بقلم – محمد الشافعى
وقف الشاب النحيل طالب الثانوى مبهوراً.. عندما رأى شباب «المنطقة».. وقد تحلقوا حول زميلهم العائد من الجيش مرتدياً «زى الصاعقة المموه».. ذلك الشاب الذى كان عابثاً وخفيفاً ولا يحظى بأى تقدير تقريباً.. ها هو يتلقى الإعجاب والتقدير من أقرانه بعد أن تحول إلى إنسان آخر ملىء بالحيوية والجدية بعد أن صهرته «بوتقة الجيش».
وقبل أن ينفض الشباب عن زميلهم كان الفتى مجدى أحمد شحاتة.. قد حسم أمره واختار الحياة العسكرية.. ولذلك عندما أنهى دراسته الثانوية كان اختياره الأوحد والوحيد.. الذهاب إلى الكلية الحربية.. واستطاع اجتياز كل الاختبارات.. وكان طالباً جاداً ومجتهداً مما أهله بعد التخرج فى عام ١٩٦٩ للالتحاق بقوات الصاعقة.. وانضم إلى الكتيبة ٢٥٧ صاعقة.. أيام قليلة ذهب للحصول على فرقة صاعقة.. وبعدها فرقة كاراتيه.. واستمرت الفرقتان ستة أشهر.. تحركت خلالها كتيبته إلى ليبيا لتأمين الثورة الليبية.. فواصل الملازم الشاب الحصول على الفرق التخصصية وحصل على فرقة هاون.. وبعدها التحق بإحدى الكتائب.. وهى كتيبة صاحبة رصيد كبير من العمليات القتالية ضد قوات العدو الصهيونى خلال حرب الاستنزاف.. وبعد فترة قصيرة تحرك مع كتيبته الجديدة إلى ليبيا وكان ذلك فى عام ١٩٧٢، واستمرت المهمة لمدة عام كامل.. وعادت الكتيبة من ليبيا فى يوليو ١٩٧٣ وترقى شحاتة إلى رتبة النقيب.. وذهب مع كتيبته إلى الإسكندرية لينضم إلى مجموعة صاعقة يقودها العميد كمال عطية.. أحد رموز الصاعقة المصرية «المجموعة تتكون من عدة كتائب».. وعملت الكتيبة على استكمال احتياجاتها من الأسلحة والذخيرة.. وفجأة جاءتهم الأوامر فى منتصف أغسطس.. بالتحرك إلى منطقة الزعفرانة «وادى الكريمات».. وتأكد كل أفراد الكتيبة أن هذا التحرك يعنى حتمية وجود عمليات.. وصلت الكتيبة إلى الزعفرانة فى اليوم الأول من رمضان.. وصدرت الأوامر بعمل التجهيزات التى تؤكد قرب بداية العمليات، وفى يوم التاسع من رمضان تم توزيع الجنود والضباط على الطائرات.. للقيام بعملية خاصة.. اتضح أنها عملية إبرار خلف خطوط العدو..
وفى الفترة من الثانية والنصف حتى الثالثة ظهر يوم السادس من أكتوبر.. تحركت الطائرات وعلى متنها أبطال الصاعقة.. ست طائرات من إحدى الكتائب ، ١٢ طائرة من الكتيبة صاعقة.. وكان النقيب مجدى شحاتة قائداً لمجموعة الطائرة الأولى.. والتى ذهبت به ومعه ملازم محمد عبدالمنعم، ٢٣ جنديا إلى وادى فيران.. وبعد عشرين دقيقة تحركت خمس طائرات فى اتجاه منطقة أبو رديس.. وتحركت بقية الطائرات إلى وادى سدر.. وكان المخطط أن تعود هذه الطائرات مرة أخرى محملة بالمزيد من الجنود.. وكان المفترض أن تتحرك هذه الطائرات فى حماية الطائرات المقاتلة «طلعة جوية ثانية».. ولكن القيادة رأت إلغاء هذه الطلعة الثانية.. مما أحدث تغييرات كبيرة فى خطط الإبرار.. حيث تم إلغاء الرحلة الثانية إلى أبو رديس.
