يحاول الشباب البحث عن فرص وطرق للربح من المنزل دون تعب أو جهد، وأحيانا لم يولوا اهتماماً بكيفية الحصول علي هذا الربح أو ما الشكوك التي تشوبه، ومن هذه الطرق الألعاب الإلكترونية التي يتم لعبها من خلال مواقع أو تطبيقات، والتي تهدف إلي جذب المستخدمين لزيارة الموقع أو لتنزيل الألعاب من المتاجر الإلكترونية للألعاب والتطبيقات، بالتالي زيادة نسبة الأرباح للشركات المنتجة لهذه الألعاب.
لكن لم يهتم الشباب أو من يلعبون هذه الألعاب بالتأكد من مدي الأمان والحماية لأنفسهم وأجهزتهم، وكل ما يشغل بالهم هو كيفية الربح منها وطرق سحب الأموال وإشراك أصدقائهم باللعب معهم لزيادة فرصة الحصول علي ربح مضاعف من اللعبة.
طبيعة الألعاب المُثار جدلاً حولها
وأحدث مثالين للألعاب التي يتشاركها الشباب علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك " والتي لها نصيب كبير من الشهرة خلال هذه الأيام منها لعبة ( crazy hero) وهي متاحة علي أجهزة الأندرويد، هدفها ربح المال من الإنترنت، وهي مجانية وتتيح الربح من خلالها عن طريق القيام بخطوات أو شروط أولها مشاهدة الإعلانات والتي تتكرر كثيراً طوال فترة اللعب، ثانياً لعب الألعاب والتي تتكون من مستويات كلما تتخطي مستوي يكون لديك عدد معين من العملات، وثالثاً دعوة الأصدقاء وكلما زاد عدد الأصدقاء المدعوين يزيد فرص الربح بشكل أكبر وأسرع، وتحتاج للتسجيل فيها إلي إنشاء حساب خاص والتي يتطلب إلي إعطاء بريدك الإلكتروني وبعدها يتم إنشاء حساب لك، وبعد أن تقوم بخطوات اللعب أو تنفيذ الشروط التي تم ذكرها من المفترض أن تكون حصلت علي مجموعة نقاط، يمكنك بهذه النقاط الحصول علي المبلغ الذي أتاح لك وسحبه من فودافون كاش او أورانج أو اتصالات.
واللعبة الأخري ( Crazy Dog) والربح منها عن طريق رسم خطوط علي الهاتف لحجب الكلب عن النحل الذي يحاول قرصه، وكلما تخطيت مستوي وتمكنت من حماية الكلب كلما زاد المستوي وبالتالي تزيد المكافأة التي تحصل عليها، وتشترط علي الاعبين فيها لسحب المكافأة أن تقوم بجمع 1300 عملة خضراء داخل اللعبة، وعليك أيضاً دعوة 30 صديق علي الأقل للمشاركة ولعب وتنزيل هذه اللعبة.
آراء المستخدمين
تختلف الآراء حول هذه الألعاب ومن علي شاكلتها أنها مربحه بالفعل وأنهم يستطيعون سحب أموالهم بسهولة وأنها تمكنهم من الحصول علي مبالغ كبيرة في مدة لا تتجاوز الأسبوع وأنها مجرد تسلية ومشاهدة إعلانات أو تخطي مهام وأن الأمر يستحق التجربة والمغامرة لأنه مجاني وليس عليك سوي اللعب والتسلية فقط.
في حين يختلف آخرون أن هذه الألعاب مضيعة للوقت وتحتمل الحُرمانية وأنها لا تستحق المجازفة بأمان الشخص أو جهازه المحمول، فالمعروف أن هذه الألعاب ليست آمنه وأن يمكن للأفراد الذين يستخدمونها التعرض للاختراق أو النصب، فكل شخص يري الموضوع من منظور خاص به وكل منهم لا يعلم أيهما هو الرأي الأصح.
