الأربعاء 5 يونيو 2024

بحضور ٦٠ عالمًا من ٩ دول إسلامية مؤتمر الإفتاء الدولى يضع خطة المواجهة: نهاية عصر الفتاوى الشاذة

14-10-2017 | 00:26

 

تقرير إخبارى يكتبه: طه فرغلى

باتت الفتاوى الشاذة خطرا يهدد استقرار المجتمعات ويشيع حالة من الفوضى الدينية، لم يعد الأمر هينا فالقضية معقدة للغاية، ولم يعد الأمر يحتمل تهاونا، خاصة فى ظل الاتهامات التى تلاحق المؤسسات الدينية الرسمية بالتقصير.

وزاد الأمر خطورة سيل الفتاوى الشاذة المنهمر، والذى كان أشده خطرا ما تابعناه الأسابيع الماضية حول جواز معاشرة المتوفاة ، ونكاح البهائم، وغيرها من فتاوى الجنس.

دار الإفتاء تخطو خطوات حثيثة، وتحاول جاهدة وقف فوضى الفتوى، وفى هذا الإطار يأتى مؤتمرها الدولى الذى يعقد يوم الثلاثاء المقبل تحت عنوان جامع « دور الفتوى فى استقرار المجتمعات» وننفرد بنشر تفاصيله كاملة.

 

 

رؤية المؤتمر التى يقوم عليها تنطلق من أن حفظ الاستقرار الإنسانى والسلام المجتمعى على رأس القضايا التى تشغل الأذهان، والإفتاء لا ينفصل - بحال - عن حاجات الإنسان وقضاياه ومشكلاته،وحفظ الاستقرار بمستوياته المختلفة معيار ضابط لصحة الفتوى ؛ فعملية الإفتاء السليمة تجافى الفوضى بلا ريب، وإنه لمن أعجب العجب ظهور هذه التنظيمات التى تصدر فتاوى تتسبب فى الفوضى والتخريب وتجعلهما مقصدَين لأفكارها وحركتها

واستغل المتربصون الإفتاء الشاذ والفتاوى غير المنضبطة لتخريب المجتمعات وإنزال الدمار بمختلف البلاد والأمم، وكان ذلك أحد أسباب تنامى ظواهر الاعتداء على المسلمين وتشويه صورة الإسلام فى العالم (الإسلاموفوبيا) متخذين من فتاوى المتطرفين وأعمالهم حجة يبررون بها تلك الاعتداءات المتكررة ، ومن ثم كان لزامًا على المعنيين بشأن الإفتاء جميعًا، من المتخصصين والقائمين على أمر الفتوى، أن يجتمعوا ليتدارسوا هذا الأمر فى رحاب الدولة المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم ومقرها دار الإفتاء المصرية.

محاور المؤتمر:

وتتركز موضوعات المؤتمر الرئيسية حول المحاور التالية:

المحور الأول: الفتوى ودورها فى تحقيق الاستقرار

١) الإفتاء وتحقيق السلم المجتمعي.

٢) الإفتاء والإجابة عن الأسئلة القلقة والمحيرة «أسئلة الإلحاد نموذجًا ».

٣) الفتاوى الشاذة وأثرها السلبى على الاستقرار.

٤) الإفتاء وحفظ هوية الدول والأمم.

المحور الثاني: الفتوى فى مواجهة الإفساد والتخريب

١) فتاوى الجماعات المتطرفة والفوضى تأصيلًا وتاريخًا.

٢) رعاية المقاصد الشرعية ومواجهة الفوضى والتخريب.

٣) إدراك الواقع فى فتاوى الجماعات الإرهابية عرضًا ونقدًا.

٤) من فوضى الإرهاب إلى فوضى الإسلاموفوبيا عرضًا وتحليلًا.

المحور الثالث: الفتوى ودورها فى دعم البناء والعمران

١) دعم العمران مقصد وضابط لعملية الإفتاء.

٢) التنمية بالفتوى الاستراتيجية والضوابط.

٣) الفتاوى الاقتصادية وضوابط التنمية.

٤) الفتوى ودعم القضايا الإنسانية المشتركة.

عصف ذهنى

وتنعقد على هامش جلسات المؤتمر ورش عمل للعصف الذهنى حول عدد من القضايا والموضوعات الهامة :

١) الفتاوى المتشددة والفضاء الإلكتروني، وتدور مناقشاتها حول:

الفضاء الإلكترونى - استخدام الجماعات المتطرفة له - طريق الاستخدام الأمثل - تجربة دار الإفتاء المصرية فى التعامل معه.

