الجمعة 3 مايو 2024

قراءة فى برنامج المرشح الرئيس (السيسى) الأفكار المؤسِّسَة للجمهورية الجديدة

الكاتب الصحفي حمدى رزق

28-11-2023 | 08:49

بقلم: حمدى رزق
«لا خوف على أمة، يتعانق هلال مسجدها مع صليب كنيستها، ولا تنكسر أمة تجرّد شبابها من الهوى، إلا عشق الوطن كشباب مصر، ولا تسقط أمة حافظت سيداتها على صوت الضمير الوطنى.. فيقينى فى أمتنا، أنها لا تخاف ولا تنكسر ولا تسقط بل تعلو فوق تحدياتها، لتصنع للمجد أهرامًا، وللحضارة تاريخًا». فقرة عميقة المعنى والمغزى أبرزتها الحملة الانتخابية للمرشح الرئيس عبدالفتاح السيسى من كلمته التى ألقاها فى الجلسة الختامية لمؤتمر «حكاية وطن»، فى الثانى من أكتوبر الماضى بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذى أعلن خلاله ترشحه لفترة رئاسية جديدة. صح لم يتحدث المرشح الرئيس (السيسى) بعد فى سياق حملته الرئاسية، وإذا تحدث فعن حلمه الكبير (الجمهورية الجديدة)، فى ولادة جمهورية جديدة، كانت حلما، جارٍ تحقيقه، يستوجب التوقف ملياً أمام إعلان الرئيس ميلاد الجمهورية الجديدة، كما يقولون «لسه الأحلام ممكنة». البرنامج الرئاسى للمرشح الرئيس، يمكن إجماله فى عنوان عريض، الجمهورية الجديدة، الجمهورية الحلم حلمنا، وما نتمناه، جمهورية المواطن المصرى، جمهورية حياة كريمة، جمهورية واعدة تليق بالمصريين وتناسب تطلعاتهم وتمثل تضحياتهم.. الجمهورية الجديدة يصفها السيسى، جمهورية قائمة بثبات ورسوخ على الديمقراطية الحديثة التى تمتلك القدرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية، ومفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة وبناء الإنسان المصرى صحياً وفكرياً وثقافياً. ملامح الجمهورية الحلم، واتصالاً برؤية الرئيس، جمهورية وصلاً بما سبق واتصالاً بتاريخ عظيم، والبناء على ما تقدم، وتعلية البناء على قواعد وبنية أساسية عريقة ضاربة فى أعماق الأرض المصرية. الجمهورية التى يحدثنا عنها المرشح الرئيس، تصل ما انقطع من البناء المؤسسى للدولة المصرية العريقة، ترفع البناء شاهقاً إلى عنان السماء، بناء على قواعد عصرية، تتخذ من العلم وقوداً، ومن الثورة الرقمية زاداً، ومن أوليات المجد نبراساً. جمهورية تتلافى ما أنتجته الجمهورية الأولى من أوجه قصور، ونواقص، وعشوائيات، بناء جديد خلواً من الأمراض الاجتماعية المتوطنة التى نخرت فى أساسات الجمهورية الأولى، وكادت تسقطها فى أيادى الفاشية الدينية التى استغلت الحاجات والأمراض لتنشب مخالبها فى رقبة الشعب المصرى. قوة الجمهورية الجديدة من قوة جيشها، وشعاره الأثير، يد تبنى.. ويد تحمل السلاح، الجيش الحامى على الحدود، والجيش الذى يرفع البناء، رافعة الجيش الوطنى الثقيلة ترفع أثقال المرحلة الماضية، تمهد الطريق نحو الجمهورية الجديدة. بناء الجمهورية الجديدة يراعى التوازن المحسوب بين الطبقات، ويتيح فرص نمو مضاعفة للارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً، وفق المعدلات العالمية للنمو التى تطمح إليها الإرادة السياسية.. جمهورية