تُعدّ الثقافة الشعبية من المداخل الأساسية لدراسة الشعوب، حيث تعكس الجوانب النفسية والعاطفية في حياة المجتمعات، وتعتبر الأمثال الشعبية أحد أبرز عناصر هذه الثقافة، إذ تمثل حجر الزاوية لفهم الشعوب.
والمثل هو حكمة تتجسد في كلمات مسجوعة أو غير مسجوعة، تنطوي على رمز يحمل نقدًا أو علاجًا لأحد جوانب الحياة المتنوعة. والحكمة في جوهرها قديمة، هي نتاج الروح وثمار تجربتها، تتشكل من نعم الحياة وابتلاءاتها، نادرًا ما تخلو أمة أو قبيلة من قول الحكمة في أمثال تتداولها، وقد تتجاوز هذه الأمثال حدودها إلى أمم أخرى، إذ إن النفوس البشرية، رغم اختلاف درجات تطورها، تشترك في العديد من جوانب الحياة، وقد تتسم هذه الحكمة بالرقي، لتصبح جزءًا من ثقافة الأمة ومعرفتها العميقة، ويعكس ذلك مستوى تطور الأمة ونضوجها.
خلال أيام شهر رمضان المبارك، نعرض معًا مجموعة من الأمثال الشعبية المصرية التي تناولت موضوعات حياتية يومية متنوعة.
واليوم نناقش الأمثال التي تدور حول "لكل جواد كبوة"
تُروى العديد من القصص حول المثل "لكل جواد كبوة"، ويقال عند ارتكاب الرجل الصالح خطأً، يعود أصل هذا المثل إلى زمن الحجاج بن يوسف الثقفي، عندما وقع خلاف بين الحجاج وابن القرية، وحاول ابن القرية أن يصالح الحجاج كي تعود العلاقات الطيبة مرة أخرى.
تظهر الرواية الأولى عندما طلب ابن القرية من الحجاج أن يلقي خطبة للناس، وعندما انتهى، سأله الحجاج: "كيف رأيتني؟" أجابه ابن القرية قائلاً: "رأيت الأمير خطيبًا مصقعًا، يشير باليد، ويكثر من الرد، ويستعين بقول 'أما بعد'" ثم طلب ابن القرية من الحجاج أن يسمح له بأن يقول كلمات تُصبح مثلًا بعده، فقال ابن القرية: "أيها الأمير، لكل جواد كبوة، ولكل شجاع نبوة، ولكل كريم هفوة."
في الرواية الثانية، يُحكى أن جوادًا سقط في بئر وانكسرت قدماه. رأى صاحب الجواد أنه لا داعي لإخراجه من البئر، نظراً لأن ثمن إخراجه يعادل ثمن شراء جواد جديد، لذا قرر الفلاح أن يتخلص من البئر والجواد معًا، وقرر ردم البئر ودفن الجواد فيه.
أدرك الجواد ما يقوم به صاحبه وأخذ يصهل بصوت مرتفع طلبًا للعون، ولكن بعد فترة قصيرة، انقطع صهيل الجواد، وعندما نظر الفلاح ومن معه، وجدوا الجواد ينفض التراب عن ظهره، ويسقطه على الأرض. وبفضل هذه الطريقة، كان الجواد يرتفع فوق التراب تدريجيًا، حتى امتلأت الحفرة واستطاع بخطوة بسيطة أن يخرج منها، اندهش الجميع من فطنة الجواد وقدرته على التغلب على كبوته والخروج من البئر.