الثلاثاء 28 مارس 2023

محمد الشربيني

صباح الخير يا قديستي الحلوة!

'صباح الخير يا قديستي الحلوة!'

'صباح الخير.. يا قدِّيستي الحُلْوةْ.. ودوماً أقول : الأمُّ أمَّةٌ وهل هناك دورٌ أعظم في حياة كل إنسانٍ من دور أمه؟ ، وقد أدَّته عن طيبِ خاطرٍ ، فلم تنتظر جزاءً ولا شكوراً؛ لكنها المحبة الخالصة التى لا نجدها إلا في قلبها وفقط ، ولتغضبْ كلُّ الحبيبات من ذلك ؛ لكنها الحقيقة الصادمة التي تثبتها الأحداث الحياتية ، والتي يتعامى البعض عنها ، فهذا صخر بن عمرو أخو الخنساء من أبيها من أشجع العرب وأكرمهم وأجملهم، أحبته سلمى بنت عوف وأحبها ، فتزوجها وتعاهدا على أن لا تتزوج بعده وهو كذلك'

'ربَّما نفرحُ يوماً.. ربَّما!! '

'ولأنك يا قارئي العزيز حياتك مرهونةٌ بأحد أزمنةٍ ثلاثةٍ : ماضيك و حاضرك ومستقبلك ، ولا شيء يخرج عن إطار ذلك ، فالحاضر قبل دقيقةٍ واحدةٍ كان مستقْبَلاً ، وهو ذاته بعد دقيقةٍ واحدةٍ أصبح ماضياً ؛ عَجَلةُ الزمن لا تتوقف ، وعقاربُ الوقت لا تعود '

'نَعَمْ نَعَمْ.. نحن عرايا الألسنة!! '

'أجلْ ... مثلما قرأتَ عزيزي القارئ ، فلم أخطئ في كتابة العنوان ، بل قصدتُ ذلك مع سبْق الإصرار ، وقبلما تستشيط غضباً من ذلك العنوان الصادم ... تعال نرى ماذا أردتُ بمصطلح ( عُرْي الألسنة )'

'هذا كلامُ نشيدنا الوطنيِّ..!'

'يتصدى فيها السياسيون للحديث عن الوطن .. إلا وتتقافز من أفواههم هذه الكلماتُ ذاتُ الرنين الأخَّاذ ، والتي يتردَّدُ صداها في جنبات فعاليَّاتهم ، وسط تصفيق أنصارهم '

'حذارِ.. من جوعي ومن غضبي!!! '

'وليس هناك أشد إجراماً وجنايةً من جريمة الفصل العنصري ، التي هي في الأساس توصيفٌ لجميع الأعمال غير الإنسانية التي تُرتكب بحق الأفراد والجماعات، هذه الممارسات يقوم بها أشخاصٌ ينتمون إلى فئةٍ عنصريةٍ'

'لسْتُ إلاَّ عابرَ سبيلٍ ..!!!'

'كلنا عابرو سبيلٍ تعبيرٌ يجري على ألسنة ذوي الخبرات ، ثم يُتبعونه بنظرةٍ عميقةٍ تتجاوز المرئيات ، للدلالة على قِصَر الأعمار ، وغباء ذوي الأطماع في صراعاتهم على دنيا زائلة ، وإعراضهم عما ينالون به محبَّةَ الخالق عزَّ وجلَّ ، ولكن لم يكن ذلك قصْدي من اختيار العنوان ، إنما قصدتُ به سؤالاً لا أسطيع مغافلته لإراحة عقلي المكدود من رحلة طويلة شارفتْ على الانتهاء ألا وهو هل يمكن للإنسان أن يكون في حياته عابرَ سبيلٍ فلا يأبه بشيء ؟ '

'مَشْبوهٌ على الدوام!!!'

