السبت 11 مايو 2024

الدول تخطط لزيادة الإنتاج الوقود الأحفورى ينسف اتفاقية باريس للمناخ

صورة أرشيفية

21-11-2023 | 12:27

تقرير: أمانى عاطف
على الرغم من موجات الحر المتكررة والمدمرة والجفاف والفيضانات والحرائق، لا تزال الدول الرئيسية المنتجة للوقود الأحفورى تخطط لاستخراج أكثر من ضعف كمية الوقود فى عام 2030 مما لا يتوافق مع هدف اتفاق باريس للمناخ للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وفقا لتقرير جديد ودراسة تدعمها الأمم المتحدة. يشير التقرير الذى شارك فيه باحثون فى معهد ستوكهولم للبيئة يشير إلى أن الدول التى تعهدت بوقف ظاهرة الاحتباس الحرارى تعمل على التوسع فى استخدام الوقود الأحفوري، ويظهر التقرير التباين بين الأهداف المناخية وخطط استخراج الوقود الأحفوري، وهى فجوة ظلت دون تغيير إلى حد كبير منذ أن تم قياسها لأول مرة فى عام 2019. وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة فى بيان لها إن خطط الحكومات لتوسيع إنتاج الوقود الأحفورى تقوض تحول الطاقة اللازم لتحقيق صافى انبعاثات صفرية، مما يخلق مخاطر اقتصادية ويضع مستقبل البشرية على المحك. إذا استمرت التوقعات الحالية، فسوف تقوم الولايات المتحدة فى عام 2030 بالتنقيب عن المزيد من النفط والغاز أكثر من أى وقت مضى فى تاريخها، كما تخطط روسيا وعدة دول أخرى لفعل الشيء نفسه. وسلط التقرير الضوء على الفجوة الواسعة بين الوعود النبيلة لزعماء العالم باتخاذ إجراءات أقوى بشأن تغير المناخ وخطط الإنتاج الفعلية لدولهم. ومن المقرر أن يجتمع الزعماء هذا الشهر فى قمة المناخ العالمية فى دبى لمناقشة كيفية الحد من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى لكوكب الأرض ولكن فى مواجهة المعارضة القوية من كبار منتجى الوقود الأحفوري، أحجمت مؤتمرات المناخ حتى الآن عن مناقشة التخلص التدريجى من الوقود الأحفورى. وقال أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة: «لا يمكننا معالجة كارثة المناخ دون معالجة السبب الجذرى لها وهو الاعتماد على الوقود الأحفورى.. إن انبعاثات الوقود الأحفورى تسبب بالفعل فوضى مناخية تدمر الأرواح وسبل العيش». ومع ذلك، فإن «الحكومات تضاعف فعليا الإنتاج». وقعت كل الدول تقريبا على اتفاق باريس فى عام 2015، وهو اتفاق المناخ العالمى الذى يهدف إلى الحد من ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين، ومن الناحية المثالية لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية، أو 2.7 درجة فهرنهايت، مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة. وعلى مدى العقد الماضي، أحرزت الحكومات والشركات تقدما فى عدم التنقيب عن الوقود الأحفورى من خلال زيادة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، على سبيل المثال، والاستثمار فى البنية التحتية للسيارات الكهربائية. ومع ذلك، وجد التقرير أن دول العالم تخطط لمواصلة زيادة إنتاج الفحم حتى عام 2030، وإنتاج النفط والغاز بعد ذلك بعقود. ويقول العلماء إنه بعد هذه العتبات، يواجه العالم خطر حدوث أضرار كارثية لا يمكن إصلاحها نتيجة لتغير المناخ. وكانت هناك بعض علامات التقدم ففى سبتمبر الماضى، ذكر أول تقرير رسمى عن ميثاق المناخ العالمى أن سيناريوهات تغير المناخ والتى كان يُخشى منها فى أوائل عام 2010 تبدو أقل احتمالًا بكثير اليوم. وأرجع التقرير الفضل جزئيًا إلى الجهود الناشئة التى بذلتها الدول لكبح انبعاثاتها بموجب اتفاقية باريس لعام 2015، والنمو السريع فى الطاقة النظيفة. والشهر الماضى، توقعت وكالة الطاقة الرائدة فى العالم أن الطلب العالمى على