ووصلت الطائرات الست للكتيبة بسلام.. ومن قادة هذه الطائرات الضباط، محمد صليحة - تميم سالم - محمد الشربينى - أحمد الخرجاوي.. وقد مالت إحدى الطائرات على جنبها مما جعل الطيار يبذل جهداً خارقاً حتى لا تصطدم المروحة بأحد الجنود.. ولكن القدر اختار هذا الطيار الشجاع لتصطدم به المروحة ويلقى ربه شهيداً.. كما اصطدمت إحدى الطائرات بسلك الضغط العالى، واستشهد أحد أفرادها.. وأصيب الباقون إصابات بسيطة.
هبط مجدى شحاتة ورجاله فى منطقة وادى بعبع وأشعل المشاعل لكى تكون دليلاً لطائرات الفوج الثاني.. التى لم تصل.. ووصلت الطائرات الست الأولى فقط وتم إبرار كل منها فى مكان مختلف - واستطاع الخرجاوى أن ينضم برجاله إلى مجدى شحاتة.
فى المقابل تحركت طائرات الكتيبة الأخرى ووصلت أول ست طائرات منها إلى وادى سدر.. وتم تدمير الطائرات الست الثانية وهى على الأرض.. واستطاع النقيب طيار حسين مسعود «وزير الطيران بعد ذلك»، تفجير أجهزة الاتصال بهذه الطائرات حتى لا يستفيد منها العدو.. وتم تدمير خمس طائرات وهى فى الجو من الطائرات الست الأخيرة.. والطائرة السادسة تأخرت فى التحرك فوصلت سالمة.. واستطاع أبطال الطائرات الست الأولى الاشتباك مع لواء مدرع للعدو.. وإيقافه بشكل كامل وساعدتهم كثيرا صواريخ الموليتكا «الفهد» المضادة للدبابات - تجمع كل الأبطال فى منطقة وادى سدر تحت قيادة النقيب سيد درويش ومعه النقيب سامى فضل.. وخاضوا معركة ضارية ضد العدو.. بعد أن نصبوا له «كمين» وكبدوه خسائر فادحة.
تجمع مع النقيب مجدى شحاتة ٤٠ جندياً وضابطاً.. وراحوا يدرسون مخارج ومداخل منطقة وادى بعبع.. ويدرسون كل المنطقة من حولهم.. وتحركات قوات العدو.. وبدأ القلق والملل يتسربان إلى الجنود.. لأنهم لم يشاركوا فى أى قتال حتى يوم التاسع من أكتوبر..
وكانت القيادة قد أمرت بإرسال طائرة لدعم مجدى شحاتة ورجاله.. ووصلت الطائرة وعلى متنها الرائد إبراهيم زيادة رئيس الشئون الإدارية بالكتيبة.. والنقيب رضوان قائد السرية.. ومعهما بعض الجنود.. وعدد من صواريخ «استريلا» المضادة للطائرات.. وجهاز لاسلكي.. وبعض صواريخ «جراد» الثقيلة.. وبسرعة وضعهم النقيب مجدى شحاتة فى الصورة.. وشرح لهم الموقف بكل أبعاده.. ومع آخر ضوء تم إعداد الكمين.. كما حدث فى الأيام الماضية.. وأخذ كل جندى موقعه.. وفجأة مرت سيارة جيب مسرعة بلا أضواء.. ومن المفاجأة وسرعتها الكبيرة لم يتعامل معها أحد.. وكأنها ترتيبات القدر.. فهذه السيارة كانت للاستطلاع.. وبعد هذه السيارة بدقائق رأى شحاتة ورجاله «قول من السيارات» بأضواء شديدة وأصوات مرتفعة بالغناء.. وكان شحاتة قد اتفق من قبل مع جنوده.. أن التعامل مع العدو يتم بعد أن يصيح هو «الله أكبر »ويطلق أول دفعة رصاص.. وجاء «قول» العدو يتقدمه أتوبيسان.. فصاح شحاتة الله أكبر وأطلق الرصاصات الأولى لتنهمر قذائف «آر. بي. جي» القنابل ورصاص الرشاشات على الأتوبيسين.. حتى تم تدميرهما تماماً.. وطلب النقيب شحاتة من الرائد زيادة استخدام صواريخ جراد والثقيلة ضد بقية سيارات القول لتكبيدها أكبر خسائر ممكنة.. ولكن الرائد زيادة رأى الاكتفاء بتدمير الأتوبيسين.. واتضح بعد ذلك أن الأتوبيسين كان بهما ٦٥ طيارا وملاحا سقطوا جميعاً ما بين قتيل وجريح.. وبعد تدمير الأتوبيسين سيطر النقيب شحاتة على فرحة الجنود.. وطلب إخلاء المنطقة.. والعودة إلى قاعدة الدوريات.. قبل أن يأتى طيران العدو.. والذى راح يبحث طوال الليل عن المجموعة التى نفذت العملية.. أما الأبطال الذين كانوا ٤٧ بطلا فقد ناموا بعمق فى حضن الجبل..
