أكد سفير مصر لدى مدريد ، السفير يوسف مكاوي، أن زيارة رئيس الحكومة الإسبانية "بيدرو سانشيز" إلى مصر تحمل رسائل دعم وتقدير للموقف المصري تجاه الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، ولجهود الرئيس عبد الفتاح السيسي في الوساطة السياسية بين الجانبين، والحد من التداعيات الكارثية للحرب من خلال تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بجانب جهود مصر المُقدرة في المساعدة على إجلاء الرعايا الإسبان مزدوجي الجنسية وغيرهم من الأجانب من قطاع غزة عبر معبر رفح وعودتهم إلى دولهم من الأراضي المصرية، فضلاً عن رسالة إدراك لمدى حجم وثقل الدور المصري الاستراتيجي في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأضاف السفير مكاوي، في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الجمعة -بمناسبة زيارة "بيدرو سانشيز" للقاهرة- أن تلك الزيارة تأتي في توقيت بالغ الأهمية والحساسية في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، وفي ضوء الموقف الإيجابي الذي تتبناه إسبانيا تجاه الصراع الدائر والذي يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين ونفاذ المساعدات الإنسانية بشكل دائم ومتناسب إلى قطاع غزة، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي عاجل للسلام بعد توقف الحرب للتوصل إلى تسوية سياسية قائمة على حل الدولتين، وهو ما يتسق إجمالاً مع الموقف المصري بشأن الأزمة.
وتابع أن زيارة "بيدرو سانشيز" إلى القاهرة تكتسب زخماً كبيراً في ضوء الرئاسة الإسبانية الحالية للاتحاد الأوروبي، وسعي الحكومة الإسبانية إلى تنسيق جهودها مع مصر باعتبارها الطرف الإقليمي الأكثر ارتباطاً وتأثيراً في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والدفاع عن الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وذكر السفير المصري بحرص رئيس الحكومة الإسبانية على تلبية دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمشاركة في "قمة القاهرة للسلام" التي عقدت في 21 أكتوبر الماضي في إطار الجهود المصرية لاحتواء تداعيات الحرب.
ولفت إلى أن تلك الزيارة تعد الثانية من نوعها إلى القاهرة في غضون أقل من شهرين منذ إندلاع الحرب في قطاع غزة، وهو ما يعكس مدى التقارب في وجهات النظر بين قيادتي البلدين حيال الحرب الراهنة.
ونوه السفير مكاوي بأن إسبانيا تضطلع، تاريخياً وخلال رئاستها الحالية للاتحاد الأوروبي أيضاً، بدور إيجابي ومتوازن داخل أروقة الاتحاد الأوروبي إزاء القضايا والمصالح العربية نظراً للتقارب الجغرافي والتفاعل الثقافي بين إسبانيا ودول جنوب المتوسط في ظل تشابك العلاقات والمصالح بين الجانبين، مضيفًا:"وقد تبلور ذلك مؤخراً في الجهود التي تقودها إسبانيا حالياً داخل الاتحاد الأوروبي لإقناع المزيد من الدول الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار سعيها لتحقيق اعتراف إسباني وأوروبي بفلسطين وخاصة من جانب الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، بالإضافة إلى الترويج لمقترحها بعقد مؤتمر دولي للسلام لإنهاء الصراع وتحقيق حل الدولتين".
وسلط السفير المصري الضوء على تبني إسبانيا لمواقف داعمة داخل الاتحاد الأوروبي تجاه تعزيز وتطوير التعاون بين آليات الاتحاد المتنوعة والعالم العربي في مختلف المجالات وخاصة التنمية والبيئة والهجرة والأمن.
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية الإسبانية، شدد السفير مكاوي على أنها تعد نموذجاً إيجابياً للغاية للتعاون بين مصر والدول الأوروبية الصديقة، حيث تتميز علاقات البلدين بمستوى رفيع من التعاون على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، مشيرًا إلى أن العلاقات السياسية تتسم بالتنسيق وتوافق الرؤى حيال العديد من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية في الأطر متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والتكتلات الإقليمية الأخرى وخاصة الاتحاد من أجل المتوسط.
وأبرز التطور الإيجابي الملحوظ الذي شهدته العلاقات الثنائية خلال السنوات الماضية عقب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مدريد في عام 2015 والتي مثلت نقلة نوعية في مستوى الزيارات المتبادلة بين البلدين، وكذلك زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى القاهرة في ديسمبر 2021، وزيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى مدريد في أبريل 2022 لإجراء مشاورات سياسية مع الجانب الإسباني، بالإضافة إلى الزيارات المتبادلة العديدة والمستمرة بين وزراء البلدين في مجالات النقل والتجارة والصناعة والسياحة والاتصالات والشباب والرياضة.
ولفت إلى حرص الجانبين المصري والإسباني على تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري ودفعه إلى آفاق أرحب لما فيه مصلحة البلدين، إذ تم بلورة ذلك العام الماضي في تشكيل مجلس الأعمال المصري الإسباني المشترك بمشاركة كبرى الشركات الإسبانية العاملة في السوق المصري وأهم الشركات المصرية المهتمة بالسوق الإسباني، حيث يقوم المجلس بدور مهم في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين مصر وإسبانيا.
ونوه بالتطور الإيجابي الذي شهدته حركة التبادل التجاري خلال عام 2022، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين حوالي 4,5 مليار يورو بنسبة نمو حوالي 100% مقارنةً بعام 2021، وتتمثل أهم الصادرات المصرية إلى إسبانيا في الغاز المسال والحديد والسلع الزراعية والمشتقات النفطية.
وعن التعاون الاستثماري والتنموي ، قال السفير مكاوي إنه أحد أهم جوانب العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تقوم الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي الإنمائي AECID بتمويل وتنفيذ عدد من المشروعات التنموية الهامة في مصر في مجالات المياه والطاقة وتمكين المرأة وتنمية المجتمعات المحلية بالتعاون مع الجهات المصرية المعنية، كما يحظى الجانب الاستثماري باهتمام كبير من البلدين في ظل وجود العديد من الاستثمارات الإسبانية في السوق المصري بمجالات الطاقة المتجددة والنقل ومعالجة المياه والاستزراع السمكي والبتروكيماويات والصحة والدواء بحجم استثمارات إسبانية تبلغ 825 مليون يورو.
واختتم سفير مصر لدى إسبانيا، حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بالتأكيد على أنه مازال لدى البلدين مجالاً كبيراً من الإمكانات لتطوير العلاقات على كافة المستويات خلال المرحلة الراهنة في ظل الإرادة السياسية الداعمة لذلك من الجانبين.