دعوتُ الخميس الماضي سيادة اللواء أحمد علي العزازي رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لمناقشة رسالة الباحثة رؤيات حلمي مطاوع بهجات بكلية الإعلام جامعة القاهرة التي أقوم بالإشراف عليها وعنوانها: "البث المباشر للمواقع الإخبارية على الفيس بوك وعلاقته بتسويق مشروعات الإسكان القومية لدى الشباب المصري"، وخلال مناقشة سيادته للباحثة ذكر كلامًا مهمًا، رأيتُ أن أستعرضه معكم في هذا المقال.
ذكر سيادته أننا كنا نواجه في مصر مشكلات متراكمة خلال العقود الماضية لم نكن ندرك حجمها إلا عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية في أواسط العام 2014؛ مشكلات في الصحة والتعليم والإسكان والزراعة والصناعة والعشوائيات والسياحة، وهذه المشكلات أدت إلى عرقلة تقدم الدولة وشل حركتها، وأصبحت الحكومة كقاطرة غير قادرة على قيادة العمل الوطني، ولم تكن توجد ثمة قاطرة قادرة على هذا سوى القوات المسلحة، وكان الهدف من الاستعانة بهذه القاطرة هو بعث الحياة في أوصال الدولة لكي تنطلق من جديد، وكان بداية ذلك إنشاء بنية أساسية قوية تمهد عودة الروح والنشاط لكل المجالات.
لقد كانت قاطرة القوات المسلحة هى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية التي أوكلت لها أعباءٌ تنوء بها الجبال الراسيات، إلا أنها لم تكل ولم تمل في تنفيذ كل ما يُطلب منها في إطار تكليفات القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الدولة.
وبالنسبة لموضوع الإسكان ذكر اللواء أحمد العزازي أنه لا بد من تغيير الفكر المجتمعي بشكلٍ عام وفكر الشباب بشكلٍ خاص في تفضيلات السكن وتدرج مستوياته؛ فقد يكفي لعروسيْن مقبليٍن على الزواج "ستوديو" سكني صغير أو شقة صغيرة بأسلوب الإيجار التمليكي، ويمكنهما الانتقال إلى شقة أكبر بعد فترة من الزمن عندما يزيد دخلهما، وقد حرصنا على إتاحة مختلف مستويات الإسكان لذلك، حتى يكون متاحًا للجميع الاختيار من بينها وفقًا لمستويات الدخل، وخاصةً في ظل ارتفاع الأسعار ومواد البناء.
وذكر سيادته أنه يوجد في مصر 2 مليون شقة سكنية مغلقة انتظارًا لزواج الأبناء والبنات، رغم أن هذه الشقق لو طُرحت في سوق الإسكان لأحدثت رواجًا كبيرًا، وزادت من المعروض من الشقق السكنية، وقللت من أسعار الشقق التي تتسم بقلة العرض مع زيادة الطلب بحكم الزيادة السكانية المضطردة التي يصعب ملاحقتها بحجم العرض المناسب من الشقق السكنية مع مراعاة مختلف مستويات الدخول.
وألمح سيادته إلى نقطة مهمة وهو أن متوسط سن الزواج في مصر لم يصبح في العشرينيات بل في الثلاثينيات، وبالتالي إذا أردنا التعرف على تفضيلات الشباب المقبلين على الزواج في مجال الإسكان، فيجب أن نُجري دراسات السوق والدراسات الأكاديمية على الشباب الذين تترواح أعمارهم بين 30 -39 عامًا، وذلك للتعرف على احتياجاتهم ومستويات دخولهم ي اقتناء مسكن الزوجية.
وذكر اللواء العزازي أنه لا شك أن البث المباشر مهم في تسويق مشروعات الإسكان وفي المجالات الأخرى، سواء على شبكات التواصل الاجتماعي أو المواقع الإخبارية، إلا أنه يجب أن نسعى إلى صياغة دليل مهني إرشادي لوضع قواعد للبث المباشر حتى لا يؤدي البث المباشر إلى إحداث مشكلات إعلامية مهنية نحن في غنى عنها.
وأضاف سيادته أن المشكلة السكانية تلتهم كل ما يتم بناؤه من شقق سكنية؛ فلدينا دولة عدد سكانها يقارب 110 مليون نسمة، وزيادة سكانية سنوية حوالي 2 مليون نسمة، وكل هؤلاء في حاجة إلى مشروعات إسكان في حاجة إلى عقود من الزمان لبنائها وإمدادها بالمرافق، ورغم كل الجهود التي تبذلها الهيئة الهندسية، فإن محاولاتها لا تعدو عملية إحداث التوازن بين العرض والطلب، وإلا وصلت أسعار الشقق إلى أرقام فلكية.
وأوضح اللواء أحمد العزازي أن الهيئة الهندسية خاصةً والقوات المسلحة عامةً تعمل وفق توجيهات القائد الأعلى ورئيس الجمهورية بالالتزام بثلاثة متطلبات مهمة في مختلف المشروعات وهى أن يكون المنتج النهائي أعلى جودة وأقل سعرًا وأسرع إنجازًا، وهى طبيعة تميز مفهوم Concept الرئيس السيسي في إنجاز الأعمال منذ أن كان قائدًا للمنطقة الشمالية العسكرية مرورًا برئاسة المخابرات الحربية وحتى وصوله إلى رئاسة الجمهورية.
وفي النهاية وجه اللواء العزازي عتابًا رقيقًا إلى الإعلام والشباب لعدم الاهتمام الكافي بالمشروعات القومية التي يتم إنجازها على أرض الوطن في السنوات العشر الأخيرة والتي غيرت الحياة على وجه مصر، وأوصلتنا بحق إلى جمهورية جديدة لم نكن نحلم بها، ولا تزال دعائم هذه الجمهورية في حاجة إلى مزيد من التشييد والبناء في السنوات القادمة.