'مَنْ كافور العبد الأسود؟ ومَنْ سيِّدُه الحرُّ الأبيض...؟ ومَن الخلْقُ ...؟ أبقى مع الله لأحدٍ مُلْكٌ أو شراكةٌ...؟ ... تلاشىَ الخلْقُ كلهم... أجلْ لم يكتب كافور الإخشيدي شعراً ولا نثراً، لكنه لخّص في هذه الكلمات القلائل السابقة ما حباه الله من علْمٍ عميقٍ ، وجسَّده سلوكاً في حياته، والعجيب أنَّ معظم الذين سمعوا بكافور الإخشيدي في هجاء المتنبي، لم يكلِّفوا أنفسهم مشقة البحث في تاريخه، ولم يحاولوا تجاوزَ هجاء المتنبي له فظلوا أسرى سِحْر شعره ... وإن خالف الحقائق التاريخية... فهل يعلمون عن كافور الإخشيدي مثَلاً ... أنه كان حاكماً لمصر والشام والحجاز كسب حب الرعية بعدله وحسن إدارته ..؟ وهل يعلمون أنه كان يُدْعَى له في الحرمين الشريفين والمنابر الإسلامية المشهورة....؟ وليس أدلّ على علوِّ شأن كافور من أن المتنبي نفسه قَصَدَه متكسِّباً، ومدَحه بأجمل قصائده ... . ولولا أن المتنبي ما لبث أن ارتد عن مدْح محاسن كافور الإخشيدي - وهي جليةٌ للباحثين عن التاريخ الحقيقي - وشَغَل العالَم بهجائه الظالم له، أقول لولا ذلك لدام كافور في أذهان الناس مثلاً يُحكى ، ليس فقط في علوِّ الهمة والطموح والتن'

'آخر كوبين من شاي المساء!'

' ألا يمكن ونحن على مشارف النهايات أن تكون تلك اللحظات أكثر رضاً ؛ فنغادر تعلونا البسمة ، ولا حرج في أن تختلط بسمات من حولنا ببعض الدموع ... كثيراً ما يتردد ذلك في صدري'

'عُزْلةُ أعمدة التلغراف!'

'وبناءً على ما ورد إلينا من آلاف الصور الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية والسفن الفضائية والمناظير العملاقة، نجد السواد يغطّي معظم أرجاء الكون، وكأنّه هو الأصل؛ رغم أن الوجود بأكمله يقوم دوما على لغة الأضداد وتجاورها في منظومة محكمة دالة على القدرة الإلهية، قال تعالى: '

'لا تطلبْ منِّي أنْ أبتسم..! '

'ولأن الإسكندرية مولدي وملعب طفولتي فلها أكبر الأثر في تشكيل وجداني ووعيي، ولها النصيب الأوفر في سلَّة الذكريات، ولا تزال إسكندرية الستينات تحتل واجهة الذاكرة؛ حيث جمالها الأخَّاذ، وهذا الكورنيش الساحر الذي كان يتيح لك عبوره دونما مضايقة من بوق سيارة أو خوفٍ من خطورة سرعتها أو ضيقٍ من زحام المارين الذين يحرمونك من السلام النفسي الذي تنشده في خلوتك بالبحر إذْ تلقي عليه السلام.... فيستقبلك بأحضانه... '

'أتيتُ... لأكذب !!'

'( أتيتُ... لأكذب ) أعترف أن العنوان صادمٌ جداً ، ومَنْ يملك هذا القدْر من الجرأة فلا يدقِّق فيما ينطق ، ويقف معترفاً فلا يخشى عقوبةً ، أو يحسب لنظرات الاستهجان حساباً؟ ولكن ألا يمكن أن يحمل الكلام صيغة المفارقة ، وهي مهارةٌ برع فيها الكثير من الشعراء ، هذه المفارقة التي تعني أن تقول شيئاً وتقصد غيره؛ مثل الذم بما يشبه المدح أو المدح بما يشبه الذم ؛ ولأن التطوُّر سُنَّةٌ حياتيةٌ ، فإن مفهوم المفارقة اكتسب دلالاتٍ شتى تبعاً لتغيُّر الزمان والمكان ، فصارت المفارقة حديثاً قولَ الشيء بطريقة تستدعي تفسيراتٍ لا تنتهي ، هدفها إحداث أبلغ الاثر بأقل الوسائل تكلفةً ، وليس أمامك عزيزي القاريء إلا أن تتتبَّع المعنى الذي يدور حوله الشاعر ، ويكمن وراء تعابيره ومفرداته. '

'قصيدتان.. في جِنازةِ رجلٍ نَكِرَةٍ!! '

'ويظل الموت هو الحقيقة التي لا يملك الإنسان قرار الفرار منها، أو القدرة على ذلك أياً كان منصبه أو ماله، فالكل أمامه سواء، وعاجلاً أو آجلاً سنخرج من هذه البوابة المعلومة المجهول ما بعدها ، ومن منا لم يؤرق الموت باله'

'عيناكِ .. والوطن!'