واستيقظوا على أصوات عالية لسيارات وكاسحات ألغام.. وطيران العدو يبحث فى كل مكان بالمنطقة.. وكانت المجموعة فى قمة الجبل فى مكان آمن جداً.. وفجأة طلب الرائد إبراهيم زيادة التحرك من هذا المكان خشية اكتشاف العدو لهم.. وتحفظ شحاتة على هذا الطلب.. ولكنه امتثل للأمر.. وبعد أمتار قليلة اكتشفهم طيران العدو.. وتم استهداف إحدى طائرات العدو بصاروخين استريلا «محمول على الكتف» ولكنهما لم يتمكنا منها.. وزاد عدد الطائرات والدبابات وعربات النصف جنزير.. وراحت الطائرات تطلق النيران من رشاش نصف بوصة.. وكانت المرة الأولى التى يرى جنودنا هذا الرشاش.. وطلب شحاتة العودة إلى قاعدة الدوريات.. ولكن طائرات العدو أسقطت عدداً كبيراً من المظليين.. الذين حاصروا الجبل - وراحوا بلكنة عربية «مكسرة» يطالبون جنودنا بالاستسلام.. فرد الأبطال من دون أى اتفاق أو أوامر بوابل من الرصاص.. ليسقطوا عددا من هؤلاء المظليين بين قتيل وجريح واختفى الباقون.. وبدأ العدو يضرب الجبل بالمدفعية الثقيلة لتنهار الصخور على رؤوس جنودنا.. وحدثت بعض الإصابات.. وعاد مظليو العدو مرة أخرى.. فتم الرد علهيم بالرصاص أيضاً.. واستمر هذا الصراع غير المتكافئ لمدة أكثر من ساعتين - حتى نفدت ذخيرة جنودنا تماماً.. ليتم استشهاد ٣٨ بطلاً بينهم النقيب رضوان الذى أطلق عليه جنود العدو الرصاص رغم أنه كان مصاباً.. وتم أسر عدد من الجنود الباقين.. واستطاع النقيب مجدى شحاتة أن يقفز إلى أحد مخرات السيول وأن يتحصن خلف الصخور.. وظل لمدة أكثر من أسبوع يكمن طوال النهار.. ويبحث طوال الليل عن جنوده وزملائه.. ولم يكن معه أى شيء إلا بندقيته الخالية من الرصاص.. واكتشف أن جنود العدو لا يبيتون فى الجبل - وظل طوال هذه المدة يبحث عن أى مياه أو أى طعام ليحافظ فقط على حياته.. أملا فى الوصول إلى زملائه.. والعدو يطارده بعنف ويبحث عنه فى كل الاتجاهات.. وذات ليلة سمع صوت بضع طلقات آتية من الاتجاه المفروض أن قواتنا موجودة به فارتفعت معنوياته.. وواصل البحث عن جنوده.. واستطاع بعد عدة ليال العودة إلى قاعدة الدوريات «نقطة التمركز الآمن» أعلى الجبل.. فرأى جثث الشهداء من جنوده وزملائه فترحم عليهم.. ورأى «قول» سيارات للعدو يمر أمامه ولكنه هذه المرة صامت مطفأ الأنوار.. ولم تستطع البندقية الخالية من الرصاص أن تفعل أى شيء راح شحاتة يبحث فى المنطقة عن الأماكن التى تركوا فيها الطعام والماء... استطاع الوصول إلى إحداها.. ليتزود ببعض الطعام والماء والأهم أنه وجد سبع طلقات وضعها فى بندقيته الخالية.. ليشعر بمزيد من القوة والإرادة والرغبة فى مواجهة العدو.. وقرر بعد أن مكث بالمنطقة أكثر من عشرة أيام أن يتحرك شمالاً فى اتجاه أبورديس.. حيث من المفترض أن بعض قواتنا موجودة هناك.. وعلى قمة الجبل وجد ورقة مكتوبة باللغة العبرية.. عبارة عن إرشادات لمعسكرات الكشافة من طلبة اليهود... الذين زاروا المنطقة..!!