الخلاص بعد معاناة من حزمة الأمراض المتوطنة التى هدَّت حِيل البلد، ثالوث الفقر والجهل والمرض، ثالوث آن له أن يرحل ويحل عن سمانا الزرقاء. الجمهورية الجديدة طامحة إلى الخروج الكبير من الوادى الضيق إلى الصحراء بمخطط تنموى يقضى بخفض الكثافات السكانية فى الدلتا والصعيد، وإفراغ حمولة العقود الماضية عن كاهل العاصمة (القاهرة العتيقة) فى الوديان الخضراء، والسواحل الممتدة تحوط البلاد.. الحلم على مدد الشوف، شبكة محاور تنموية تقطع البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وبالعرض.. وبالطول.. الصحراء ستسكنها البشر بعد طول خلاء. مستهدف نقل التنمية واستزراعها فى شمال وغرب وشرق البلاد، دلتا جديدة تتشكل خارطتها لتضيف إلى الدلتا القديمة مساحة مضاعفة. الجمهورية الحلم تفرد خريطة الوطن على الرقعة الجغرافية بعد انكماش كلفنا ازدحاماً، وبيان مستوجبات التنمية فى مناطق بكر لم يمسسها إنس ولا جان، مزارع بنبان الشمسية فى أسوان نموذج ومثال، بقعة منيرة فى جبل كان متاهة تحول إلى معلم على محركات البحث الإلكترونية، ابحث عن أكبر مزرعة شمسية فى العالم يحيلك جوجل إلى بنبان، تسأل أين تقع بنبان، يجيبك فى بلاد الشمس المشرقة.. تستهدف الجمهورية الجديدة ربط جنوب البلاد بشماله، وربط الوادى بسيناء، بخطوط طول وعرض من الأنفاق والكبارى وخطوط السكك الحديدية (وفق أحدث منتجات العصر الصناعى والثورة الرقمية) كما هو حادث فى «قطار الشرق السريع» الذى يربط ميناء السخنة بالعلمين وصولاً إلى «جربوب» شمالاً وإلى «النوبة» جنوباً، والربط الحديدى بسكة حديد القاهرة / كيب تاون (جنوب إفريقيا) الذى يشبه طريق الحرير القديم ولكنه رأسه يقطع القارة السمراء بالطول. تقوم الجمهورية الجديدة على خارطة مدن جديدة وحديثة (14 مدينة مرحلة أولى وليست أخيرة) من مدن الجيل الذكى، تتجمع وترتبط بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتشكل فى مجموعها مصر الجديدة التى تنبنى على مخطط عالمى التخطيط والتنفيذ وبأيادٍ مصرية.. مدينة الجلالة الجديدة تكمل مثلث مصر السياحى، مثلث الشرق السياحى الغردقة وشرم الشيخ.. الجلالة، كان المثلث منقوصاً قمته التى أقيمت على قاعدة متينة، اكتمال المثلث السياحى يضيف، القيمة المضافة سياحياً، منتج سياحى فريد من نوعه (على سبيل المثال). لا تهمل الجمهورية الجديدة فى مخططها الحديث، مصر القديمة (فى الوادى والدلتا) بل تصطحبها إلى المستقبل القريب، بإعادة إعمار الريف المصرى بمخطط (حياة كريمة) التى رصدت له القيادة السياسية 700 مليار جنيه مصرى وبأيادٍ ومنتجات وتشغيلات مصرية، ما ينقل الريف المصرى نقلة تاريخية، الريف المنسى صار معلوماً، أحلام البسطاء فى المدارس والمستشفيات والغاز والمياه النقية والصرف الصحى.. ومجمع الخدمات، يا له من حلم يسعى المرشح الرئيس إلى تحقيقه، ويتوفر عليه، ويشتغل ليل نهار من أجل البسطاء. مشروع «حياة كريمة» اتساقاً مع مخطط الجمهورية الجديدة التى لا تهمل قديماً، بل تجليه معنى وقيمة، وتنفض عن كاهله أثقال عقود