السبت 18 مايو 2024

«حرب غزة» تسقط ورقة التوت عن عورة «السوشيال ميديا»

الكاتب الصحفي عبد اللطيف حامد

21-11-2023 | 19:24

بقلم: عبداللطيف حامد
الوقائع المتعددة، والشواهد المتتابعة، والأحداث المتلاحقة، والمجازر المتتالية، من ويلات حرب الكيان الصهيونى وأعوانه على عزة تسقط ورقة التوت عن عورة مواقع التواصل الاجتماعى بشتى مسمياتها، وجميع توجهاتها، فلا فرق بين الفيسبوك وبين تويتر أو (X) فى التعتيم على جرائم جيش الاحتلال غير المسبوقة فى التاريخ الحديث، ولا تفاوت بين تيك توك وبين الانستجرام فى التغطية على فظائع مجرم الحرب نتنياهو ومن على شاكلته من قادة تل أبيب الملاعين ضد أهل القطاع من المدنيين، ولا تباعد بين اليوتيوب وبين ريديت فى ترويج الرواية الصهيونية على حساب الرواية الفلسطينية؛ رغم أنها الأدق والأصح، وكل هذه المنصات وغيرها تخلت عن المبادئ الإنسانية، والأكواد الإعلامية، والمعايير القانونية فى تناول حلقات مسلسل الوحشية الإسرائيلية المدعومة بمساندة أمريكية أوروبية فاقت كل الحدود، وتجاوزت كافة الحواجز على مدى مايزيد عن 40 يوما، واستجابت طوعا أو كرها لما تمليه عليها إسرائيل، فأبواب الترويج مفتوحة على مصراعيها لكل حساب أو صفحة أو مشترك محسوب على بنى صهيون، فى حين أن كل المنافذ موصدة فى وجه غالبية الفيديوهات أو الصور أو البوستات المؤيدة لأصحاب الأرض من الفلسطينيين. حرب غزة لابد أن تكون نقطة مفصلية، لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد من العالم العربي عموما ومن مصر خصوصا، عند التعامل مع وسائط السوشيال ميديا خلال المراحل القادمة، فلا مبرر للانخداع في مزاعم حرية الرأى والتعبير،التى يصدرونها لنا ولا عذر للوقوع في فخ مؤامرات التغيير، ولا تبرير لقبول دعوات المحرضين على الأوطان من ساحات هذه المنصات المعادية، فقد ثبت بالصوت والصورة أنها لا تناصر إلا مخططات الصهاينة وأعوانهم فى الغرب ، فها هي تتعامى عن مأساة أكثر من مليوني مواطن فلسطينى في قطاع غزة، ولا ترى استشهاد أكثر من 11 ألف شخص منهم قرابة 5 آلاف طفل وأكثر من 3 آلاف امرأة بلا ذنب أو جريرة، وتصم آذانها عن صرخات قرابة 30 ألف شخص كلهم من المدنيين الذين يجرم القانون الدولي الإنساني المساس بهم في الحروب، وطمست أعيونها عن مشاهدة أكثر من 1100 مجزرة ضد المواطنين العزل، ومازال مؤشر الجرائم في تصاعد، ولم تحرك لهم ساكنا الهجمات البربرية المتواصلة لهدم البنية التحتية والمستشفيات والمساجد والكنائس، وجميع المواقع رفعوا شعار لا نسمع لا نرى لا نتكلم أمام الوقاحة الإسرائيلية في التخريب والتدمير لكل ما هو فلسطينى لإجبار أهل غزة على النزوح القسرى والتهجير بالمخالفة لكل القوانين الدولية والقرارات الأممية. نعم لا مناص أن تكون حرب الكيان الصهيونى على أهلنا في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية، علامة فارقة على تورط عمالقة شركات التكنولوجيا، وجبابرة السوشيال الميديا في دم أهلنا الفلسطينيين، ونقطة سوداء في تاريخهم، فقد سمحوا للإسرائيليين القتلة، وتتار العصر الحديث أن ينشروا ما شاءوا من أكاذيب حول قيام الفصائل الفلسطينية بذبح حناجر الأطفال، واغتصاب الفتيات، وقتل المسنات، وكتابة البوستات، وتشيير الفيديوهات والصور التي تزعم حق تل أبيب في الدفاع عن نفسها؛ رغم أن هذا لا يكون إلا لصاحب الأرض، بينما أغلقوا في وجوهنا كل الأدوات لشرح الحقيقة، وفضح مجازر جيش الاحتلال بطول وعرض القطاع، وتلاعبوا في الخوارزميات من جوجل إلى كل مواقع التواصل الاجتماعي لمنع ترويج الرواية الفلسطينية الحقيقية وفضح مآسى وفظائع الإسرائيليين، فلم تجد تعليقاتنا طريقها للرأى العام العالمي، حتى المقالات