ماذا يقول الدين والأمن المعلوماتي عن هذه الألعاب ؟
ولحسم الجدل في هذا الموضوع من الناحية التي تخص الفقه والشرع، أفاد الدكتور محمود حربي أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالأزهر، أن كلمة لعبة يمكننا قولها علي لعب الأطفال وإذا كان الأطفال بحاجة إلي ألعاب فيمكن للوالدين شراء الألعاب لهم، أما إذا انقلب الأمر علي الكبار فلا تكون ألعاب لأنهم علي وعي بما يحدث في هذه فيها فهي ليست بألعاب.
وأكد في تصريح لـ"دار الهلال"، أنه يجب تسمية الأشياء بمسمياتها، فالربح عموماً يكون له ضوابط شرعية منها أن يكون نافع ومفيد وأن تنتفع منه البشرية لكن هذه الألعاب لا تحقق الضوابط الشرعية، بل بالعكس قد يكون بها حرمانية لما تحمله من مضيعة للوقت والتعرض لمشاهدة صور غير لائقة من خلال الإعلانات التي يشاهدها اللاعب، والتي تساعده في الحصول علي ربح أكثر، بالتالي فهي تُحمله وزراً.
وأضاف أن هذا الأمر من شأنه إفساد المجتمع وانحلاله لأن الشباب يتم اللعب بعقولهم وجرّهُم في طريق يلهيهم عن فروضهم وواجباتهم ويجلسون فقط للتفكير كيف يحصلون علي ربح من هذه الألعاب بالتالي هذه الألعاب لا يصلح أن تكون وسيلة للربح لأن الأموال التي تأتي منها تُعتبر حرام شرعاً.
هل الألعاب آمنة؟
ومن الجانب الذي يخص الأمن والحماية لمستخدمي هذه الألعاب وغيرها من نفس النوع، قال نبيل بهاء الدين، خبير في أمن المعلومات، أن هذه الألعاب مجرد وسيلة يستخدمها صُنّاعها للحصول علي أكبر كم من المعلومات الخاصة بالأفراد المستخدمين، ولا يجب علي الأفراد التهاون بهذا الأمر لأنه أغلي بكثير من الأموال الذين يربحونها بهذه الطريقة، فالمعلومات الشخصية للأفراد تعتبر أغلي ما يملكونه ولكنهم لم يشعرون بذلك أو لم يعون ذلك.
وأضاف في تصريح لـ"دار الهلال"، أنه ليس صعباً علي صانعي مثل هذه الألعاب أن تجعل الأفراد يربحون منها بشكل حقيقي حتي وإن كانت مبالغ تصل إلي الآلاف من الجنيهات، ففي النهاية نسبة الربح التي تُعطيه لهؤلاء اللاعبين لا تصل إلى 1% من الأرباح التي يحصل عليها صانعي الألعاب والتي تتحقق من خلال حصولهم علي بيانات هذه الأفراد، فهذه البيانات التي يتم الحصول عليها تنتقل إلي جهات أخري وإلي شبكات أخري بالاتفاق فيما بينهم؛ ليسهل عليهم اختيار نوعية الإعلانات التي يوجهونها للأفراد بشكل عام في كل المجالات وعلي كل التطبيقات والمنصات، واختيار الطريقة المناسبة لكل شخص للتأثير فيه من خلال هذه الإعلانات، سواء كان الهدف من الإعلانات هو شراء سلع معينة، أو الهدف منها غرس أفكار معينة أو أيا يكن مما يهدفونه.
وأكد خبير أمن المعلومات أن هذه البيانات تُسهِّل عليهم الطريق في الوصول لأهدافهم المنشودة من وراء جذب الناس لمثل هذه الألعاب واللعب علي مشاعرهم، ومحاولة خلق صراع بينهم الذي يتمثل في الاختلاف علي حقيقة هذه الألعاب سواء كان الربح منها حقيقي أم لا، فلا يجب أن يكون هناك نقاش من هذا النوع لأن هذه مُسلّمات يجب أخذها في الاعتبار ويجب عدم الانسياق وراء الترويج لهذه الألعاب لأن ذلك يشكل خطورة علي الفرد أولًا وعلي المجتمع بنطاقه الواسع.