الثلاثاء 7 مايو 2024

نجيب محفوظ يدافع عن نفسه في 10 اتهامات (10-10)

نجيب محفوظ

كنوزنا8-9-2023 | 14:09

بيمن خليل

تحتفي الأوساط الثقافية، بذكرى رحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ، الذي رحل عن عالمنا في 30 أغسطس 2006، حيث يعد واحدًا من أهم الأدباء في النصف الثاني من القرن الـ20، وحصل على جائزة نوبل للآداب، وأصبح رمزًا ثقافيًا ومنهجًا فكريا ضخمًا في تاريخ مصر الفني والأدبي.

أثارت أفكار وكتابات الأديب نجيب محفوظ الجدل في طرح العديد من القضايا، وشهدت حياته معارك ثقافية وفكرية شرسة، أشهرها وصلت إلى تكفيره ومحاولة اغتياله - بطعنة في الرقبة - عندما أثارت روايته «أولاد حارتنا» أزمة كبيرة في الشارع المصري.

محاكمة نجيب محفوظ (المحاكمة العاشرة)

نشرت مجلة الهلال، في عددها الصادر في 1 فبراير 1970م، تحقيقًا أدبيا أعده الصحفي والإعلامي ضياء الدين بيبرس، الذي أسس هيئة قضاء أدبية مكونة من أكبر الصحفيين والنقاد ليحاكموا نجيب محفوظ، ويوجهوا له الاتهامات والأسئلة بشأن أدبه وأفكاره، وأساليبه في الكتابة.

وسوف تعيد «بوابة دار الهلال» بمناسبة ذكرى وفاة نجيب محفوظ الـ17،  نشر هذا التحقيق الرائع الذي أصبح نادرًا وتراثًا قيمًا، وذلك على مدار «عشر أيام» بدءًا من اليوم، حتى يتثنى للقراء سهولة القراءة والاطلاع على هذا التحقيق ومعرفة الاتهامات والأسئلة التي وجهها كبار الصحفيين والنقاد للأديب الكبير نجيب محفوظ.

10 نقاد و10 قضايا في محاكمة نجيب محفوظ

من الطبيعي أن يثير أدب نجيب محفوظ قضايا نقدية وفكرية عديدة.. وفي هذه «المحاكمة» يقف نجيب محفوظ أمام هيئة تتكون من 10 نقاد وأدباء، قدم كل منهم اتهاما أو سؤالا إلى الفنان الكبير وتولى نجيب محفوظ الرد – بقلمه – على هذه الاتهامات أو الأسئلة المختلفة.. بصراحة ووضوح..

المحاكمة العاشرة:

دكتور مصطفى سويف (ترجمة ذاتية صادقة)

عزيزي الأستاذ نجيب محفوظ:

ألم تفكر في كتابة سيرة لإحدى رواياتك تؤرخ لفكرتها ومراحل تطورها كما فعل توماس مان عن كتابه «دكتور فاوست».. ثم ألم تفكر في كتابة ترجمة ذاتية صادقة وشاملة بالرغم مما قد تمسه من موضوعا حساسة؟

 

(إني أفكر إذن أنا غير موجود)

رد نجيب محفوظ على دكتور مصطفى سويف:

عزيزي الدكتور مصطفى سويف:

الحق أن كتابة سيرة ذاتية لإحدى رواياتي لم تخطر لي ببال، وللأسف لم أقرأ دكتور فاوست بالرغم من حبي القديم لتوماس مان، بل إني لا أتصور كيف يمكن كتابة سيرة لرواية جديدة فلعلي أستطيع أن أحصل على نسخة من دكتور فاوست لأدرسها وأفكر من جديد في اقتراحك..

أما فكرة السيرة الذاتية فهي تراودني من حين لآخر.. أحيانا تراودني كسيرة ذاتية بحتة وأخرى تراودني كسيرة ذاتية روائية.. ولكن الالتزام بالحقيقة مطلب خطير ومغامرة جنونية وبخاصة وإنني عايشت فترة انتقال طويلة تخلخت فيها القيم وغلب الزيف واتقسم فيها كل فرد إلى إثنين، أحدهما اجتماعي تليفزيوني والآخر ينفث حياة أحرى في الظلام..

يا عزيزي الدكتور..

أنا أفكر إذن فأنا غير موجود

 

ضياء الدين بيبرس (الختام)

عزيزي الأستاذ نجيب محفوظ:

لا أستطيع، وقد أسهمت مع هذا الفيلق الشامخ من نقادنا ومفكرينا في تخطيط هذا النهر الخصب المتدفق من الأسئلة، ثن وقد وليت عنهم في حملها إليك، وبذلك أكون أدرت أول ندوة أدبية بالمراسلة.. أقول لا أستطيع أن أقاوم إغراء البحث لنفسي عن مكان آخر هذا الصف المهيب من ذوي الجباه العالية.. وذلك أكون قد تذوقت مائدة حافلة شاركت في اعداد صنوفها وقديما كان الطاهي يذوق الطعام قبل الملوك كنوع من الأمن الوقائي..

والسؤال الذي أحب أن أشارك به في هذه الندوة هو: ماذا سيبقى من نجيب محفوظ للتاريخ؟

أعرف جيدا أنك تسخر من فكرة الخلود في الفن، لمست هذا من صهر أسبوع كامل مع تسعين حديثًا وحوارا لك في عشرات الصحف والمجلات المصرية والعربية لأختار منها رحيق فكرك وخلاصة حياتك.. ولكنك كمن يحرص على الموت فتوهب له الحياة.. وقد فرضت نفسك على الخلود أو فرض الخلود نفسه عليك رضيت أم أبيت.. والذي أطح إليه هو أن أظفر منك بتقييم ذاتي لمراحل تطورك، وأيها، في رأيك، سيظل في دائرة الضوء.. وأيها سيختار في تواضع أن يتوارى في دائرة النسيان؟

 

(الثلاثية ستبقى)

رد نجيب محفوظ على ضياء الدين بيبرس:

عزيزي الأستاذ ضياء الدين بيبرس..

نحن في زمن العلم والتطور السريع.. ما كانت تقطعه الإنسانية في دهر ستقطمه في يوم، كل ساعة سيخلق ذوق جديد وتذوق جديد.. وبفضل التعليم العام ستظهر مواهب لا حصر لها، يعطى كل عطاءه ويذهب مشكورا، لقد أمكن حتى اليوم أن يطلع المثقف على التراث أو أكثره ولكن ماذا يصنع غدا إذا نظر وراءه فوجد  الآلاف بل الملايين من الفنانين والأعمال الفنية لن يبقى له إلا أن يستوعب عصره وربما العصر المؤثر فيه مباشرة، وما الحاجة إلى الرجوع إلى وراء في عصر يكشف كل ساعة عن جديد؟

لن يبقى هنا شيء وما ينبغي له، لن يبقى من فننا شيء ولكن تبقى مصر لمن يحب ولمن يحب أن يراجع بعض صفحاتها القديمة.. ربما لهذا السبب وحده تبقى - أو تقترب من البقاء - الثلاثية أو زقاق المدق، لا كأعمال فنية ولكن كوجه من وجوه مصر.

 

Egypt Air