٢) فوضى الإفتاء ووسائل الإعلام، وتدور مناقشاتها حول:

الإعلام والفتوى/التأثير والتأثر - ضوابط التعامل الإعلامى مع عملية الإفتاء - واجبات مؤسسات الفتوى تجاه الإعلام - مشروع ميثاق شرف للفتاوى الإعلامية.

٣) الإفتاء والاستقرار الأسري، وتدور مناقشاتها حول:

مفهوم الاستقرار الأسرى - مستقبل الأسرة فى ظل المطالبات الحقوقية - فتاوى الطلاق والحفاظ على الأسرة.

٤) تجارب المؤسسات الإفتائية فى التصدى للفتاوى الشاذة، وتدور مناقشاتها حول:

مشاركة تجارب المؤسسات والدول حول الإجراءات الوقائية والعلاجية بصورها المختلفة للحد من انتشار الفتاوى الشاذة.

أهداف المؤتمر:

أما أهداف المؤتمر فتتمثل فى:

١-الوقوف على أَهمِّ مشكلات عالم الإفتاء المعاصر، وهى مآلات الفتوى، ومن أسوئها إشاعة الفوضى وزعزعة السلم المجتمعي، ومن ثَمَّ محاولة وضع الحلول الناجعة لها.

٢-الكشف عن الأدوار التى يمكن للإفتاء المعاصر الاضطلاع بها فى علاج المشكلة.

٣-الخروج بميثاق شرف إفتائي-إعلامى ضابط لفوضى الإفتاء فى الإعلام والفضاء الإلكتروني.

٤-دعم استقرار الأسرة بتجديد الإفتاء فى شئون الأسرة على مستوى القضايا والوسائل.

٩-محاولة تقديم حلول غير تقليدية لجدلية مأسسة الفتوى وتقنينها.

الفتوى واستقرار المجتمع

من جانبه قال الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم: اخترنا أن يكون عنوان مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، «دور الفتوى فى استقرار المجتمعات» وذلك نظرًا لأهمية هذه القضية فى حفظ الاستقرار الإنسانى خاصة وأن عملية الإفتاء حافظة وحامية للخطاب الإسلامى الرشيد، متعاونة مساندة للخطاب الإنسانى السديد، ومناهضة مواجهة للخطاب المتطرف فى كل زمان، وقد أصبحت الفتوى سلاحًا فى إدارة الخصومات الفكرية والسياسية، إلى أن وصل الأمر ببعض الباحثين أن يصنف الإفتاء المعاصر بظاهرة «فوضى الفتاوى» والتى أثبت الواقع المعاصر أن لها آثارًا سلبية وخطيرة على الأفراد والمجتمعات، وأصبحت فوضى بدلا من أن تكون وسيلة للاستقرار، لذا كان لزامًا علينا أن نتحرك لوضع الحلول لهذا الأمر.

والمؤتمر هو خطوة مهمة فى تجديد الخطاب الديني، وتحصين المجتمعات وهو أمر بالغ الخطورة ونحن فى أمس الحاجة إليه فى وقتنا المعاصر، كما أنه يمثل خطوة مهمة فى سحب البساط من تحت التيارات المتشددة فى الخارج التى شوهت الإسلام وأضرت به.

والناظر إلى ما وصل إليه حال الإفتاء المعاصر وما يحيط به من حاجات ومخاطر يلحظ أن تلك الأمور تدعونا وبشدة للجلوس على موائد البحث العلمى لدراسة هذه الأمور وإيجاد الحلول لمشكلاتها وطرح الخطط للمشاركة فى التنمية الوطنية والعالمية.

من هنا جاءت أهمية إقامة مؤتمر عالمى حول الإفتاء والفوضى والاستقرار، مستفيدين من ذلك بما قعَّده أهل العلم من ضوابط وقواعد زخرت بها كتب الأصول والفقه والفتاوى.

كذلك فإن المؤتمر سيعنى ببحث آفاق عملية الفتوى من حيث تعلقها بحفظ استقرار حياة الناس فى مختلف نواحيها.. سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكيفية استخدام منجزات العلم الحديث بروافده المتعددة فى خدمة هذه العملية.. أو الصناعة كما يسميها فقهاء معاصرون».

وأضاف : « الفتوى جاءت لتحصيل المنافع والمصالح للبشر باعتبارها حلقة وصل بين أحكام الشريعة من جهة، وواقع الناس من جهة أخرى، حيث تعمل على إقامة أمور معاش الناس ومعادهم وفق أحكام الشريعة، وفى ذلك تحصيل الخير لهم، لذا فهى لا تتعلق ببلد واحد ، وكنا حريصين خلال الإعداد للمؤتمر أن يكون هناك تنوع ثقافى وعلمى يضم العلماء والمفتين من قارات العالم الخمس يمثلهم مفتون رسميون، وأعضاء مجلس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، وأساتذة الشريعة والفقه والأصول، وأيضًا إعلاميون وسياسيون ومفكرون يمتلكون رؤية لمعالجة إشكاليات الشأن الدينى.

