تنشر بوابة "دار الهلال" نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان "القوة والثبات في مواجهة التحديات".
تناولت الخطبة أن المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف، وأيضًا أن الحياة تقوم على الإبتلاء، إضافة إلى توطين النفس على القوة والثبات.
نص خطبة صلاة الجمعة
القوة والثبات في مواجهة التحديات
الحمد الله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فمما لا شك فيه أن أمتنا العربية تواجه هذه الأيام تحديات قوية، تحاول النيل من هويتها وأمنها واستقرارها ، مما يتطلب توحيد صفها في مواجهة تلك التحديات.
والمؤمن الحقيقي يواجه التحديات بقلب قوي ثابت لا تزعزعه المحن، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله (عز وجل) من المؤمن الضعيف).
فالمؤمن الحقيقي ثقته في الله (عز وجل) ثم في نفسه كبيرة؛ لأن له إحدى الحسنيين أو كليهما: إما تحقيق ما يصبو إليه في الدنيا، وإما تحقيق ما يريده مدخرا
عند الله (عز وجل) يوم القيامة، أو الأمرين كليهما، حيث يقول سبحانه: {قل هل تربصون بنا إنا إحدى الحسنيين}.
كما أنه يدرك أن الحياة قائمة على الامتحان والابتلاء، حيث يقول الحق سبحانه: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم
فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)، ويقول سبحانه: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}، ويقول تعالى: {أم
حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}، ويقول تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم).
وقد قال أحد الحكماء الصالحين: من طلب الراحة في الدنيا- يعني الراحة التامة الكاملة الدائمة المطلقة - طلب ما لم يخلق، ومات ولم يرزق؛ لأن الله (عز وجل) يقول: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}، فتحديات الحياة وتحديات الدول قد تتغير لكنها لا تنتهي، والله در القائل:
خلقت على كدر وأنت تريدها *** صفواً من الأوجاع والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار
فعلينا دائما أن نوطن أنفسنا على القوة والثبات والعطاء لديننا ووطننا واثقين في فضل الله (عز وجل) ونصره لعباده المؤمنين، حيث يقول سبحانه: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون}، شريطة أن نعمل على ذلك، وأن نأخذ بأسباب القوة والثبات على الحق والمبدأ، حيث يقول الحق سبحانه: [وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم]
وحين يترسخ الإيمان في القلب يمتلئ ثقة فيما عند الله سبحانه، فيركن إليه ويتوكل عليه، ويطلب منه سبحانه المدد والتوفيق، والنصر والتمكين؛ حيث يقول
الحق سبحانه: {وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم}، وقد كان من دعاء نبينا (صلى الله عليه وسلم): (رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولاتمكر علي، واهدني ويسر هداي إلي، والصرني على من بغى علي).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلی الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا شك أن التحديات الجسام التي تواجه الأمة تستوجب وحدة صفنا العربي والإسلامي، حيث يقول الحق سبحانه: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ويقول
نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك أصابعه)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم،كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الأعضاء بالحمى، والشهر)،
ولله در القائل:
كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى *** خطب ولا تتفرقوا آحـادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّرا *** وإذا افترقن تكسرت أفرادا
اللهم احفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين