"لا شيء يمكنه أن يبرر قصف مستشفى ولا شيء يمكنه أن يبرر استهداف المدنيين"، هكذا أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعليقا على القصف الذي استهدف المستشفى الأهلي المعمداني في غزة والذي راح ضحيته مئات من المدنيين والأطفال، وتصدر المشهد على إثره موجة من الإدانات العربية والغربية.
ويعد تعليق الرئيس الفرنسي وغيره من الإدانات الغربية دليلا على تغير المواقف الغربية تجاه ما يحدث في قطاع غزة، حيث يوضح أن الجو العام اليوم بدأ يعيد النظر بما يحدث في غزة، وخاصة بعد هذا القصف الدموي الذي يمكن اعتباره نقطة تحول في مسار الصراع الدائر في المنطقة.
وفي هذا الصدد، يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ميشال أبو نجم، في تصريحات خاصة لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس، أن هناك حراكا سياسيا ودبلوماسيا حاليا إلا أنه حتى اليوم لايوجد أي طرف يدعو لوقف إطلاق النار،
وقال "حتى أمس، على الصعيد الغربي، كان هناك تأكيد مطلق لإسرائيل ومن غير مطالبتها بأي شيء، ولكن الآن بدأنا نسمع من الاوروبيين والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية تريد من إسرائيل احترام حقوق الانسان في عملياتها العسكرية.
وقال "إن العالم الغربي الداعم لإسرائيل ، وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية، لم نسمع من أي طرف منه دعوة لوقف إطلاق النار، وهذه نقطة أساسية يتعين الإشارة إليها لأن رغم بداية التغير في المواقف وفي الأولوليات الغربية لم نصل بعد لمرحلة المطالبة بوقف إطلاق النار، ما يعني أن عددا من الدول يريد أن يعطي المزيد من الوقت لإسرائيل".
وأضاف أبو نجم أنه يعتقد أن الحراك العربي أكان المصري أو الأردني أو السعودي أو القمة التي سيتم الدعوة إليها أو دعيت للانعقاد يوم السبت القادم وعنوان القمة بشكل عام هو القضية الفلسطينية ما يعني عمليا هو إعادة النظر والبحث في استعادة الانشطة السياسية والدبلوماسية التي توقفت فيما يخص الحل السياسي في فلسطين.
وأكد على التغير الذي طرأ على الموقف الفرنسي وخاصة ما قاله الرئيس الفرنسي بالأمس خلال المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء الألباني في تيرانا (ألبانيا)..مشيرا إلى أن ماكرون أكد في تصريحاته على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس باعتباره حقا مشروعا ودعم بلاده رغبة إسرائيل في محاربة الإرهاب ولكن في الوقت نفسه ترى أن المسار السلمي والحل السياسي كل متكامل ولا يمكن أخذ جزء من هذا الكل المتكامل والتخلي عن جزء آخر".
وشدد على أهمية هذه التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي ..معتبرا أن هذا الموقف يذهب في الاتجاه التي تريد قمة القاهرة أن تتوجه نحوه.
وقال أبونجم"أعتقد أن ماكرون سيحضر القمة ، وكزعيم غربي وصديق لإسرائيل أعتقد أن ذلك يعني أن باريس تسعى لموقف وسطي، حيث إن حتى القريب العاجل كان هناك فقط الحديث عن الوقوف بجانب اسرائيل ودعمها ومحاربة الارهاب والتنديد باحتجاز الرهائن والمطالبة بالافراج عنهم بدون قيد وشرط وغير ذلك ، ولكن اليوم هناك عودة الى أساسيات الموقف الفرنسي يقول أن هناك حاجة إلى حل سياسي وأن هذا الحل السياسي لن يكون سليما إلا إن لم يكن من خلال إقامة دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل".
وعن رأيه فيما يخص نتيجة هذا التغير في المواقف الغربية لصالح القضية الفلسطينية..أكد الكاتب الصحفي "علينا أن نذكر أن القضية الفلسطينية لم تولد بالأمس ولكنها تعود لعام 1947 وقد أخذت منحى آخر في عام 1967 وعام 1973 واتفاقيات أوسلو وغير ذلك من المحطات الرئيسية في مسار هذه القضية، وخلال هذه السنوات والعقود الطويلة كان هناك مساع سياسية ودبلوماسية إلا أن كل هذه المساعي التي كانت تهدف إلى تسهيل قيام دولة فلسطينية وفق القرارات الدولية والمحددات المعروفة من الجميع والتي كانت على اساس التفاهمات بين الاطراف الدولية والطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، كل ذلك تم إجهاضه لأن إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية، ومع وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة عنصرية، وهذا الحل قد لايكون اليوم ممكنا".
لكنه أضاف أن كلمة السر والورقة الأساسية في هذا الموضوع هو الموقف الأمريكي، فإن الموقف الأمريكي هو الذي يغطي إسرائيل، فإذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية وإذا أراد الرئيس بايدن القادم على انتخابات رئاسية العام القادم ، إذا أراد أن يحقق إنجازا سياسيا دبلوماسيا أساسيا عليه أن يضغط على اسرائيل وإلا فإن كل المبادرات الأخرى لن تؤثر على الجانب الإسرائيلي.
وختم أبونجم قوله بتساؤل هل الرئيس بايدن يريد الخوض في هذا الامر اليوم أم يريد تأجيل ذلك الى المستقبل، متسائلا أيضا هل سيبقى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في السلطة مع حكومة يمينية متطرفة أم ستتم تنحيته عن رئاسة الحكومة ليأتي برجل اخر وسطيا قادرا وراغبا في تحقيق التسوية التي طال انتظارها في هذا الملف.