السبت 27 ابريل 2024

في ذكرى ميلاده.. محطات في حياة عميد الأدب العربي طه حسين

طه حسين

ثقافة15-11-2023 | 12:46

آلاء طنطاوي

تحل اليوم ذكرى ميلاد الأديب والناقد المصري الدكتور طه حسين، أحد أبرز الشخصيات في الحركة العربية الحديثة، ولقب بعميد الأدب العربي، وشغل عدة مناصب مهمة، وارتقى بالأدب العربي، واثار العديد من الأفكار الجديدة على المجتمع المصري، ودعى للتجدد والتطور في أسلوب وطريقة التعليم.

ولد طه حسين 15 نوفمبر 1889، بمحافظة المنيا في الصعيد الأوسط المصري، في أسرة متوسطة ذات عدد أبناء كبير، وقد فقد بصره صغيرًا بسبب الإهمال والجهل، ودخل كتاب القرية وتعلم اللغة العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم وحفظه في مدة قصيرة، أذهلت أستاذه وأقاربه ووالده الذي كان يصحبه أحياناً لحضور حلقات الذكر، والاستماع إلى قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي.

التحق «حسين» بالأزهر للدراسة الدينية والاستزادة من العلوم العربية في عام 1902، ونال شهادته التي تخوله التخصص في الجامعة، ولم تمر الأعوام التي قضاها في الأزهر بمتعه، فقد أحس أنه قضى أربعون سنة لا أربعة سنين، بسبب رتابة الدراسة وعقم المنهج وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وأساليب التدريس.

وكان طه حسين أول المنتسبين في الجامعة العربية 1908، ودرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ، والجغرافيا، وعددًا من اللغات الشرقية، ولم ينقطع حضوره لدروس الأزهر والمشاركة في ندواته اللغوية والدينية.

ونال  طه شهادة الدكتوراه في سنة 1914 وكان موضوع الأطروحة «ذكرى أبي العلاء»، وهي ما أثارت ضجة كبيرة في الأوساط الدينية، وقد اتهمه أعضاء البرلمان بالمروق والزندقة والخروج على مبادئ الدين الحنيف، صدر أوامر من شيخ الأزهر للجنة الفاحصة بعدم منح طه حسين درجة العالمية مهما كانت الظروف.

 وذهب طه حسين في منحة إلى فرنسا في نفس العام لمدة سنة، فدرس علم النفس والتاريخ الحديث، وعاد إلى مصر لمدة ثلاثة أشهر، صنع فيها خصومات متعددة ومعارك، محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية، ورجع إلى فرنسا من جديد لمتابعة التحصيل العلمي،  ودرس مختلف الاتجاهات العلمية في علم الاجتماع، والتاريخ اليوناني والروماني، والتاريخ الحديث، وأعد خلالها أطروحة الدكتوراه الثانية وعنوانها «الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون» في 1918.

 وأنجز حسين دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني، والنجاح فيه بدرجة الامتياز، وفي غضون تلك الأعوام كان قد تزوج من سوزان بريسو الفرنسية السويسرية الجنسية التي ساعدته على الإطلاع أكثر فأكثر باللغة الفرنسية واللاتينية، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد.

وعاد «حسين» إلى مصر عام 1919 وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني في الجامعة المصرية الأهلية، وعندما أصبحت حكومية عام 1925، عينته وزارة المعارف أستاذاً فيها للأدب العربي، وعميدًا لكلية الآداب في الجامعة عام 1928، وتولى ذلك المنصب يوم واحد إذ قدم استقالته تحت تأثير الضغط المعنوي والأدبي الذي مارسه عليه الوفديون، خصوم الأحرار الدستوريين الذي كان منهم طه حسين.

وعيِّن طه حسين عميد كليه الآداب عام 1930، بسبب منح الجامعة الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية المرموقة، ورفض طه حسين ذلك المنصب فأصدر وزير المعارف قرارًا بنقله إلى الوزارة، ولكن رفض «حسين» هذا المنصب أيضًا، فقامت الحكومة إحالته إلى التقاعد عام 1932.

واتجه عميد الأدب إلى الصحافة، فأشرف على تحرير «كوكب الشرق»، وما لبث أن استقال منها بسبب خلاف بينه وبين صاحب الصحيفة، واشترى امتياز «جريدة الوادي» وأشرف على تحريرها، ولكن لم يعجبه  هذا العمل فترك الصحافة عام 1934.

وكتب طه حسين نحو 60 كتابا بينها 6 روايات، ومن أبرز كتبه «الأيام» و«دعاء الكروان» و«المعذبون في الأرض» و«في الشعر الجاهلي»، وكتب نحو 1300 مقالة، وتُرجم أكثر من 12 عملًا له إلى لغات عدة على رأسها الفرنسية.

جوائز وتكريمات

رشحته الحكومة المصرية لنيل جائزة نوبل، وفي عام 1964 منحته جامعة الجزائر الدكتوراه الفخرية، ومثلها فعلت جامعة بالرمو بصقلية الإيطالية عام 1965، وفي السنة نفسها ظفر طه حسين بقلادة النيل، إضافة إلى رئاسة مجمع اللغة العربية، وفي عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراه الفخرية، وفي عام 1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي، ورشح من جديد لنيل جائزة نوبل، وأقامت منظمة اليونسكو الدولية في أورجواي حفلاً تكريمياً أدبياً قل نظيره.

وتوفي طه حسين يوم الأحد 28 أكتوبر 1973م عن عمر ناهز 84 عاما، قال عنه عبَّاس محمود العقاد إنه رجل جريء العقل مفطور على المناجزة والتحدي، فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير.

Dr.Randa
Dr.Radwa