مضت عانى نسياناً وإهمالاً ما عقَّد الحياة وصعَّبها على البشر وناء بها الحجر.. تنتهى مقولة الصعيد المنسى، يصبح الصعيد السعيد. التزاماً من الجمهورية الجديدة بربط المواطن المصرى بأرضه عبر توفير فرص عمل حقيقية فى محليته، تضيف للناتج القومى على المستوى الوطنى، لكبح الهجرة الداخلية التى تشكل عقبة كؤوداً فى عملية التنمية، الريف يعانى نفس معاناة الحضر، نقص فادح فى العمالة الريفية، وتزاحم مخيف على فرص العمل الهامشية فى المدن وعواصم المحافظات والقاهرة.. ما يولد عشوائيات خنقت القاهرة والمدن الكبيرة وعواصم المحافظات، مخطط مصر خالية من العشوائيات حلم يتحقق فى بورسعيد وخط القنال، وفى القاهرة عبر مشروعات إسكان مكتملة تضمن حياة كريمة، الأسمرات نموذج ومثال. المناطق الصناعية فى المحافظات الصعيدية والتى أهملت طويلاً تنتعش فى الجمهورية الجديدة، ويعاد رسم مخططها الاستثمارى على قواعد جديدة لدفق استثمارات فى المحليات تقيم أودها، وتُدخلها عصراً جديداً من الإنتاجية المخططة على قواعد اقتصادية سليمة، خلواً من عكوسات الجمهورية الأولى التى لم تعضّ على هذه المناطق بالنواجذ فأجهضت التجربة، وحان وقت الإصلاح الذى ينبنى على قواعد حاكمة صارمة، لم يعد لدينا وقت نضيعه فى سياقات بيروقراطية معطلة.. خسرنا كثيراً من الوقت، والوقت من ذهب. والعاصمة القديمة التى عانت ولا تزال من آثار الهجرة الداخلية المدمرة، آن الأوان أن تتخفف من أثقالها، بإفراغها لأهلها، وإعادة الاعتبار لبناياتها التاريخية والأثرية، ونفض غبار السنين عن كاهلها، وخفض نسب التلوث والعشوائيات التى تخنقها (نموذج روضة السيدة زينب مثال على معنى إنقاذ العاصمة القديمة من المهددات البيئية الخطيرة). جديد الجمهورية الجديدة التى يحدثنا بها إعادة الاعتبار للعاصمة القديمة (القاهرة) بتخطيط عشوائياتها، والارتقاء بخدماتها، وتخفيف العبء السكانى على مرافقها، وسحب مضاعفات الازدحام السكانى، عبر تفريغ كتلة الموظفين فى الدواوين الحكومية والشركات والجامعات والسفارات والمبانى الحكومية، ما يسمح بتنفس القاهرة طبيعياً دون أجهزة تنفس صناعى، ويحافظ على رونق القاهرة التاريخية، ويجلى جمال العاصمة القديمة ويعيدها إلى الحياة، سيما مع خفض التلوث الناجم عن الازدحام المرورى الخانق، وهذا مايساعد على إطالة عمر القاهرة عقوداً مقبلة بنفس البهاء والجمال. جمهورية مصر الجديدة تنبنى على أسس وقواعد حاكمة تحكم حركة البشر، وضبط معدلات الأداء، وامتدادات رحيبة للمستقبل، دون انحراف أو انجراف عن المخطط العمرانى لأسباب الانفجار السكانى الذى يشكل تحدياً صعباً فى سبيل إقامة قواعد الجمهورية الجديدة. تجديد الفكر العمرانى اتساقاً مع تجديد الفكر الثقافى، اتصالا بتجديد الفكر الدينى، منظومة الأفكار الجديدة تشكل المحتوى الفكرى للجمهورية الجديدة خلواً من التشوهات الفكرية العشوائية التى سادت الجمهورية القديمة وكلفتها عقوداً ضاعت سدى فى لجة الازدحام المخيف، وتلاطم موجات البشر على رقعة ضيقة تآكلت بسبب المد البشرى الصاخب..