الوقود الأحفورى قد يصل فى الواقع إلى ذروته بحلول عام 2030، مع ترسيخ السياسات الرامية إلى تشجيع أشكال أنظف من الطاقة.. لكن هذا التوقع انتقدته الدول المنتجة للنفط، حيث حذرت منظمة أوبك النفطية من أن مثل هذه التوقعات قد تؤدى بالدول إلى قلة الاستثمار فى مشاريع النفط والغاز، مما يؤدى إلى نقص الإمدادات و«فوضى الطاقة». يضع التقرير بشكل مباشر مسؤولية الحد من إنتاج الوقود الأحفورى على عاتق أغنى دول العالم.. وقال بلوى أشاكوليسوت، الذى قاد البحث خلال التقرير إنه بالنسبة لكل وقود أحفورى - الفحم أو النفط أو الغاز - فإن مستويات الإنتاج المجمعة التى تخطط لها الدول العشر الأعلى دخلا وحدها ستؤدى بالفعل إلى ارتفاع درجة حرارة العالم بما يتجاوز 1.5 درجة بحلول عام 2040. وتسيطر الشركات المملوكة للدول على نحو نصف إنتاج العالم من النفط والغاز، وأكثر من نصف إنتاج الفحم. ولكن حتى فى دول مثل الولايات المتحدة، حيث يهيمن القطاع الخاص، فإن السياسات الحكومية مثل دعم الوقود الأحفورى والإعفاءات الضريبية تستمر فى دعم الإنتاج. وقفز دعم الوقود الأحفورى العالمى إلى مستوى قياسى بلغ 7 تريليونات دولار فى العام الماضي، وفقا لإحصاء صندوق النقد الدولي. وهذا أكثر مما تنفقه الحكومات فى جميع أنحاء العالم سنويا على التعليم. وقال الباحثون إن بعض الدول التى تمتلك احتياطيات كبيرة من الوقود الأحفورى تتنافس الآن لتكون آخر المنتجين حتى مع بدء تباطؤ السوق بشكل عام، قائلة إنها تستطيع التنقيب عن الوقود الأحفورى بشكل أكثر نظافة من منافسيها. تم كتابة التقرير من قبل معهد ستوكهولم للبيئة، وتحليلات المناخ، وE3G، والمعهد الدولى للتنمية المستدامة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. ويقولون إن الدول يجب أن تهدف إلى التخلص التدريجى شبه الكامل من إنتاج الفحم واستخدامه بحلول عام 2040، والخفض المشترك لإنتاج واستخدام النفط والغاز بمقدار ثلاثة أرباع بحلول عام 2050 مقارنة بمستويات عام 2020، على الأقل. لكن بدلًا من ذلك، وجد التحليل أن الحكومات تخطط بشكل إجمالى لإنتاج نحو 110 فى المائة من الوقود الأحفورى فى عام 2030 أكثر مما هو مطلوب للحد من ارتفاع درجة الحرارة وأكثر بنسبة 69 فى المائة، مما يتوافق مع الوقود الأقل حماية. وتزداد هذه التناقضات العالمية بشكل أكبر بحلول عام 2050. أسهم أكثر من 80 باحثًا من 30 دولة أو أكثر، فى دراسة 20 دولة رئيسية منتجة للوقود الأحفورى وهم الولايات المتحدة، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، كولومبيا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، كازاخستان، المكسيك، نيجيريا، النرويج، روسيا، المملكة المتحدة ،جنوب إفريقيا، وبعض الدول العربية ووجدوا أنه فى حين أطلقت معظمها مبادرات لخفض الانبعاثات، لم يلتزم أى منها بخفض إنتاج الفحم والنفط والغاز بما يكفى للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.. ويشير التقرير إلى أن هذه البلدان تمثل مجتمعة 82 فى المائة من الإنتاج و73 فى المائة من استهلاك الوقود الأحفورى فى العالم. وتدعو المنظمات الحكومات إلى تقليل إنتاج الوقود الأحفورى بما يتماشى مع الأهداف المناخية، وأن تكون أكثر شفافية، ويريدون من البلدان الأكثر ثراء خفض الطموح ودعم العمليات الانتقالية فى البلدان الأكثر فقرا. تعد الانبعاثات الناتجة عن حرق الفحم والنفط والغاز المحرك الرئيسى للاحتباس الحراري، الذى يؤدى بالفعل إلى تكثيف العواصف والفيضانات وموجات الحرارة وحرائق الغابات وموجات الجفاف. ويرى العلماء أنه من المرجح أن يكون عام 2023 هو العام الأكثر سخونة على الإطلاق.