الجمعة 27 سبتمبر 2024

الحب أم العقل .. أيهما يداوي جراح الأمس ؟

10-10-2017 | 13:28

تحقيق : إيمان عبد الرحمن

كشابة سبق لى الزواج، أحمل فى نفسى عذاب السنين وعلى عاتقى لقب مطلقة، أفتش جاهدة بين بقايا أحلامى علنى أجد رجلا ينسينى مرارة فشل التجربة، لكن كيف يكون ذلك؟ وهل أختار من ينبض له القلب أم أرضى بقواعد المنطق وحسابات العقل؟ وهل أتزوج من له تجربة مماثلة أو صاحب الذاكرة البيضاء لأكون أول من تحفر أحرف أسمها على حائطها؟ أسئلة كثيرة طرحتها وحيرة أكثر أعيشها، فكانت تلك السطور.

فى البداية التقيت بمجموعة نساء سبق ومررن بمشاعر مماثلة وكلى أمل ورجاء أن أجد لدى إحداهن دليل يرشدنى لاختيار أعوض به معاناتى فحدثتنى صديقة ترملت منذ سنوات قائلة: عليكِ تحكيم العقل فى الاختيار، فبعد وفاة زوجى أغلقت بوابة قلبى واكتفيت بأبنائي، لكن بمرور الوقت أحسست بحاجتى لرجل أنعم معه بالحب، وعندما وجدته وعلمت أسرة زوجى بحكايتى معه، خيرونى بن زواجى من شقيق ابنهم الراحل والاحتفاظ بأبنائي، أو بمن اختاره قلبى وترك صغارى تحت رعاية عمهم، فذبحت قلبى واخترت أولادي.

صديقة أخرى مرت بزيجة فاشلة، فخضعت لأحكام العقل عند إعادة التجربة فتقول: عندما فكرت في الزواج ثانية، اخترت رجلا لا ينجب لأضمن حسن معاملته لصغاري حتى وإن كان يكبرني في السن، كنت أريد بيتا وأبا يعوض أولادي قسوة والدهم، وبالفعل حظيت بعلاقة ناجحة.

بينما فاجأتني قريبة لى بنصيحة تعجبت منها حين قالت: لا تفكري في الزواج من رجل آخر، ستخوضين التجارب ثم ستجدين أن زوجك الأول هو الأنسب، لكنك لم تر مميزاته، فإحدى معارفها بعد فشل زواجها خاضت عدة تجارب عاطفية لتكتشف بعدها أن زوجها الأول هو الملاذ الآمن خاصة مع وجود أبناء بينهما لذا عادت إليه مرة ثانية.

ومع نصيحتها الأخيرة ازدادت حيرتي، فلا مفر من التفكير المنطقي، لكن ماذا لو كان العقل وحده ليس كافيا لأتخذ على أساسه قرارى، ذهبت لأعرف آراء الرجال، فحدثني قريب مطلق في منتصف العقد الرابع قائلا: حين فكرت في الزواج اخترت شابة في أواخر العشرين رغم أن لي أبناء، ولأنها قلت فرصتها في الارتباط ارتضت بى زوجا لها ووعدت برعاية صغارى، وما أن جمعتنا أربعة جدران حتى دبت الخلافات، فهي لا تريد تحمل مسئولية الأولاد، فكان الطلاق نهاية حتمية لهذا الخلاف، والآن ينصحني الكثيرون بالزواج من مطلقة لا تنجب أو أرملة ليس لديها أبناء.

لضمان النجاح

لم أجد جوابا يبصرنى فى حيرتى فذهبت لكتاب عبروا عن مشاكل مماثلة لحالتي عبر أعمالهم الأدبية منهم الكاتبة الكبيرة وفية خيري، سألتها هل يجب اختيار من له نفس الظروف لضمان نجاح الزيجة فأجابتني: نعم، من الأفضل اختيار المشابه في التجربة لأنه عايش التجربة بتفاصيلها، ومن ثم يصبح أكثر تفهما، على عكس الاختيار غير المتكافئ فقد يعقد الأمور خاصة حال وجود أبناء.

انتهيت من حديثي معها لأقع في دوامة من الأفكار، هل وجود أبناء من زيجة سابقة عائق أمام الزواج الثاني؟ فأجابتني الكاتبة سلمي شلاش قائلة: أحياناً يكون الأولاد سبباً في إنجاح العلاقة الزوجية إذ استوعب كل طرف صغار الآخر، ما يساعد على خلق مناخ أسري جيد، وفى حالة عدم إنجاب أحد الطرفين  يكون أبناء الآخر عوضاً له لذلك أرى أن الأبناء لا يشكلون أي عائق.

معايير الاختيار

سألت الكاتبة الصحفية هالة البدري، التي أشرفت على باب مشكلات القراء بمجلة الإذاعة والتليفزيون عن معايير اختيار الزواج الثاني فأجابتني قائلة: أسس الاختيار لكل من الرجل والمرأة واحدة، أولا يجب دراسة أسباب فشل التجربة السابقة ومعرفة عيوبه بصدق، ومناقشة ذلك بوضوح مع الطرف الجديد، ومصارحة الآخر باحتياجاته  وتوقعاته من هذه الزيجة حتى لا تتكرر التجربة بفشلها مرة أخرى.

وتابعت: التضحية ليست فرضا على المرأة، كما أنها ليست مجبرة على التنازل عن أي حق من حقوقها لأى سبب كأن تكون تقدمت فى السن ولم يسبق لها الزواج فترضى بمن يكبرها سنا أو من تزوج سابقا وله أولاد وعليها أن تربيهم.

حصار المجتمع

هذا عن رؤية المبدعين لكن هل المجتمع يفرض علينا خيارات محددة حال الزواج ثانية؟ وماذا عن الفترة الزمنية التي يجب أن نجتازها قبل خوض تجربة جديدة؟!

تقول د. نادية رضوان، أستاذة علم الاجتماع بجامعة السويس: يضع المجتمع المرأة التى سبق لها تجربة زواج فاشلة اختيارات معينة نتيجة نظرته السلبية للمطلقة، لكن لضمان الاختيار السليم في الزواج الثاني يجب تحكيم العقل في مدى ملائمة الطرف الآخر لنا ووضع العواطف جانبا حتى نتجنب تكرار فشل الزيجة الجديدة، وفي حالة وجود أطفال يجب التأني في الاختيار والتأكد من قبول الطرف الآخر لهم.

وتنصح د. إيمان عبدالله، استشاري العلاج الأسري والصحة النفسية بعدم التسرع في الاختيار وأخذ فترة راحة بعد الزواج الأول لاستجماع القوى النفسية حتى لا نقع في فخ الفراغ العاطفي الذي يسبق فشل أي علاقة، وتحذر من تقبل المرأة بأي زيجة بعد طلاقها لمجرد كلام الناس أو هربا من الأهل حتى لا توقع نفسها في مشاكلة أخرى.

خطوط حمراء

 بعد كل ما سابق تساءلت، ما هي الخطوط الحمراء التي يحذر الاقتراب منها  حال الارتباط ثانية؟

يقول د. محمد عبدالفتاح، أستاذ ورئيس قسم علم النفس سابقا بآداب المنيا: إياك الحديث عن تفاصيل الحياة الزوجية السابقة أو أسرارها، لأن هذا يسيء إلى الزوج الثاني، أو ذكر الزوج السابق والمدح فيه أمام الزوج الجديد، حتى لا تشب نار الغيرة في قلب شريك حياتك، ويترك ذلك  أثرا نفسيا عليه فينعكس فيما بعد على تعاملاتكما.