وسيشارك فى المؤتمر أكثر من ٦٠ عالمًا من مصر والسعودية والأردن وفلسطين ولبنان وتونس والمغرب وموريتانيا، وكذلك من أندونيسيا وباكستان وماليزيا والهند، وأيضًا سيشارك علماء من أمريكا ودول أوربا واستراليا ، وسيتم ضمن فعاليات المؤتمر عقد حلقات نقاشية وورش عمل بهدف التعرف إلى المشكلات فى عالم الإفتاء المعاصر، ومن ثم محاولة وضع الحلول الناجعة لها، والكشف عن الأدوار التى يمكن للإفتاء المعاصر الاضطلاع بها فى تصويب الواقع والارتقاء به إلى أعلى المستويات الحضارية.

كما سيتم بحث آفاق عملية الفتوى من حيث تعلقها بحياة الناس فى مختلف مناشطها.. سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ودراسة كيفية استخدام منجزات العلم الحديث بروافده المتعددة فى خدمة عملية الفتوى من أجل الوصول إلى أدوار محددة تؤديها عملية الإفتاء فى مجال التنمية المجتمعية.

وسنعمل كذلك على محاولة فهم طبيعة العلاقة بين الإفتاء والسياسة، وتحديد الأدوار التى يمكن التأثير والتأثر من خلالها، وكذلك نقل مجال الإفتاء من مجال سلبى يقتصر على حل المشكلات إلى مجال إيجابى ينتقل إلى عمل التدابير الوقائية من المشكلات بل ويشارك فى البناء والتعمير، ووضع ضوابط محددة لعملية الاستنباط من التراث والتنبيه على خطورة الفتاوى التاريخية، إذا تمت دراستها بعيدا عن سياقاتها التاريخية والواقعية».

وأضاف : «منذ أن أعلنا عن إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم العام الماضى ونحن نعقد اجتماعات مستمرة ودورية من أجل توحيد خطاب الإفتاء على مستوى دور الإفتاء والهيئات الإفتائية من الأعضاء.

ولعل من ثمرة ذلك المؤتمر العالمى الذى عقد أكتوبر الماضى وكان بعنوان «التأهيل العلمى والإفتائى لأئمة مساجد الجاليات المسلمة فى الخارج»، ووبالفعل تم تطبيق توصياته على أرض الواقع وكان آخرها قبل أيام بتخريج دفعة جديدة من أئمة المساجد والمراكز الإسلامية فى بريطانيا بحضور السفير البريطانى فى القاهرة، حيث تم تأهيلهم فى ١١ علماً من العلوم الشرعية والإنسانية لتساعدهم فى إنزال الحكم الشرعى على الواقعة المستفتى فيها وكيف يلم بأحوال المستفتين فى بلادهم ومواجهة الفتاوى الشاذة والمتطرفة، وهو ما سيسهم بشكل كبير فى تحصين مجتمعاتهم من خطر التطرف. كما خرج بعض القوافل الافتائية المشتركة فى عدد من دول العالم، وهناك عدد من المشاريع العلمية التى تعكف الأمانة على بدئها وفقًا للاستراتيجية التى تم وضعها ستظهر للنور قريبًا.

وتُولى دار الإفتاء المصرية أهمية بالغة لوسائل التواصل الاجتماعى نظرًا لما لها من قوة وقدرة على التأثير فى الناس والوصول إلى أعداد كبيرة لا يمكن الوصول إليهم بالوسائل التقليدية، كما أن هذا الاهتمام يندرج فى إطار خطة الدار(دارالإفتاء) لتجديد الخطاب الدينى وتطوير آلياته؛ استجابة لدعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية.

فمثلًا بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعى الخاصة بدار الإفتاء زاد عدد المشتركين فى صفحات دار الإفتاء الرسمية على الفيس بوك إلى أكثر من ستة ملايين مشترك، بالإضافة إلى نشر الفتاوى والأحاديث الصحيحة والرد المباشر بالفيديو على الصفحة على الفتاوى.

مع ذلك نطالب وسائل الإعلام ببناء ثقافة تحترم التخصص فى مجال الاستفتاء، خاصة وأن هناك مؤسسات معدة لهذا الأمر درست علوم الفتوى بطريقة صحيحة وهى دار الإفتاء، والإعلام أحد أدوات بناء هذه الثقافة، ونحن فى دار الإفتاء نعانى من إشكالية تصدر غير المتخصصين للفتوى، ونريد أن نطرح أنفسنا كمصدر أصيل للفتوى.