الثلاثاء 25 يونيو 2024

ربك لما يريد

14-10-2017 | 00:37

بقلم –  عبد اللطيف حامد

 

أخيرا مصر فى مونديال كأس العالم، حلم طال انتظاره ٢٨ عاما، محاولات متعددة، وتصفيات قارية متكررة، مدربون يرحلون وآخرون يتقدمون للمهمة، أجيال وراء أجيال من اللاعبين ينضمون لصفوف المنتخب القومى ثم يعتزلون، بينما القدر لم يحن بعد؛ لكن الله أراد هذه المرة.

فعلا ربك لما يريد، أحلامنا هتتحقق، ولا شيء يبقى بعيدا، الصعب بيتهون، كلى يقين بل عين اليقين أن دعوات عشرات الملايين من المصريين من أسوان للإسكندرية، وحول العالم من شماله إلى جنوبه، ومن غربه إلى شرقه، وترديدهم كلمة يا رب من الحناجر والقلوب الراجية لمعونة ربها اخترقت الحجب، فاستجاب الله جل جلاله لهذه التبتلات، ومنحنا فوزا غاليا أسعدنا بعد غم، وأفرحنا بعد حزن.

 

لا أدعى قدرتى أو خبرتى فى مجال التحليل الرياضى، فأنا مجرد مشجع «على قد حاله» خاصة فى مباريات المنتخب الوطنى، أو اللقاءات المهمة للنادى الأهلى لا أكثر، لكنى كمثل ملايين بنى وطنى العظيم، أستطيع أن أقول وجهة نظرى التى يغلب عليها القرب من الواقع، لأن كرة القدم اللعب فيها على عينك يا تاجر، واللوائح والقواعد واضحة لا لبس فيها، والمتفرجون عيونهم معلقة بالشاشات، والكاميرات الحديثة جعلت الصورة أقرب من الخيال، وهذا يدفعنى بلا تهويل أو تهوين إلى القول إن كوبر المدير الفنى للمنتخب لم نرَ له بركات ولا خطة واضحة فى الملعب سواء دفاعا أو هجوما، بل إن تغيير اللاعب المهارى تريزيجيه بدل صالح جمعة، الذى لم يكن يومه بالمرة ، أو حتى استبدال أحمد حسن كوكا بعمرو جمال كان كل الجمهور يطالب به منذ بداية الشوط الثانى، من الآخر مهارات كوبر التدريبية دائما فى الهواء، بغض النظر عن الوصول للمونديال لأن الأمر المحسوم وهو تدخل العناية الإلهية لصالحنا، وسيل الدعوات التى انهمرت من الألسنة لرب السماء.

أما عن غالبية اللاعبين فحدث ولا حرج، وأرجو أن يعذرنى الجميع، فلا أريد أن أعكر فرحتهم، ولا أفسد سعادتهم، لكنها الحقيقة المرة، معظمهم كانوا خارج الفورمة، لم نجد لعبا جماعيا كما تمنينا، ولا روحا جامحة كما توقعنا، ولا أداء بطوليا كما طالبنا، كنا نرجوهم أن يبذلوا قصارى جهدهم، وأن يأكلوا نجيلة الملعب لتأكيد أحقيتهم للصعود بلا مواربة، تراجع مستواهم جعل المنتخب الكونغولى يطمع فى المباراة، ويرد الهجمة بمثيلها، وأخطر، ويقترب من مرمى الحضرى، حتى جاء هدف التعادل كالكارثة المدوية، كاد لاعبونا أن يهدروا الفرصة، ويدخلوا المنتخب فى حسبة برمة، والحمد لله النجاة من موقعة كوماسى، وما أدراك ما غانا التى تريد الثأر من هزيمتى نهائيات إفريقيا والدور الأول من تصفيات كأس العالم، فانهمرت الدموع فى الاستاد، وأمام الشاشات بطول البلاد وعرضها، وتعالت الصيحات يا رب لا تكسر بخاطرنا، يا رب إحنا غلابة، يا رب إحنا محتاجين ومشتاقين للفرحة، فاستجابت السماء، وجاء الفرج بضربة الجزاء لتسكن الشباك، نحن فريق تحرير المصور، أطقلنا جميعا بعلو الصوت نهز جنبات المؤسسة بالدعاء يا رب فى آخر خمس دقائق ثم الله أكبر عند الهدف الثانى، ومن المؤكد أن هذا كان حال كل المصريين فى البيوت، والمقاهى، وفى التجمعات العامة، والنوادى، أما ما حدث بعد صافرة الحكم من مواكب للاحتفال بالفوز، وإطلاق الألعاب النارية، والتلويح بالأعلام فلا يحتاج للوصف، فالصورة بألف كلمة، وما أكثر الصور والفيديوهات التى تجسد الفرحة، ولا أملك إلا قول اللهم لك الحمد والشكر.

وهنا الإنصاف واجب لبعض اللاعبين وعلى رأسهم العالمى محمد صلاح، حماه الله، ولا أخفيكم سرا أننى كنت متفائلا به خاصة بعد مشاهدتى مؤخرا لفيلم «العالمى»، الذى تتشابه قصته كثيرا مع بطل الفيلم ابن الأسرة البسيطة «مالك» الذى ردد كثيرا لأبيه، صلاح عبد الله مع كل إخفاقة للمنتخب فى تحقيق الفوز فى المباراة المصيرية بأنه سيكون النجم المنتظر، وبالفعل تدرج فى مختلف المراحل الكروية حتى الاحتراف فى نادٍ أوربى، وأصبح من أهم نجومه، وعندما حانت المباراة الفاصلة تصدى لها رغم تحذيرات ناديه نظرا لإصابته، تخيلوا الأحداث فعليا كانت قريبة من السينما، إلا أن الحمد لله صلاح بخير، والهدف القاتل لحماس لاعبى الكونغو المجتهدين، ومنقذ قلوب المصريين من القهرة، جاء من ضربة جزاء مستحقة فى وقت لا يمكن تعويضه، ولا يمكن أن يفعلها سوى لاعب أعصابه من فولاذ كحبيب الملايين، وصانع الفرحة محمد صلاح، وكأننا انتظرنا الـ ٢٨ عاما حتى يكبر محمد صلاح، الله عليك يا صلاح، ربنا يجعل دعوات المصريين من حظك ونصيبك.

ولن أبخس نجمى المباراة أحمد حجازى، وتريزيجيه حقهما، فالأول كان صخرة الدفاع بلا منافس، تهشمت عليها الكثير من الهجمات الخطيرة للكونغو، مع ثبات وهدوء يحسد عليه فى مبارة مهمة، وعصيبة على الجماهير فما بالك باللاعبين، أما الثانى فقد قلب رتم المباراة بتحركاته، وأربك المدافعين فى الخصم، وسيذكر التاريخ طويلا أنه كان السبب فى ضربة الجزاء التى جلبت الفوز الغالى

 

    الاكثر قراءة