مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ارتفعت حدة العقوبات الاقتصادية والتي استهدفت الجانب الروسي سواء الأفراد الأثرياء والبنوك والبنك المركزي الروسي ومصالح الأعمال والمؤسسات الروسية، وتعد تلك الإجراءات الجزائية المفروضة أقسى الإجراءات التي يمكن للدول أن تتخذها بدون الدخول في حروب عسكرية، وذلك لمنع الدول من التصرف بشكل عدائي أوغير إنساني أو لانتهاكه القانون الدولي.
حيث قامت أمريكا بمنع روسيا من تسديد دفعات ديونها من خلال استخدام 600 مليون دولار المودعين بالبنوك الأمريكية، وتجميد أصول البنك المركزي الروسي، لمنعه من استخدام احتياطيه من النقد الأجنبي والبالغ 630 مليار دولار، بالإضافة إلي عزل العديد من البنوك الروسية الرئيسة عن نظام التحويلات SWIFT لتعطيل الجانب الروسي من الحصول على دفعاته مقابل صادراته النفطية والغاز، وتوجهت إنجلترا أيضا باستبعاد البنوك الرئيسية الروسية من النظام المالي بإنجلترا، وتجميد كافة البنوك الروسية ومنعت الشركات الروسية من الحصول على التمويلات، مع حظر الرحلات الجوية الروسية في المجال الجوي الأوربي وكندا، وكذا حظر استيراد وتصدير العديد من السلع وغيرها كما قامت العديد من الشركات الدولية ومنها ماكدونالدز وكوكا كولا وستاربكس، إما بإيقاف وتعليق تعاملاتها التجارية في روسيا.
وفي ظل ما يقوم به الجانب الإسرائيلي من انتهاك وقتل للمدنيين في الأراضي الفلسطينية وآخرها قصف مستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة والتي تعد انتهاكاً واضحا لكافة المواثيق الدولية والأخلاقية والإنسانية والدينية، وما يحدث ما هو إلا سيناريو متكرر منذ السبعينيات (مجزرة مستشفى بحر البقر 8 ابريل 1970 بحجة استهداف إسرائيل لأهداف عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية) ومع استمرار صمت المجتمع الدولي على ما يحدث من الجانب الإسرائيلي، وعدم تطبيق أي عقوبات من قريب أو بعيد من أي دولة ضد الجانب الإسرائيلي لوقف حملات الإبادة وجرائم الحرب ضد الإنسانية كما أطلق على الجانب الروسي من قبل، وهو ما يوضح أن معايير تطبيق العقوبات لا تطبق على الجميع بشكل عادل، بل الأمر امتد لموقف المساعدات الإنسانية والطبية المقدمة لفلسطين من الدول وعلى رأسها مصر والإمارات وروسيا وتركيا والأردن من خلال معبر رفح، بل وضرب إسرائيل لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني. مع استمرار المنظمات الدولية والحقوقية الغربية على مستوى العالم بالصمت وعدم رفع أي شعار واحد بما يحدث واستمرار حالة الصمت والمتابعة فقط لما يحدث ضد انتهاك إنسانية لأهالي قطاع غزة.
وبالتالي فإن الانتظار لأن نرى عقوبات اقتصادية دولية أو أي بصيص منها خلال الفترة القادمة من المجتمع الدولي للابن المدلل، ستأخذ وقتاَ او ربما لا تطبق في الآجل القصير أو البعيد، وذلك لازدواجية المعايير المطبقة، مع وجود توجهات حالية على المستوى الشعبي أو الفردي والتي يمكن أن تمتد لمستوى مؤسسي ستكون ذات اثر خلال الفترة المقبلة والتي بدورها ستؤثر بشكل مباشر في ربحية المؤسسات التجارية الداعمة للجانب الإسرائيلي من ناحية.
ومن ناحية أخرى ستساهم القوة الاقتصادية الفردية والشعبية في فرض القوة الاقتصادية العربية للدول المجاورة والداعمة للجانب الفلسطيني بتعليق أو وقف التعاملات التجارية والتبادل التجاري مع الجانب الإسرائيلي للضغط عليه على اعتبار أن الإجراءات الاقتصادية أقسى من الحروب العسكرية للدول الداعمة للجانب الفلسطيني والتي قد تساهم في الضغط على إسرائيل لوقف الكارثة الإنسانية الحالية ضد المدنيين والتي استشهد فيها حالي 5 ألاف فلسطيني، وذلك لما للقوة الاقتصادية العربية من موارد متنوعة لمساندة الجانب الفلسطيني والضغط عليه في الآجل القصير والمتوسط.
*عضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية.