب أهمية توفير المادة الخام والتدريب للسيدات والتسويق لهذه المنتجات، كما يمكن أن تخصص البنوك 1% من أرباحها للمرأة المعيلة كقرض حسن، والأهم هو ثورة لتغيير نظرة المجتمع للمرأة، وعلاج المشاكل البيروقراطية التى تعيق تأسيس المشروعات للرجل والمرأة.
وفى هذا الإطار تم توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس القومى للمرأة والبنك المركزى لتنظيم التعاون بين الطرفين فيما يتعلق بدعم وتمكين المرأة المصرية اقتصاديا ومنحها فرص عمل عادلة ودخلاً مناسباً تستطيع إدارته واستثماره أو إدخاره لرفع مستوى معيشتها، وضمان حياة كريمة تنعكس على أفراد أسرتها والمجتمع ككل، وتشمل مذكرة التفاهم تحديد المجلس القومي للمرأة مجموعات من السيدات تحت مسمى "الميسرات" فى جميع محافظات الجمهورية، ليتم تدريبهن على نشر الثقافة المالية والتسويق لمنتجات البنوك، وتجميع ردود الأفعال حول احتياجات السيدات من الخدمات المالية، فضلا عن انتقاء مجموعة من الرائدات الريفيات وفقا للقواعد الصادرة من البنك المركزى حتى يصبحن حلقة الوصل بين السيدات والبنوك لتسهيل الإجراءات البنكية لإتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فضلا عن الاستعانة بقواعد البيانات الخاصة بالمجلس للوصول إلى السيدات وتحديد الفئات المستهدفة.
وأشارت إلى أهمية تعاون المجلس القومى للمرأة مع البنوك لعقد لقاءات مجمعة للتواصل مع أصحاب ومديري الشركات لعرض الخدمات والمنتجات البنكية المختلفة، ومنح تيسيرات للنساء الراغبات فى الحصول على قروض لحمايتهن من التعثر خاصة فى ظل إجراءات الإصلاح الاقتصادى، لافتة إلى تعاون المجلس مع المعهد المصرفى لتقديم دورات تدريبية فى مجال ريادة الأعمال للمرأة والشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة المملوكة أو المدارة من السيدات، موضحة أن البنك المركزى سيقوم بعدة خطوات لتشجيع المرأة على التعامل مع القطاع المصرفي منها إرساء بيئة تشريعية ورقابية ملائمة ووضع سياسات تشجيعية للبنوك لتحفيزها على تقديم خدمات ومنتجات مصرفية مخصصة للمرأة، على سبيل المثال إتاحة التمويل للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة المملوكة لسيدات.
دعم الدولة
من جانبها أكدت د. هدى يسى، رئيسة اتحاد المستثمرات العرب أن توجه القيادة السياسية يغرس الثقة بالنفس بداخل كل امرأة لدفعها للعمل والإنتاج كعاملة وصاحبة عمل، مشيرة إلى تفاؤلها بإنشاء هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتولى السيدة نيفين جامع الرئيس التنفيذى للهيئة المسئولية بما سينعكس على دعم المرأة ومساعدتها فى إقامة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ومساندتها بالتيسيرات المناسبة لها، لافتة إلى ضرورة الاستفادة من فكر المرأة الريفية والصعيدية التى نجحت فى عمل وحدات إنتاجية بسيطة، داعية الدولة إلى دعم المرأة العاملة فى جميع مراحل العمل بإمدادها بالمشورة الفنية والتدريب وتوفير الخامات وتسويق المنتجات من خلال التوسع فى عمل المشروعات التكاملية.
***
كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام 2015 أن نسبة مساهمة المرأة فى سوق العمل بلغت 22.9% من إجمالى قوة العمل من سن 15 – 64 سنة، وتمثل تلك النسبة حوالى ما يقرب من ثلث مساهمة الرجال التى تبلـغ 73.4%، فيما تبلغ نسبة الأمية للإناث 33.5 % فى مقابل 18.5% للذكور، كما ارتفعت معدلات البطالة للإناث من 22.7% عام 2011 إلى 24.2% عام 2013، بينما سجل 8.9% للذكور عام 2011، 9.8% عام 2013، فيما بلغت نسبة البطالة بين الإناث 24.2% مقابل 9.4% للذكور عام 2015، بينما بلغت نسبة النساء اللائى يعملن عملا دائما 84.7% فى مقابل 60.7% للذكور.
كما أطلق البنك الزراعى المصرى أول برنامج تمويلى للمرأة تحت مسمى "بنت مصر"، يستهدف المرأة المعيلة بإجراءات ميسرة بهدف زيادة قدرتها على الاستفادة من الخدمات المصرفية ويستهدف بصفة خاصة المناطق الريفية تماشيا مع أهداف المؤتمر الدولى للشمول المالى الذى عقد فى مدينة شرم الشيخ فى الفترة من 13 - 15 سبتمبر الجارى والذى يمثل شهادة نجاح للإصلاحات الاقتصادية التى تشهدها مصر.