الخميس 4 يوليو 2024

«الهلال اليوم» تكشف كيانات الفتوى الموازية لتصنيع الجماعات الإرهابية

16-10-2017 | 22:25


كتب- محمد يسري:

ساعات قليلة تفصلنا عن المؤتمر العالمي الثالث للإفتاء الذي تبدأ فاعلياته صباح غدٍ الثلاثاء، ويستمر حتى "الخميس" المقبل، بحضور مفتي أكثر من 64 دولة إسلامية، ويترقب العالم الإسلامي ما سوف يسفر عنه المؤتمر من توصيات، في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة، نتيجة الفتاوى الشاذة وتحريف كلام العلماء، التي أنتجت العديد من الجماعات المتطرفة والإرهابية التي أساءت إلى الإسلام والمسلمين وما خلفت إلا الدمار والخراب والدماء، والتي اخترع قياداتها مفتين موازين للمفتين الرسميين في كل الدول الإسلامية.

التقرير التالي يلقي الضوء على أبرز الشخصيات والهيئات التي نصبتها الجماعات المتطرفة في مناصب الفتوى بدلًا من الجهات الرسمية..

البداية إخوان
تمثل جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية الجماعة الأم لكل الجماعات المتطرفة الموجودة على الساحة حاليًّا، حتى تلك التي كفرتها وناصبتها العداء، ولمنصب المفتي في الجماعة مكانة رفيعة في نفوس أتباعها، فمهمته تأصيل نشاطها المنحرف من الناحية الشرعية، وإعطائهم الصبغة التي تتيح لهم أن يطلقوا على أنفسهم من خلاله أنهم جماعة المسلمين.

أبرز الأسماء التي أسهمت في ما وصلت إليه الجماعة حاليًّا، هو الدكتور عبد الرحمن البر مفتي الإخوان، اسمه بالكامل عبد الرحمن عبد الحميد أحمد البر، مواليد محافظة الدقهلية عام 1964، تخرج في كلية أصول الدين جامعة الأزهر، وأصبح أستاذًا بالكلية عام 2004، وتقلد منصب مفتي الجماعة بعد ذلك وذاع صيته في عهد المعزول محمد مرسي، وأصدر فتاوى لشباب الجماعة والجماعات الإسلامية المتعاونة معها بوجوب الاعتصام في ميدان رابعة العدوية، وأعطى الكثير من الفتاوى التي تحرض الشباب على الجيش والشرطة من على منصة رابعة، وكان لفتاواه مردود كبير في نفوس أتباع الجماعة، الذين اعتبروا كلامه موافقًا لوحي السماء، وأن من يتخلف عنه فقد تخلف عن نصرة الدين، ومن ثَمَّ وقعت مصادمات عنيفة بينهم وبين الدولة، ووقع الكثير من العمليات الإرهابية التي نفذها أتباع الإخوان منذ فض اعتصام رابعة والتي راح ضحيتها المئات من الشرطة والجيش والمدنيين، وأيضًا من صفوف الجماعة الإرهابية التي لم يحافظ قياداتها على أتباعهم وقدموهم قرابين بشرية على مذبح السياسة.

ديوان البحوث والإفتاء بـ"داعش"
ابتكر تنظيم داعش الإرهابي ما سمّاه ديوان البحوث والإفتاء، باعتبار التنظيم يمثل الخلافة الإسلامية، وأوهم أتباعه أن هذه الخلافة هي التي بشر النبي، صلى الله عليه وسلم، بها، ومن ثَمّ كان لابد من وجود كيان داخل التنظيم مهمته الأساسية التأصيل الشرعي لكل عملياته الإجرامية ونشاطاته المنحرفة.

أفتى الديوان بجواز حرق أعداء التنظيم أحياء، في مخالفة صريحة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الصحيح "إنه لا يعذب بالنار إلا رب النار"، والذي رواه البخاري في صحيحه.

وبناء على هذه الفتوى تم إحراق الطيار الأردني الذي أسره التنظيم في عام 2015.

ولجأ التنظيم الإرهابي إلى الفتاوى التي تلقتها الأمة بالقبول على مدى أكثر من 1400 عام، في مواجهة الدولة الشرعية -وليس التنظيمات- لأعداء المسلمين الذين يعتدون عليهم، وصوروا أن التنظيم يمثل الدولة الشرعية وأن الدول الإسلامية وحكامها فئات باغية ينبغي عليهم قتالها، وأن مؤيدي الحكام والعاملين معهم من جيوش وشرطة وموظفين وغيرهم مرتدون عن الإسلام، ينبغي إعمال قول الله تعالى فيهم: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ)، واقتطعوا الآية من سياقها، كما اجتزؤوا أقوال الأئمة والمفسرين حولها في تسويغ عملياتهم الإجرامية بذبح معارضيهم، وكان من أبرز عملياتهم ذبح 21 مصريًّا في ليبيا.

الجماعة الإسلامية
وكان من أبرز مفتي الجماعة عمر عبد الرحمن، الذي يعد مفتي الدم في الجماعة، إذ قلبت فتاوى الجماعة مصر والعالم الإسلامي في الثمانينيات والتسعينيات، وكان لتلك الفتاوى أقسي النتائج، ومنها اغتيال الرئيس أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، وقام الجناح العسكري بتنفيذ فتوى وجوب قتل الرئيس بقيادة الملازم أول خالد الإسلامبولي، وبصحبته زملاؤه عبد الحميد عبد السلام الضابط السابق بالجيش المصري، والرقيب متطوع القناص حسين عباس محمد الذي أطلق الرصاصة الأولى القاتلة، والملازم أول احتياط عطا طايل حميدة رحيل.

وارتكبت الجماعة الكثير من العمليات الإرهابية واستهدفت السياح والآمنين في مصر، كما حاولت اغتيال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، وفي عام 1997 نفذت عملية إرهابية في الأقصر في العملية التي أطلق عليها مذبحة الأقصر، وراح ضحيتها 58 سائحًا، إلى أن أعلنت الجماعة مبادرة وقف العنف خلال المراجعات التي نفذها عدد من قياداتها داخل السجون، والتي لم تنل تأييد الجميع.

جماعة التكفير والهجرة
مؤسس الجماعة ومرجعها الفقهي هو شكري مصطفى، وكان متزوجًا من شقيقة الإخواني محمد صبحي مصطفى، الذي أفتى بكفر المجتمعات، وفقًا لأقواله أمام هيئة محكمة أمن الدولة العسكرية العليا في (القضية رقم 6 لسنة 1977) والتي نشرت في الصحف يوم 21/10/1979: بأن كل المجتمعات القائمة مجتمعات جاهلية وكافرة قطعًا. وبيان ذلك أنهم تركوا التحاكم لشرع الله واستبدلوه بقوانين وضعية، ومن أبرز عملياتها التي طبقت فتاوى قياداتها قتل الشيخ الذهبي وزير الأوقاف الأسبق عام 1977.

وكانت كل هذه الأفكار والعمليات بناء على فتاوى منحرفة، قادها جهلاء وعلموها لسفهاء الأحلام الذين تلقوها بالقبول وسارعوا بإلقاء أنفسهم وبلادهم في التهلكة.

وعلى ذلك فيعلق المسلمون آمالًا عريضة على مؤتمر الإفتاء في إزالة هذه الغمة وكشف عوراتها، ومواجهتها فكريًّا لإبطالها ووقف تمددها حقنًا لدماء الأمة.