الأحد 28 ابريل 2024

بسبب تغير المناخ: مرض غامض يهدد ويقتل الحيوانات الإفريقية

صورة أرشيفية

12-11-2023 | 14:31

تقرير: أمانى عاطف
فى الوقت الذى بدأ فيه العالم إدراك أهمية الحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض وتخزين العينات البيولوجية للحيوانات فى البنوك الحيوية احتياطيًا، للحفاظ على تنوعها ومنعها من الانقراض، من خلال استعادة جيناتها ومساعدتها على الإنجاب. وبدأ فى زيادة التثقيف فيما يخص انقراض الحيوانات توفيت العشرات من الأفيال المهددة بطريقة غريبة، ولكن اكتشف العلماء السبب مع استبعاد الصيد الجائر والتسمم بالجمرة الخبيثة. قبل عدة سنوات، تم العثور على العشرات من الأفيال الإفريقية ميتة بشكل غامض فى محمية غابة باندا ماسوى فى زيمبابوي. وتم اكتشاف 35 جثة للأفيال فى منطقة محمية كافانجو-زامبيزي، التى وتعد موطنًا لأكبر عدد من الأفيال فى إفريقيا. ومن المثير للاهتمام أن الجثث لم تظهر عليها أى علامات على الصدمة الخارجية أو الضيق؛ كانت جلودها خالية من العض، وكانت أنيابها سليمة، مما استبعد أن تكون الحيوانات المفترسة والصيادون سببًا للوفاة، بالإضافة إلى ذلك، كانت أجسادها فى حالة «جيدة»، مما يشير إلى أن الحيوانات لم تستسلم للجوع أو الجفاف عادة ما تسبب الجمرة الخبيثة وفاه فردية. وقبل شهرين فقط، سقط 350 فيلاً ميتاً فى دلتا أوكافانغو فى بوتسوانا، وتزايدت التكهنات حول ما حدث وأثارت الوفيات لغزا دوليا. فى حيرة من أمرهم بسبب نفوق الأفيال، شرع الباحثون فى اكتشاف السبب الذى أدى إلى مقتلها، وفقًا لدراسة نشرت فى مجلة Nature Communications. وبعد ثلاث سنوات نُشرت نتائج اختبارات فوجين الأولية، لتكشف أخيرًا لغز نفوق الأفيال فى زيمبابوى وهى بكتيريا يطلق عليها «باستوريلابيسجاردتاكسون 45» وهى بكتيريا غامضة لا يُعرف عنها إلا أنها تقتل الأفيال. يحذر الباحثون من أن اكتشافها يضيف إلى قائمة التهديدات التى تواجه أفيال السافانا الإفريقية المهددة بالانقراض، لكن قد تكون لها أيضًا آثار أوسع. ففى ظروف موجة الحر، قفزت بكتيريا مماثلة إلى مجرى الدم فى الظباء، مما تسبب فى وفيات جماعية. ومع ارتفاع حرارة الكوكب وتزايد الظروف الحارة والجافة، يشعر العلماء بالقلق من احتمال حدوث ذلك فى أنواع أخرى، ويطالبون بإجراء المزيد من الاختبارات لتحديد حجم التهديد وفقا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. يمثل اكتشاف أسباب الوفيات الجماعية فى الحياة البرية فى السافانا تحديًا كبيرًا. وأرسل العالم كريس فوجين، وهو طبيب بيطرى للحياة البرية فى صندوق فيكتوريا فولز للحياة البرية، عينات إلى مختبرات دولية لديها مرافق لإجراء اختبارات شاملة على هذا المرض الذى لا يمكن التعرف عليه. قاموا فى النهاية بتشخيص بكتيريا الباستوريلابيسجارد 45، والتى أدت إلى تسمم الدم فى الحيوانات فهى تقتل بشكل رئيسى الأفيال الأصغر سنًا والمفطومة، لأنها تمشى لمسافات طويلة للوصول إلى الماء وكان هناك موسمان ممطران سيئان على التوالى وظروف جفاف عندما حدثت الوفيات. ومع ارتفاع حرارة الكوكب، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة تواتر ظروف الجفاف، ستكون الأفيال فى نفس الظروف بشكل متكرر، مما