الجمعة 17 مايو 2024

اللواء يحيى اللقانى: أول موجة عبور

5-10-2017 | 21:43

اللواء يحيى اللقانى أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، الذى كان برتبة ملازم بالجيش الثالث الميدانى وقت الحرب يروى عن مهمته فى حرب أكتوبر ويقول: كنا فى مطار كبريت ولكن عندما جاءت لحظة العبور عبرنا من جنوب البحيرات إلى القناة، بـ ٤ قوارب كنا نتحرك يوميا إلى جنوب البحيرات على القناة لعمل تجهيزات استعدادا للعبور.

اللقانى يكمل حديثه، تحركنا إلى منطقة العبور كأنه مشروع، وبالتالى كنا جاهزين للمشروع، وصلنا إلى جنوب البحيرات، وكان رمضان وفطرنا فى بيت مهجور، بعد أن دخلنا إليه من خلال سلم خشبي، يوم ٥ أكتوبر أخذ قائد السرية قادة الفصائل، وكنت أنا والملازم عبده طه العصفورى والملازم يوسف هلال إبراهيم، فوق تبة عالية، لأننا كنا نتدرب على ساتر ترابى ارتفاعه ٢٠ مترا أعلى من خط بارليف، واستطلعنا معا مراجعة خط الهجوم فى سيناء واتجاه التقدم وأعطانا مواعيد العبور ليوم غد كمشروع، وتوقيتات حقيقية، وكل ما نعرفه أنه مشروع فقط، ويوم ٥ أكتوبر ليلا انضم إلى ضابط استطلاع، وعدد من المقاتلين فزاد عدد المنضمين للفصيلة.

يتوقف اللقانى لحظات ليعاود الحديث قائلا: الساعة ١٢ ظهر يوم ٦ أكتوبر صدر أمر بأن يقوم الضباط باحتلال نقاط الملاحظة، هذه كانت أول مرة، لأن نقاط الملاحظة غالباً ما يتواجد بها عسكرى يسجل الملاحظات، وكانت هذه النقاط فوق القناة مباشرة، فنزلنا بدلا من العساكر، بعد دقائق اتصل الميز، وطلب منا أخذ الغداء، ونحن فى رمضان، فتوهمنا أنه وقت الحرب، فأخذت التوقيتات التى كانت معى موضع الجد، فهذا ليس مشروعا عاديا، ثم جاء توقيت خروج القوارب من الحفرة وبالفعل قمنا بذلك، حيث كانت هذه القوارب فى حقائب فى حفر برميلية، فتم إخراجها، ووضعها فى حفر طويلة وبدأ ٤ عساكر نفخها، وكانت مقسمة إلى غرف داخلية بحيث إذا تم ضرب الغرفة لا يتم إفراغ الهواء فيغرق القارب، ومعنا خوازيق خشبية بأنواع الأعيرة النارية، بحيث إذا تعرض القارب إلى أى طلقة نقوم بسد فتحة الطلقة التى تعرضنا لها حتى لا يغرق القارب.

نفخنا القوارب ووقف العساكر حولها، طبقا لجداول التحميل، فنحن أول موجة عبور، وأول جنود ستنزل المياه، وكل القادمين من بعدنا سيركبون قواربنا.

يستكمل اللقانى: جاء وقت فتح الثغرات الشاطئية، وكانت عبارة عن فتحة فى الساتر من جانبنا على القناة ومسدودة بشكائر من الرمل، يتم تجهيز فتحة فيها لعمل الكبارى، وأنا واقف فى نقطة الملاحظة حوالى الساعة ٢.١٠ ظهرا وجدت سربا من الطائرات عائدا من سيناء، ولم أر هذا الطيران وهو ذاهب لكن رأيته فى العودة فقط، وعند سماع صوت الطيران قبل أن يصل فوقنا قلت لنفسى هل هذا هجوم، حتى عبرت الطائرات ووجدت عليها العلم المصري، فتلونت السماء بعلم مصر وتأكدت أنها لحظة العبور، ومع آخر طائرة عبرت انطلقت طلقات المدفعية، وكانت القذفة الأولى على خط بارليف، وعندما ارتفعت الضربة الثانية للمدفعية للعمق، عبرنا القناة كموجة أولى عبور ، عبرنا وكانت سرعة التيار صفرا، والمعروف أن سرعة التيار فى القناة تتغير من وقت لأخر ولذلك أثناء عبورالموجات القادمة عادت سرعة التيار مرة أخري، فكان يجب أن نضع حلا لهذه المسألة لتصل هذه الموجات إلى نقطة ب، فكان مع كل قارب حبل وزاويتان ٢ قدم، كانوا مسئولية عسكرى بأن يقوم بوضع الزاوية بالأرض فى النقطة أ وربط الحبل بها، ويتحرك بالقارب وفى يده الحبل إلى أن يصل النقطة ب فيضع الزاوية الثانية ويربط بها الحبل، وبالتالى تصبح مثل معدية الفلاحين، كانت الأمور مدروسة تماماً نزلنا القناة ووصلنا للشط الشرقي، والحمد لله لم يكن أمامنا أى عساكر إسرائيليين، كانت الدوريات قد مرت، كل همنا أن تصبح القناة مثل الأخدود، وكانت أمامنا مواسير النبالم ولم نعرف أنها سدت.

اللواء يحيى يضيف: فى الاتجاه المحدد لنا إلى أن تصل الموجة الثانية، وتم تأمين خط بارليف، وأصبحت القوارب تاكسى القناة للجنود، وأول مرة أرى استخدام المياه فى فتح ثغرات بخراطيم المياه، يوم ٦ أكتوبر ونحن على خط بارليف، حيث تدخل مباشرة سلاح المهندسين وتم البدء فى فتح الثغرات، من خلال الشفط من القناة وفتح ثغرات، ثم بدأنا فى عمل رأس كوبرى بالاشتراك مع باقىالقوات، لعبور الدبابات عليها.

يؤكد اللقانى أن نصر أكتوبر يمثل العزة والكرامة والشرف، فالمصريون لا يعرفون المستحيل، وكانت المهمة الرئيسية فى عبور الساتر الترابى أن نصعد المدافع أولاً ثم الأفراد، والسلم كان ارتفاعه حوالى ١٧ مترًا، وبعد احتلالنا للساتر الترابى رفعنا العلم وكان السكون يخيم على الضفة الغربية للقناة، ولم يكن هناك سوى عناصر من رجالنا لتأميننا فى القناة وأخذ الجنود يهتفون “ الله أكبر.. الله أكبر”، وانتظرنا أعلى الساتر الترابى حتى عبرت الموجة الثانية من قوات المشاة، وأخذت مكاننا وتقدمنا نحن نحو سيناء واستمر القتال بيننا وبين قوات العدو الإسرائيلى فى ٦ و٧ أكتوبر، بعدها أصبت وتم نقلى للمستشفى يوم ١٧ أكتوبر الساعة ١١.٥ صباحا، وربنا كرمنا وحققنا النصر على العدو الإسرائيلى.