وصل النقيب شحاتة وادى سدر.. وفجأة سمع صوت سيارة فاختبأ سريعاً، وتوقفت السيارة أمامه.. ونزل منها رجلان من البدو ومعهما غلام.. وراحوا يتحدثون عن وجود آثار لجندى مصرى وأنها حديثة جداً.. فخرج عليهم شاهراً بندقيته.. فطمأنوه وقالوا له نحن مصريون.. وأعطوه بعض الماء.. وسألهم عن الطريق إلى وادى بعبع.. فأرشدوه إلى الطريق،، وعرضوا عليه أن يبقى معهم وأنهم سيوفرون له «المكان الآمن» حتى يعود إلى القوات المصرية.. ولكنه أخبرهم أنه ذاهب إلى قواته فى وادى بعبع.. وغادره البدو على أن يقابلوه مرة أخرى فى طريق عودتهم.. وكان يسير وسط واد مفتوح.. فاكتشفته إحدى طائرات العدو.. وراحت تطارده بعنف،، فاختبأ بين بعض الحشائش.. واستطاع بعد سير طويل ومجهود الوصول إلى الجبل والاختباء فيه.. واستقبله الجبل ببعض الأرانب البرية والثعابين فزاد اطمئنانه.. ومن فوق الجبل رأى سيارات العدو وهى تبحث عنه بشراسة داخل الوادى.. كما رأى سيارة البدو عندما توقفت أمام المكان الذى قابلهم فيه، ولكنه لم يستطع النزول إليهم.. قرر النقيب شحاتة السير فى الجبل بحثاً عن وادى بعبع متوقعاً أن يجد بعض قواتنا فيه حسب الخطة الموضوعة.. ودخل كل الأودية.. ومن فوق الجبل رأى مطار أبورديس.. وقرر أنه إذا لم يجد قواتنا فسيقوم بخطف إحدى طائرات العدو والذهاب بها إلى قواتنا.. وعندما ظهر أول ضوء خشى أن تكتشفه قوات العدو.. ووجد منارة فدخلها سريعاً ونام نوماً عميقاً من شدة التعب الذى عانى فيه على مدى أيام طويلة.. واستيقظ على صوت طائرات كثيف.. وطلقات رصاص فى كل مكان حوله.. فقد اكتشف العدو آثار أقدامه.. وراح يتتبعها ولكن رحمة الله جعلته يسير لمسافة على الأسفلت فانقطعت آثار أقدامه.. ولذلك راح العدو يبحث بطيرانه.. ويطلق رصاصه بشكل عشوائى فى كل مكان،. ومع آخر ضوء هدأت حركة قوات العدو.. وبدأ شحاتة يتحرك من أعلى الجبل إلى الوادى.. وفجأة سمع أصوات «جراكن مياه» وبعض الأصوات الهامسة.. فوجد نفسه ينادى بشكل تلقائى على زميل دفعته النقيب عبدالحميد خليفة والذى تم إبراره هو الآخر مع مجموعة من قواته خلف خطوط العدو فى هذه المنطقة.. وعندما نادى صمت كلى شىء فنادى مرة أخرى.. فصعد له رجل بدوى فقابله بفوهة البندقية.. فقال له الرجل أنا على بركات عليان ومعى زملاؤك.. فنزل شحاتة ليقف أمام زميل دفعته خليفه والذى لم يصدق عينيه.. وراح يفتحهما بيديه.. وبعد العناق والأشواق.. علم أن عبدالحليم خليفة لم يتبق معه من جنوده إلا رقيب مجند محمد السيد على- جندى محمد عبدالرحمن.. والجندى عبدالرؤوف جمعة كريم وهو مصاب إصابة خطيرة بدفعة رشاش فى بطنه.. جعلت جزءا من أحشائه يخرج من بطنه.. وأنهم حاولوا بكل الطرق تضميد جراحه.. ولكن حالته النفسية سيئة جداً لشعوره بأنه عبء على زملائه.
