تحل اليوم ذكرى وفاة يحيى حقي، الذي يعتبره النقاد رائد من رواد القصة القصيرة، ويعتبر أحد أهم الأدباء في تاريخ السينما، والذي لقب بصاحب القنديل عن روايته "قنديل أم هاشم" التي تعد من أشهر كتاباته.
ولد يحيى حقي في 7 يناير 1905م في أسرة تركية، تمتلك الثقافة والمعرفة، وعاش في حي من أحياء السيدة ذينب بالقاهرة، ثم انتقل إلى حي الخليفة ليتلقى تعليمه، وشغل مناصب عديدة هامة في السلك الدبلوماسي.
أخذ تعليمه الأول بكتاب حي "السيدة ذينب"، ثم تلقى تعليمه الابتدائي عام 1912م في مدرسة "والدة عباس باشا الأول" بحي الصليبية، ثم التحق بالمدرسة السيوفية، ثم المدرسة الإلهامية الثانوية بنباقادان وحصل منها على شهادة الكفاءة، والتحق بالمدرسة السعيدية عام 1920، ونال من المدرسة الخديوية شهادة البكالوريا.
وحصل على درجة الليسانس في الحقوق عام 1925م، فقد ألتحق بمدرسة السلطانية العليا بجامعة فؤاد الأول عام 1921م، وكانت لا تقبل سوى المتفوقين في ذلك الوقت، وكان رفاقه وزملاءه في الجامعة توفيق الحكيم، وحلمي بهجت بدوي، وعبدالحكيم الرفاعي، وتخرج "حقي" بترتيبه الـ14.
بدأ حياته العملية كمتدرب في مكتب نيابة "الخليفة"، ثم تركه بعد أن فشل واتجه إلى العمل بالمحاماة، وسافر إلى الإسكندرية ليعمل في أول الأمر عند محامي مشهور في ذلك الوقت زكي عريبي، وانتقل إلى مديرية البحيرة ليعمل بها، ولم يقضي أكثر من ثمانية أشهر في المحاماة، وترك العمل كمحامي ليتولى وظيفة معاون إدارة في منفلوط بالصعيد الأوسط.
وتقدم إلى مسابقة في وزارة الخارجية لأمناء المحفوظات في "القنصليات"، و"المفوضات"، ونجح في تلك المسابقة ليعين أمينًا لمحفوظات القنصلية المصرية في جدة عام 1929، وانتقل بعد سنة إلى العمل في القنصلية المصرية في إسطنبول حتى عام 1934م، ثم سافر إلى روما للعمل بالقنصلية المصرية هناك، وظل هناك حتى إعلان الحرب العالمية الثانية، وعاد إلى القاهرة ليعين سكرتيرًا ثالثًا في الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية.
وترقى "حقي" لدرجة سكرتير أول وشغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، وتحول بعد ذلك إلى السلك السياسي، وعمل سكرتيرًا أول للسفارة المصرية في باريس، ثم مستشارًا في سفارة مصر بأنقرة، ثم وزيرًا مفوضًا في ليبيا عام.
وانتهت مسيرة "صاحب القنديل" في السلك الديبلوماسي بزواجه من رسامة فرنسية، فعاد إلى مصر ليستقر بها، وعين مديرًا عامًا لمصلحة التجارة الداخلية بوزارة التجارة.
وتولى حقي منصب مصلحة الفنون، فكان أول وآخر مدير لها، حيث أنشأت عام 1955م وتم إلغاءها عام 1959م، ونقل مستشارًا لدار الكتب، ثم شغل منصب رئيس تحرير مجلة المجلة المصرية.
وتنوعت أعمال يحيى حقي الأدبية التي قدمها للجمهور بين النقد الأدبي والفن والمسرح والسينما، وتعد من أشهر مؤلفاته رواية «قنديل أم هاشم»، و«البوسطجي»، و«السرير النحاس» و«دماء الطين»، «الفراش الشاغر» و«قصة في سجن»، و«صح النوم» و«عنتر وجولييت»، كا قدم لفن القصة القصيرة، المجموعة القصصية «أم العواجز»، و«سارق الكحل»، وغيرهم.
وأخذت المقالات نصيب من كتاباته فمن أبرزها:«أتراب الميراث»،«أنشودة البساطة»، «عطر الأحباب»، و«هموم ثقافية» و«في السينما»، و«مدرسة المسرح»، و«في محراب الفن»، وقدم الكتاب الأدبي الموسيقي «تعالي معي إلى الكونسير»، وكتاب السيرة الذاتية «خليها على الله»، و كتاب تناول بعض الدراسات التاريخية بعنوان «صفحات من تاريخ مصر».
وحصل "صاحب القنديل" على العديد من الجوائز والتكريمات عن أعماله الأدبية وأبرزها:
جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1969، وهي أرفع الجوائز التي تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين، تقديرًا لما بذله من دور ثقافي عام، منذ بدأ يكتب، ولكونه واحدًا ممن أسهموا مساهمةً واضحةً في حركة الفكر والآداب والثقافة في مصر، بدءًا من الربع الأول من القرن العشرين
وسام الفارس من الطبقة الأولى من فرنسا عام 1983، وحاز على الدكتوراه الفخرية من جامعة المنيا في مصر عام 1983اعترافا من الجامعة بريادته وقيمته الفنية الكبيرة.
وحصل على جائزة الملك فيصل العالمية عن الأدب العربي عام 1990، لكونه رائدًا من رواد القصة العربية الحديثة.
ورحل عن عالمنا يحيى حقي 9 ديسمبر عام 1992م عن عمر يناهز 87 عام، تاركًا بصمة وتراثًا كبير في الفكر والأدب يتعلم منه الأجيال.