رسميًا وشعبيًا.. القيادة القوية والمواقف الثابتة
رسميًا وشعبيًا كانت المواقف المصرية حاسمة خلال الأيام الماضية، انطلاقًا من ثوابت مصر حول القضية الفلسطينية، الرسائل واضحة لا تقبل التأويل، انحياز كامل لحقوق الشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة، وإدانة تامة لجرائم ومجازر الاحتلال الإسرائيلى التى يرتكبها بحق الأبرياء والمدنيين على مدار الساعة دون وازع ولا رادع من ضمير أو أخلاق أو قانون دولى، ورفض قاطع لمخططات تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتأكيد قوى على أن الأمن القومى المصرى خط أحمر غير مقبول المساس به.
وفى الوقت الذى يصم العالم آذانه ويغمض عيونه عن جرائم الحرب التى يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلى - والتى لن يكون آخرها مجزرة مستشفى المعمدانى -، تبقى مصر مرابطة فى الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى لا تحيد ولا تلين عزيمتها، وهدفها واضح، وقف العدوان الغاشم وتحقيق السلام العادل والشامل الذى يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
لا صوت يعلو فى مصر الآن فوق صوت القضية الفلسطينية، الكل يجمع على أنها قضيته الأولى، والمواقف الشعبية والرسمية تؤكد ذلك، يقف المصريون صفًا واحدًا فى سبيل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى الشقيق، ومظاهرات الجمعة الماضية كانت خير معبر عن الموقف المصري، حيث انطلقت المسيرات الشعبية فى مختلف محافظات مصر لتأييد قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسى لمواجهة تداعيات الأحداث فى غزة، ودعمًا للشعب الفلسطينى ورفضًا لمحاولات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء ودول عربية أخرى.
هتافات المصريين توحدت حول التأكيد على أن فلسطين قضية الأمة التى لن تفرط فى أرضها ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية، معلنين تأييدهم لموقف القيادة السياسية وموافقتهم على كل ما يتخذه الرئيس السيسى من إجراءات لحماية الأراضى المصرية والحفاظ على الحقوق الفلسطينية.
احتشاد المصريين فى الميادين كان بمثابة تفويض جديد للرئيس السيسى لحماية الأمن القومى المصرى واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير التى من شأنها حماية الأراضى المصرية.
يدرك المصريون جيدًا اللعبة القذرة التى يلعبها الاحتلال الإسرائيلى ومن يدعمه، ومحاولة الضغط إلى أقصى درجة من أجل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، الخطة واضحة ومفضوحة مواصلة الاعتداء الغاشم وارتكاب المجازر ضد الأبرياء فى قطاع غزة لإجبارهم على الاحتشاد ناحية الجنوب والضغط عليهم لتهجيرهم ناحية الأراضى المصرية، لذلك حملت مسيرات المصريين يوم الجمعة رسائل واضحة بأنهم يقفون بكل قوة خلف قيادتهم لرفض مخطط التهجير وحماية الأمن القومى المصري.
وفى الوقت الذى خرج المصريون يفوضون قائدهم لحماية الأرض والقضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى والوقف فى وجه مخططات تصفية القضية، كان المشهد عند معبر رفح يؤكد عزيمة المصريين وقوتهم وصلابتهم فى مساعدة الأشقاء الفلسطينيين من خلال إدخال المساعدات العاجلة، وهو ما نجحت فيه مصر وفرضت إرادتها، حيث تمكنت صباح السبت الماضى من إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وسط أجواء عارمة من الفرح بين المصريين المرابطين عند المعبر منذ أسبوعين وعلت هتافات «الله أكبر»، صيحات مدوية تؤكد أن الشعب المصرى لن ينسى الأشقاء فى فلسطين، وأنه سيظل مرابطًا لإدخال مزيد من المساعدات مع توال دخول شاحنات المساعدات يومياً.
المواقف المصرية الثابتة والقوية كانت واضحة جلية كما هى العادة، خلال قمة القاهرة للسلام، وجاءت رسائل الرئيس السيسى للتأكيد على ذلك، حيث أكد على أن تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل لن يحدث وفى كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر أبدًا، وأن العالم لا يجب أن يقبل استخدام الضغط الإنسانى للإجبار على التهجير، موضحًا أن مصر أكدت وتجدد التشديد على الرفض التام للتهجير القسرى للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضى المصرية فى سيناء، إذ إن ذلك ليس إلا تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وإنهاء لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة وإهدارا لكفاح الشعب الفلسطينى والشعوب العربية والإسلامية، بل وجميع الأحرار فى العالم على مدار 75 عامًا هى عمر القضية الفلسطينية، ويخطئ فى فهم طبيعة الشعب الفلسطينى من يظن أن هذا الشعب الأبى الصامد راغب فى مغادرة أرضه حتى لو كانت هذه الأرض تحت الاحتلال أو القصف.
وبكلمات واضحة قال الرئيس إن حل القضية الفلسطينية ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى، بل إن حلها الوحيد هو العدل بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة فى تقرير المصير والعيش بكرامة وأمان فى دولة مستقلة على أرضهم مثلهم مثل باقى شعوب الأرض.
وجاء بيان رئاسة الجمهورية عن قمة القاهرة «السلام» ليؤكد على الموقف المصرى وأن مصر لن تألو جهدا فى استمرار العمل مع جميع الشركاء من أجل تحقيق الأهداف التى دعت إلى عقد هذه القمة مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع، وسوف تحافظ مصر دومًا على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجى لا حياد أو تراجع عنه، حتى تتحقق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية اللتين تعيشان إلى جوار بعضهما البعض فى سلام، وفى إطار سعى مصر نحو تحقيق تلك الأهداف السامية لن تقبل أبدًا بدعاوى تصفية القصية الفلسطينية على حساب أى دولة بالمنطقة ولن تتهاون للحظة فى الحفاظ على سيادتها وأمنها القومى فى ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات.
الموقف المصرى قوى وثابت وراسخ لا يتغير ولا يتأثر بالضغوط، الوقوف فى صف الحق الفلسطينى وتكثيف الاتصالات من أجل وقف العدوان الغاشم والضغط من أجل إدخال مزيد من المساعدات إلى الفلسطينيين فى قطاع غزة، والرفض القاطع لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية والوقوف بكل قوة ضد التهجير القسرى للفلسطينيين، وفى نفس الوقت الإعلان بكل قوة أن الأمن القومى المصرى خط أحمر وأن المساس به غير مقبول تحت أى ظرف.