يزيد من احتمال تفشى المرض. وما يثير القلق أيضًا مدى ضآلة ما يعرفه العلماء عن تصنيف الباستوريلابيسجارد 45، وعدد المرات التى قُتلت فيها الحيوانات من قبل. ويخشى العلماء من حدوث وفيات أخرى غير متوقعة فهناك سابقة لهذا وتم ربط بكتيريا الباستوريلا بالموت المفاجئ لأكثر من 200 ألف من ظباء السايغا فى كازاخستان فى عام 2015. ويأمل العلماء أن تساعد هذه الحالة فى تسليط الضوء على ما حدث فى إفريقيا. ويقول الدكتور أرنود فان فليت من جامعة سرى إن تحليله لسلالة زيمبابوى أظهر أنها تشبه إلى حد كبير البكتيريا التى قتلت ظباء السايغا. ويُعتقد فان فليت، أن بكتيريا الباستوريلا تعيش فى اللوزتين لدى بعض الظباء، بالإضافة إلى الأنواع الأخرى بما فى ذلك النمور والأسود والسنجاب. وفى الظباء، أدت زيادة درجة الحرارة الخارجية إلى 37 درجة مئوية إلى انتقال البكتيريا إلى مجرى الدم، حيث تسببت فى تسمم الدم. ويقول: «قد تكون هناك حيوانات أخرى يمكن أن تكون حاملة للبكتريا..إذا لم نبحث عنها، فلن نعرف ما إذا كانت موجودة أم لا. وإذا كانت موجودة فى حياة برية أخرى، فقد نرى حالات وفاة أخرى غير متوقعة.» يوجد سباق ضد الزمن خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية لذلك يعتقد الباحثون أن فهم بكتيريا الباستوريلا أصبح أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى. لأن فيلة السافانا الإفريقية مهددة بالانقراض، مع بقاء 350 ألف منها وانخفاض عددها بنسبة 8 فى المائة سنويًا. يقول فان فليت: «نود أن نواصل هذا البحث إلى أبعد من ذلك، لكن لا يوجد تمويل للقيام بذلك». ليس الأمر مجرد سباق مع الزمن للوصول إلى الجثث بالسرعة الكافية، بل ليس من السهل أيضًا إرسال عينات بكتيرية إلى المختبرات المناسبة، وفرز التصاريح، لكن تنفيذ هذا النوع من المشاريع باهظ التكلفة للغاية. أصبح بإمكان صندوق فيكتوريا فولز للحياة البرية فى زيمبابوى الآن إجراء اختبار لتصنيف الباستوريلابيسجارد 45، لذلك لن يتعين عليه الاعتماد على مختبرات فى بلدان أخرى للحصول على المساعدة. وفى حالة عودتها، سيتمكن الأطباء البيطريون من التعرف عليها بسرعة. لكن هذه القدرة ليست منتشرة على نطاق واسع بعد. وفى عام 2022، اكتشف الباحثون الذين أجروا المسح السنوى للأفيال في منطقة محمية ترانزفرونتير زامبيزى كافانجو عددًا كبيرًا من الجثث الحديثة. من غير المعروف ما إذا كان تصنيف بيسجارد 45 قد تسبب فى بعض هذه الحالات، ولكن يجب أن يكون الآن على قائمة الأشياء التى يجب التحقيق فيها فى حالة الموت المفاجئ فى الأفيال الإفريقية. وقال الباحثون إن أصول البكتيريا غير معروفة، ولكن تم العثور عليها سابقًا فى البشر الذين عضتهم الأسود والنمور، وكذلك الببغاوات الأسيرة وسنجاب واحد. ويعد تسمم الدم يضيف إلى قائمة متزايدة من التهديدات المرتبطة بالأمراض التى تهدد الحفاظ على الأفيال، بما فى ذلك السل، والجمرة الخبيثة، وفيروس الهربس الموجه لبطانة الفيل، وفيروس التهاب الدماغ وعضلة القلب، ومتلازمة الجذع المرن، والتسمم الخبيث.كما يشكل الصيد الجائر وتجريف البيئة الطبيعية، لإفساح المجال أمام الإنتاج الزراعي، تهديدات كبيرة للحفاظ على هذه الأنواع، وفقًا للاتحاد الدولى لحفظ الطبيعة.