'لم يبق إلا أن يلمس قرَّاءُ الشعر العربي أعينَ محبوبات الشعراء، فقد أبدع الشعراء رسْمَها على أوراقهم، فتفننوا في تجسيمها، وحملتْ أشعارهم كل تفاصيلها، وأروع تجلياتها، وباحوا بجمال وقْعها وعظيم أثرها، ترجموا ذلك كله تصويراً ورمزاً حتى لكأنك عزيزي القارئ لا تملك إلا أن تُلقي بنفسك مع الشاعر العربي في إبحاره اللانهائي. '

'«أنتَ السيِّد... !!»'

'إذا لم يكن لك سابقُ اهتمامٍ بـ(كرة القدم)، ولم تُصَبْ بجنونها، وراودتْكَ نفسُك على أن تكون مثل المحيطين بك؛ صغاراً وكباراً، وألحَّتْ عليك نفسُك أن تشاهد _ ولو مرة واحدة _ نهائي كأس العالم المقام في قطر بين فرنسا والأرجنتين.'

'جفِّفي دموعك يا أفريقيا'

' الكتابة بالنسبة إليّ هي الرغبة في درء الظلام.. والرغبة في فتح نافذة على العالم لكل إنسان ... برنارد دادييه الملقب ب ( فيكتور هوجو الإيفواري ) يالهاتين الجملتين المشرقتين؛ هكذا ترونهما قصيرتين، وعلى عجل تمر أعينكم بهما دونما اكتراث.. لكن بقليلٍ من التمعُّن يتبدى لنا اكتنازهما بأهم ما يجب أن يحرص'

'فيكتور هوجو الإيفواري يشكر الله أنْ خَلَقَه أسود البشرة!'

'لا يأتي ذكْر ساحل العاج أو ( كوت ديفوار ) إلا ويتبارى الجميع في استعراض أساطيرها الكروية، وفي مقدمتهم (دروجبا ورفاقه منتخب الأفيال) وكيف كانت مبارياتنا معهم غايةً في الإمتاع والإثارة، هذه النظرة القاصرة أرادها الغرب لنا'

'هل يقبل الأفريقي أن يكون أبيض البشرة؟!'

'هل يقبل الأفريقي أن يكون أبيض البشرة ؟ وحينما يرد على الخاطر قضية استعباد الإنسان الأبيض لذوي البشرة السمراء، أفزع ويصيبني الاشمئزاز'

'قصيدة... لامرأة لاجئة!'

'أن تكون شاعراً فتلك منحةٌ ربانيةٌ ، يعرف قدْرَها كل البشر ، وإن تظاهر البعض منهم بعدم المبالاة أو حاولوا الغضًّ من قيمتها والتقليل من أثرها فيتهمون الشعراء بالخيال الزائف ، لكنهم حينما يتحدثون تجدهم في ثنايا أحاديثهم تجري على ألسنتهم أبيات الحكمة ، وحينما ينفردون بأنفسهم يعترفون بالعجز عن مجاراة هؤلاء الشعراء أصحاب الحظ المتسع في الإبانة والتعبير . '

'نهر النيل في عيون إثيوبية..!'

'أعترف أنني قد علقتْ روحي في شِبَاك الافتتنان بالشعر الإفريقي، وكأني قد فتحتُ مغارة (علي بابا)، مغارةٌ ملأى بكل الجواهر والأحجار الكريمة من المعاني والأفكار تأخذ بالأرواح؛ فلا تدعُ لها مهرباً'

'وإن سألوك عن أفريقيا (2)'

'ولم تزل أفريقيا تعاني هذه النظرة الضيقة التي لم تستطع أن تخفي تحيُّزها لكل ما هو غربيّ، أفهم أننا نرى مدى ما حققوه تقنيا فيملؤنا الإعجاب وتخرج من أفواهنا صيحات الدهشة'