بدأت الأوساط المالية والاقتصادية الإسرائيلية رسم تصوراتها بشأن أوجه انفاق المليارات العشرة من الدولارات التى تعهد بها الرئيس الأمريكى جو بايدن فى زيارته الأولى لإسرائيل هذا الأسبوع لإعلان مساندة واشنطن لها فى الحرب على قطاع غزة ، وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال سيتقدم بايدن بطلب للكونجرس بتخصيص عون مالى عاجل و طارىء لإسرائيل بقيمة المليارات العشرة.

ويقول المراقبون إن العون التمويلى الأمريكى الداعم لاسرائيل والذى بدأ متواضعا بتقديم الملابس العسكرية والأحذية ومعدات القتال الخفيفة فى الأعوام الأولى لإعلان دولة إسرائيل ، قد تضاعف الآن وتمدد إلى أن صار بعشرات المليارات من الدولارات النقدية لتسهيل نقل التكنولوجيا العسكرية العالية الفائقة ، واليوم يتم استخدام التمويلات الأجنبية المتدفقة على إسرائيل منذ بدء الصراع فى غزة فى السابع من أكتوبر لدعم جهود تعبئة قوات الاحتياط فى الجيش الإسرائيلى.

وتساءلت الصحف ووسائل الإعلام العبرية عن طبيعة تلك المساعدات الأمريكية السخية ، وعما اذا كانت مساعدات مقتصرة على الجانب العسكرى ام انها ستحتوى على مساعدات للجانب المدنى أو أنها مساعدات ذات طابع اقتصادى، أم أنها ستكون حزمة من كل هذا معا .

ويقول البروفيسير استيبان كلور استاذ الاقتصاد فى الجامعة العربية وكبير باحثى معهد دراسات الأمن الوطنى والاستراتيجي فى اسرائيل ان استمرار التصعيد العسكرى فى الحرب على قطاع غزة قد يكبد إسرائيل تكلفة ستكون الأعلى التى انفقتها على جبهة غزة منذ عملية الجدار الواقى عام 2014 و تفوق كذلك إجمالى إنفاق إسرائيل على الأمن و الدفاع طيلة الأعوام العشرين التى أعقبت حرب كيبور فى أكتوبر 1973 .

كما ستلتهم الضربات العسكرية الإسرائيلية لقطاع غزة كل ما حققته شركات إنتاج السلاح الإسرائيلية من مكاسب نتيجة اتفاق مبادلة نسبة الربع من قيمة المساعدات الأمريكية الى العملة الإسرائيلية (الشيكل) عند شراء مؤسسات أمريكية تكنولوجيا دفاعية طورتها إسرائيل حيث بحلول عام 2028 ستكون قدرة إسرائيل على بيع التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية بالشيكل إلى الولايات المتحدة عملية خاسرة بالنظر الى تدهور سعر الشيكل نتيجة الحرب فى غزة الى ربع دولار امريكى تقريبا .

ورجحت مصادر إسرائيلية أن المساعدات الأمريكية ستكون عسكرية فى المقام الأول وتستهدف تعويض إسرائيل عن كم الذخائر الضخم الذى ضربت به قطاع غزة ، وفى كل الحالات ستفوق المعونة الأمريكية الطارئة القادمة لإسرائيل قيمة ثلاث سنوات من المساعدات العسكرية المنتظمة التى تحصل عليها اسرائيل من الولايات المتحدة منذ توقيع معاهدة السلام مع مصر ، و ستعادل تلك المساعدات الامريكية المرتقبة تقريبا نصف الموازنة الأمنية والدفاعية الاسرائيلية سنويا .

وقال الدكتور ساسون حداد الذى عمل مستشارا ماليا لهيئة رئاسة الاركان العامة الاسرائيلية فى الفترة من عام 2014 الى عام 2017 ان المساعدات الامريكية الجديدة التى واكبت اندلاع الصراع فى غزة ستشكل عتبة جديدة ، على صعيد دعم الولايات المتحدة الدائم لاسرائيل مشيرا الى ان الفترة التى تلت اعلان الدولة فى عام 1948 و حتى عام 2019 حصلت اسرائيل على مساعدات اجماليها 135 مليار دولار امريكى منها 100 مليار دولار مساعدات عسكرية .

و منذ عام 1973 بدأت اسرائيل فى تلقى منحا مالية من الغرب لا ترد تعويضا لها عما لحق بها من خسائر نتيجة الحرب السادس من اكتوبر ، ومنذ عام 1999 بدأت اسرائيل تلقى مساعدات من نوع اخر هى المساعدات الاقتصادية بموجب اتفاقات طويلة الأمد.

وفى عام 2016 وقعت اسرائيل اتفاق تمويليا مع الولايات المتحدة تحصل بموجبه على 38 مليار دولار أمريكى كل عشرة اعوام بدءا من عام 2019 وحتى عام 2028 قابلة للتمديد لعشرات الاعوام الاخرى جديدة قادمة ، وهذا الى جانب منحة مالية سنوية امريكية بقيمة 3ر3 مليار دولار وإلى جانبها 500 مليون دولار من الولايات المتحدة لتمويل نصف تكلفة مشروع برنامج الدفاع الصاروخى الاسرائيلى فى مقابل قيام اسرائيل بدفع قيمة تمويلية مماثلة.