الإثنين 29 ابريل 2024

فماذا أنتم فاعلون؟

مقالات2-11-2023 | 20:35

سواءٌ أكانت الترجمةُ الحرفيةُ للنشيد الوطني الإسرائيلي تحضُّ علي العدوانية وسفْك الدم :"ليرتعدْ من هو عدوٌّ لنا، ليرتعدْ كلّ سكان مصر وكنعان، ليرتعدْ سكان بابل، ليخيّمْ على سمائهم الذعرِ والرعبِ منّا حين نغرس رماحنا في صدورهم، ونرى دماءهم تِراق ورؤوسهم مقطوعةٌ"، أو كانت ترجمته الحقيقية "وما دام صوب نهاية الشرق عينٌ ما زالت تتطلّع نحو صهيون، فأملنا لم ينته بعد؛ أمل الألفي عام أن نصبح أحرارًا في أرضنا أرض صهيون وأورشليم"..!! فهذا لا يجعلنا ننظر إليهم من منظور(العتبة جزاز والسلم نايلو في نايلو)!!! ففي كل بيتٍ من بيوتنا طوال حروبنا معهم شهيدٌ، ونعرف منطلقاته سلمًا وحربًا.

ورغم أن شعوبنا التي بذلتْ دماء شبابها لنيل استقلالها، ويشهد بذلك تاريخها الحديث؛ إلا أن نشيدها لم يُثرْ لَغَطًا ؛ وسأكتفي بإيراد نشيدين وطنيين لشعبين عربيين فاقت تضحياتهما حدود التصور هما :"مصر والجزائر"؛ فأوَّلُ نشيدٍ وطني مصري مُلحَّن عام 1923( اسلمي يامصر) للأديب"الرافعي": (اسلمي يا مصر إنني الفدا.. ذي يدي إن مدت الدنيا يدًا/أبدًا لن تستكيني أبدًا.. إنني أرجو مع اليوم غدًا)، وللوهلة الأولى نجد أن الفداء والتضحية(إن مدت الدنيا يدا)..كلمات داعمةٌ للسلام واحترام الإنسانية وحق الآخر في الحياة ، ومع قيام ثورة يوليو تم اعتماد نشيد (كنت في صمتك مُرغَمْ) لـ"كامل الشناوي (أرضك الحرة غطاها الهوان /وطغى الظلم عليها وعليك/قدِّمْ الآجال قربانا لعـرضِكْ /اجعل العمر سياجًا حول أرضكْ)ولم تختلف معانيه عما سبق فالآجال قربانٌ لدفْع الظلم وحماية الأرض والعرض ، ليعقبه نشيد"صلاح جاهين"(والله زمان يا سلاحي/اشتقت لك في كفاحي/انطقْ وقول أنا صاحي/يا حرب والله زمان) ليكون الختامُ نشيدَ "(بلادي بلادي بلادي/لكِ حبي وفؤادي/مصر يا أم البلاد/أنت غايتي والمراد/وعلى كل العباد/كم لنيلكِ من أيادِ)كلها معانٍ تحضُّ على حب الوطن وفضْل النيل على الإنسانية ، وإذا انتقلنا إلى الجزائر ونشيدها الوطني صاحبة المليون ونصف المليون شهيد-كما يصرُّ مثقفوهاعلى عدد شهدائهم-نجد كلماته(نحن جندٌ في سبيل الحق ثرنا/وإلى استقلالنا بالحرب قمنا/لم يكن يصغى لنا لما نطقنا/فاتخذنا رنَّة البارود وزنا/وعزفنا نغمة الرشاش لحنا) إننا لو تصفحنا ما ارتكبته فرنسا طيلة مائةٍ وثلاثين عاما واستخدامها أسرى الثوار في تجاربها النووية على أرض الجزائر لأصبنا بالجنون ولم نجد في نشيدها تلذذاً بالانتقام.

إن دمويةَ المجتمع الإسرائيلي جليةٌ لكل الأبصار ، والمناهج التعليمية الرسمية تغذِّي نظريةَ استعلائه على من عداه ، وتُلصق بالعرب صفات الغباء والتوحُّش والسطو والميل إلى التخريب ؛ لذا يجب اقتلاعهم!! ويخضع التلميذ اليهودي خلال دراسته لغسيل دماغ ، ليصير أداةَ حربٍ ضد كل ما هو عربيٌّ ، وهذي عينةٌ من قصص الأطفال في المناهج الرسمية الإسرائيلية : جاء في *قصة"مقاصد الأثر من الحدود الشمالية": "أي نوع من الرجال هؤلاء العرب؟ لا يقتلون إلا العزل من الأطفال والنساء والشيوخ! لماذا لا يقتلوننا نحن الجنود؟"!! وفي *قصة"خريف أخضر" تحكي قصة أسيرٍ عربي متقدِّمٍ في السن وقع في أيدي الجنود اليهود، وتُبرز شخصيته هزيلاً جباناً يُفضي بأسرار بلده من الخوف والجبْن دون أن يطلبها منه أحد، ويُصرُّ في تذللٍ على تقبيل أيدي الجندي اليهودي، الذي يمتنع من الموافقة على ذلك!" وجاء المقطع التالي على لسان الجندي اليهودي: "لقد نفَّذ كل ما أمرته به، أحضر الماء، وقام بمهمات مختلفة كلَّفْته بها، وكان يعود في كل مرة كالكلب العائد إلى كوخه!.

والمستغرب أن المناهج الدراسية العربية إذا أشارت إلى صراعنا مع هذا العدو يأتي ذلك عل عَجَلٍ وكأنه شيءٌ يدعو إلى الخجل ...!! أين ماكنا ندرس من قصصٍ مقررةٍ تزيد نفوسنا اشتعالاً لمواجهة الأخطار ..؟!! لقد درستُ في الصف الثالث الإعدادي أوائل السبعينيات-إن لم تخنِّي الذاكرةُ -قصة"رسالة من جندي" تؤرخ فترة حرب الاستنزاف تصف الجبهة وظروفَ الحرب تفصيلياً جعلتني وغيري نتحرَّقُ شوقاً للمشاركة في ميدان المعركة ...!! والآن لابد أن نسأل أنفسنا .. لأيَّةِ فائدةٍ نستأنس أجيالنا وهي ستواجه يوما ما أجيالهم التي أُرضعتْ كراهيةَ العرب ، وتغذَّتْ على أدبيات تحطُّ من قدْر العرب وتستحلُّ بلاد العرب ودماء العرب ...؟!!ليأتي الختام دافقا من "نزار قباني" وبعض قصيدته"الممثلون":  أخبارنا جيدة ...وحالنا-والحمد لله-على أحسن ما يكونْ جمْرُ النراجيل ... على أحسن ما يكونْ !!! وطاولات الزهر .. ما زالت على أحسن ما يكونْ !!.

والقمرُ المزروعُ في سمائنا مدوَّرُ الوجه على أحسن ما يكونْ !!.

وصوتُ فيروزَ من الفردوس يأتي : "نحن راجعون".

تغلغل اليهودُ في ثيابنا ، و "نحن راجعون"!! صاروا على مِتْريْن من أبوابنا ، و"نحن راجعون".

ناموا على فراشنا ، و"نحن راجعون"!! وكل ما نملك أن نقوله :"إنا إلى الله راجعون" !!!.

Dr.Randa
Dr.Radwa