يضطلع قطاع البترول المصري بمسؤولية تأمين احتياجات البلاد من الوقود البترولي بمختلف أنواعه، لتأمين توفير الطاقة اللازمة لدفع عجلة الإنتاج بعيدًا عن الاختناقات التسويقية للوقود التي أثرت كثيرًا على المشهد السياسي.. وهنا يجب أن يعلم الجميع حقائق الموقف البترولي المصري لقطاع التكرير لنبني استراتيجية تتفق وحقيقة الموقف لتحقيق أنسب الأساليب لإدارة اقتصادية ناجحة مع تأمين الاحتياجات في آن واحد.
قال الخبير البترولي مدحت يوسف، إن مصر لديها معامل تكرير بسيطة (topping-simple Refineries) من الناحية التكنولوجية، وهي النصر للبترول والقاهرة لتكرير البترول (مسطرد- طنطا) وأسيوط لتكرير البترول، وتلك النوعية من معامل التكرير لا تحقق عائدات اقتصادية بقدر ما تؤدي دورها في تأمين الاحتياجات، وذلك إذا ما قامت الدولة ببيع الخام لتلك المعامل بذات الأسعار التي تقوم بشرائها من الشريك الأجنبي، ثم قامت ببيع المنتجات من الوقود بالأسعار العالمية، والسبب أن معامل التكرير لا تحقق ربحية لإنتاجها المازوت بكميات كبيرة في ظل انحسار أسعاره العالمية.
وأوضح يوسف أن معامل تكرير شركة السويس لتصنيع البترول والعامرية لتكرير البترول والإسكندرية للبترول، تندرج تحت ما يسمى المعامل التحويلية (conversion refineries)، والمعامل الثلاثة تعاني التقادم وتعاظم الفاقد، وتحتاج إلى إعادة التحديث بالكامل من حيث البنية الأساسية، فجميع مرافقها انتهى عمرها الافتراضي منذ زمن بعيد، ولا تحقق عائدات مجزية هي الأخرى، نظرًا للتركيبة الإنتاجية التي لا تتماشى مع التركيبة السعرية العالمية للمنتجات البترولية الأعلى سعرًا.
وأشار الخبير البترولي إلى أن شركة الشرق الأوسط لتكرير البترول (ميدور)، هي المعمل الوحيد بمصر الذي يضارع معامل التكرير العالمية الحديثة، وهو من نوعية التحويل العميق (Deep conversionrefinery)، وهو الوحيد القادر على تحقيق أرباح كبيرة على أسس تسعير عالمية، إلا أنه يشهد حاليًّا نوعًا من الاضطراب نتيجة اضطراب سوق النفط العالمي صعودًا وهبوطًا خلال فترات وجيزة مع عدم استقرار واضح للأسعار العالمية للمرحلة القادمة، وتلك النوعية من معامل التكرير تعتمد بشكل كبير على نوعية الزيت الخام شريطة أن يتوافق مع التركيبة التشغيلية للوحدات التصنيعية ذات الدرجات التعقيدية العالية.
وتابع يوسف بأن شركة ميدور أعلنت مؤخرًا مشروع توسعات معمل ميدور، ليصل معدل التشغيل اليومي إلى ١٦٠ ألف برميل/ اليوم، مع استمرار التشغيل بأعلى معامل تعقيد تشغيلي بمقياس نيلسون على مستوى كل معامل الدول العربية والشرق الأوسط.
وقال الخبير البترولي إن شركة الإسكندرية للزيوت المعدنية (أموك)، وهي شركة لإنتاج الزيوت الأساسية والشموع البترولية والسولار، وشركة إنربك، وهي متخصصة في إنتاج بنزين السيارات بجودة عالية، وكانتا مشروعات توسعية لشركة الإسكندرية للبترول، ولهما رؤى تضطلع قيامهما بنظام الاستثمار لتخفيف العبء على الدولة في تدبير كامل تمويل تلك المشروعات، وهما شركتان تعملان بقانون الاستثمار الداخلي وتتميزان بالارتباط بشركة أم (الإسكندرية للبترول) وذلك بتوفير المواد الخام اللازمة لتلك الشركتين بنظام التدفيع المباشر، على اعتبار أنهما امتداد طبيعي وبأسعار تعاقدية ربطًا بالأسعار العالمية للمنتجات البترولية، واستطاعت الشركتان تحقيق عائدات مجزية طوال فترة تشغيلهما حتى تاريخه.
وأضاف يوسف أن الشركة المصرية للتكرير(ERC)، وهي بذات الأساس التكنولوجي لشركة ميدور، وهي تحت الإنشاء وستعمل بنظام الاستثمار في المناطق الحرة المجدد، بمعنى خضوعه للضرائب على الدخل، وما كان لهذا المشروع الاكتمال إلا بالتزام شركة القاهرة لتكرير البترول بتوفير المازوت (المادة الخام) للمشروع بالكامل، بمعنى عدم تعرض المشروع لمخاطر تذبذب الأسعار العالمية للزيت الخام.
وأكد الخبير البترولي أنه لابد من إيجاد مجالات تعظيم دور قطاع التكرير لتلبية الاحتياجات المتزايدة من المنتجات البترولية من خلال إعادة دعوة المستثمرين الأجانب والعرب للاستثمار في مجال صناعة التكرير، بغرض إحلال معامل التكرير الحديثة بديلًا لمعامل التكرير المصرية البسيطة التي تحمل القطاع والدولة أعباء ضخمة من الإحلال والتجديد والصيانة الوقائية والدورية والطارئة نتيجة التقادم، مع مراعاة إلغاء الضرائب على الدخل لمعامل التكرير الحديثة من النوعية التحويلية العميقة لمشروعات المناطق الحرة.
وطالب يوسف بإعادة النظر في التشريعات البيئية المتشددة غير المنطقية، لخضوعها لرغبات مجتمعية غير متخصصة.