والصحف العربية التى تنشر المجازر الاسرائيلية لا تصل لمتابيعيهاولم تأخذ فرصتها في المشاهدة والمشاركة حتى على المستوى الداخلى، وكأن مارك وماسك ومن على شاكلتهم من أصحاب هذه المنصات العميلة يخرجون لنا ألسنتهم، ويقولون لنا «موتوا كمدا» فلا تأثير ولا فعالية من خلال أبواقنا، ولا وزن لأعدادكم بالملايين على منصاتنا. المؤمن كيس فطن، فعلينا أن نتعلم الدرس، ونعي العبرة، فلا تتوه منا الخيوط، ولا تتبعثر منا الأوراق، ولا تكون آفة حارتنا النسيان، كما قال أديب نوبل نجيب محفوظ، خصوصا أننا دفعنا الثمن غاليا كدول عربية ومنها مصر خلال ثورات ما يسمى بالربيع العربي الذي أثبتت الأيام أنه خريف عربي مدمر، نتيجة للسير الأعمى في سكة مواقع التواصل وعلى رأسها الفيسبوك، ولعلكم تتذكرون عندما قطعت الحكومة وقتها الإنترنت لتحجيم دعوات الفوضى، كيف تحركت أذرع أخطبوط السوشيال ميديا في مختلف العواصم للنيل من سمعة الدولة المصرية، ومحاولة ضربها بلا هوادة، وفتحت كل السبل لكل من هب ودب من أجل الإساءة إلينا، بلا مراعاة لسيادة الأوطان، ومبدأ عدم التدخل في شئون الآخرين، في حين أن هذه المنصات الشريرة لم تعلق على قطع جيش الاحتلال الصهيونى لشبكة الإنترنت في عموم قطاع غزة حتى لا يتم بث أو نقل الصور والفيديوهات التي توثق جرائمهم، وتفضح إرهابهم. وشتان بين هذا وذاك لكنها إرادة الصهاينة النافذة على أصحاب تلك المواقع، وهو ما حدث أيضا في الحرب الروسية الأوكرانية، عندما صدرت لهم التعليمات بتبنى وجهة النظر الأوكرانية، فهذه شركة ميتا التي تملك فيسبوك وإنستجرام سمحت للأوكرانيين المتضررين من الحرب بالتعبير عن آرائهم العنيفة تجاه القوات الروسية والدعوة لقتل الغزاة الروس؛ مما اضطر موسكو أن تعلن «ميتا» على قائمة المنظمات الإرهابية، كما أن إيلون ماسك تم إرغامه على تقديم خدمة الإنترنت في أوكرانيا من خلال القمر الصناعي (ستار لينك) للمساعدة في مواجهة الحرب، وعندما شعر بأن التكلفة عالية وتقدر بـ 29 مليون دولار شهريا دخل في سجال مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي عبر الفيسبوك، واتهمه الأخير بأنه ضد أوكرانيا فتراجع على الفور. ومن المعلوم بالضرورة أن نفس السيناريو الخبيث تكرر بمعدل أشد وطأة عندما خرج المصريون في ثورة 30 يونيو العظيمة رفضا لمخطط تقزيم مصر، وتحويلها إلى مجرد ولاية تابعة لإحدى القوى الإقليمية بزعم العودة لدولة الخلافة الوهمية، وعلى مدى عدة سنوات عانت مصر من شائعات السوشيال ميديا المدمرة، والميليشيات الإلكترونية الموجهة لإفساد فرحة المصريين بكل إنجاز أو نجاح في أي مجال، بل وصلت الحماقة بهذه المنصات إلى ترويج الأفكار التكفيرية، والدعوات الإرهابية تحت ستار الديمقراطية، وادعاء الحرية، حتى صفت الارهابيين بالمعارضة المسلحة مرة وبالتيار الأسلامى مرة أخرى حتى تمنحهم شرعية فى مواجهة الدولة وللأسف وجدوا لهم حواريين في الخارج والداخل، حاولوا مسايرة نهج التآمر طالما أن العائد بالدولار، والمكسب سريع، وتعالت أصوات هؤلاء خلال الفترة الأخيرة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، واعتبروها فرصة سانحة لتحقيق رغباتهم المكبوتة، وآمالهم المفقودة، لكن وعى الشعب المصري حوّل أحلامهم الوردية إلى كوابيس مزعجة. والخلاصة، لا تنتظروا خيرا من هذه المنصات،بل علينا أن نكون أكثر يقظة فى مواجهتها فلم نر منها إلا الشر، ولم نحصد منها إلا الضرر، وفى كل المواقف الفاصلة، والمعارك المؤثرة، يتم ضبطها متلبسة، ومع سبق الإصرار والترصد تعمل ضدنا، وتستهدف أمننا القومي عربيا ومصريا، وتعمل ليل نهار على نشر الفتنة، وبث الفرقة، فاحذروها. حمى الله مصر وشعبها وقيادتها ومؤسساتها الوطنية من كل سوء.