وبعد ملء الجراكن بالمياه عاد الجميع إلى المكان الآمن الذى اختاره على عليان للمجموعة.. وحاول شحاتة التخفيف عن عبدالرؤوف جمعه.. والذى كان يلح عليهم أن يطلقوا عليه الرصاص حتى لا يكون عبئاً عليهم فى تحركاتهم، ولكنهم جميعاً أشادوا بشجاعته وبطولاته..
وراح الأبطال الخمسة يتنقلون من مكان إلى آخر وراحت قبيلة على بركات عليان تقدم لهم كل العون سواء فى توفير الماء والطعام.. والأهم اختيار المكان الآمن.. وشارك على بركات شقيقه عليان بركات.. وشقيقه الآخر محمود وزوجته.. وصبحى نصيرى وأخته.. وحسين أبوعيده.. والست أم حميدة «خبيرة الجبل» وابنتها حميدة.. أما الست فاطمة زوجة على فكانت أيقونة هذه الرحلة مع الأبطال.. وتسابق الجميع فى خدمة الأبطال وتأمينهم، وعندما يشدد العدو حصاره.. كان رجال القبيلة يتوقفون عن الذهاب إلى الأبطال.. ويرسلون السيدات ومعهم الأغنام.. وتنقل الأبطال من مكان إلى مكان إلى أن استقر بهم المقام فى إحدى المغارات المريحة والآمنة، وعاشوا بها فترة طويلة.. التأمت خلالها جراح البطل عبدالرؤوف جمعة.. ومع بداية شهر مارس ١٩٧٤.. قرر الأبطال ضرورة العودة.. حتى يعلم قادتهم وأسرهم أنهم على قيد الحياة.. فطلب منهم «كتيبة البدو» الانتظار لبعض الوقت.. لأن قوات العدو أقامت «كمين كبير فى الطريق».. وبعد عدة أيام انتقل الأبطال إلى حيث يقيم أحد شيوخ القبائل.. والذى تربطه علاقة وثيقة بالمخابرات المصرية.. وكان الرجل يمتلك حديقة كبيرة.. فدبر لهم إقامة آمنة لعدة أيام.. واستطاع إخراجهم بعيداً عن كمين العدو.. وراح الأبطال يعدون خطتهم للوصول إلى غرب القناة.. فساروا بمحازاة خليج السويس أحياناً.. وبين الجبال أحياناً.. واستمرت رحلتهم عشرة أيام.. حتى وصلوا إلى مدينة السويس.. وجاءتهم التعليمات بأن المشير أحمد إسماعيل على وزير الحربية سيستقبلهم فى مكتبه قبل أن يعودوا إلى بيوتهم.. واستقبلهم الوزير وأشاد بما قدموه من بطولات..
صعد عبدالحميد خليفة إلى بيت شحاتة ليمهد لأسرته خبر عودته وكانت فرحة عظيمة.. والغريب أن مندوب القوات المسلحة زار أسرة شحاتة قبل عودته بساعات طالبا منهم استلام مستحقات الشهيد مجدى شحاته!
استمرت العلاقة بين شحاتة وخليفة وزملائهم الأبطال.. مع مجموعة البدو.. وعندما مرضت الست فاطمة بالسرطان بذلوا جهودا جبارة لعلاجها فى أكبر المستشفيات ولكنها رحلت عن دنيانا مكرمة بحب وتقدير هؤلاء الأبطال.. وقد بذل اللواء عبدالحميد خليفة جهوداً كبيرة حتى أقنع السلطات بأن تمنح مجموعة البدو الأبطال الأنواط والنياشين.. وقد حدث ذلك بعد أن تأكدت السلطات من بطولة ووطنية هؤلاء المصريين الأبطال.