الأحد 19 مايو 2024

من لا يملك لمن لا يستحق


أشرف عبدالعزيز

مقالات11-12-2023 | 09:23

أشرف عبد العزيز

لم تتقاعس مصر عن ممارسة دورها تجاه القضية الفلسطينية، فقدمت أكثر من 100 ألف شهيد و200 ألف جريح خلال حروبها مع إسرائيل من أجل فلسطين
تتحمل بريطانيا وجميع الدول الداعمة للكيان الصهيونى المسؤولية المباشرة عن كل المجازر التي ارتكبت ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة

"تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف  غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

 

 ارتبط هذا الوعد بذلك الاسم نسبة إلى من وجه الرسالة وهو وزير الخارجية البريطانى فى ذلك الوقت آرثر جيمس بلفور، هذا الوعد الذى صدر عام 1917، موجها إلى اللورد روتشيلد رئيس الطائفة اليهودية فى إنجلترا،  يشير فيه إلى تأييد الحكومة البريطانية على إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين وكان ذلك الوعد عاملا رئيسيا في إقامة دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية عام 1948، بينما ما زال الفلسطينيون ينتظرون إقامة دولتهم المستقلّة، التي يرى محللون سياسيون، أنها "بعيدة المنال".

كان "وعد بلفور"،سببا رئيسيا فى إدخال العرب والفلسطينيين في صراع ممتد مع إسرائيل، لم ينته بعد، وسيستمر فى الامتداد بسبب التعنت الصهيونى الغاشم والمساندة الغربية الغير مبررة له بكافة الطرق والوسائل غير الشرعية سواء كانت مساندة مادية أو عسكرية والعمل على إمداد هذا الكيان المنتهك لكل القوانين والمواثيق الدولية، القانونية منها والإنسانية بكل ما يحتاجه من أسلحة سواء متاحة أو محظورة دوليا على مرئ ومسمع من المجتمع الدولى كاملا وفى ظل صمت غريب، رهيب يسيطر على العالم أجمع وعلى المجتمع الغربى بالخصوص.

وزعم بلفور في رسالته زعما زائفا، أن بريطانيا ستحافظ على حقوق القوميات الأخرى المقيمة في فلسطين، وهو ما لم ولن تلتزم به بريطانيا ولا الكيان الصهيونى الذى لا يلقى بالا لما يقوم به من انتهاك للحقوق الإنسانية فى أبشع صوره من مجازر جماعية وإبادة قهرية فى حق الشعب الفلسطيني  على مرئ ومسمع من العالم أجمع على مر العقود الماضية وفى الوقت الحالى،

وتزامن الوعد، مع احتلال بريطانيا، لكامل أراضي فلسطين التاريخية ووضعها تحت الانتداب وذلك بعد ضعف الدولة العثمانية وهزيمتها خلال الحرب العالمية الأولى.

وبعد مرور عام على وعد بلفور، أعلنت كل من إيطاليا وفرنسا موافقتها عليه، لتتبعها موافقة أمريكية رسمية عام 1919، ثم لحقت اليابان بالركب في ذات العام.

وخلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين (1917- 1948)، عملت لندن على استجلاب اليهود من كافة دول العالم، والعمل على تسهيل عملية تدفقهم إلى الأراضى الفلسطينية وتنظيمهم وتقديم الدعم لهم لتأسيس دولتهم المزعومة" دولة إسرائيل".

 وتم إعلان قيام دولة إسرائيل الوليدة غير الشرعية فى منطقة الشرق الأوسط لتكون بمثابة شوكة فى ظهر العرب، وبالفعل بدأ التحرك العربى تحت القيادة المصرية التى دائما ما تكون فى المقدمة  وأعلنت الدول العربية الحرب على هذا الكيان الوليد للعمل على  استرداد الأرض الفلسطينية العربية المغتصبة بواسطة عصابات صهيونية إجرامية مدعومة من الدول الغربية والعمل على تحريرها، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن وانتصر الكيان الصهيونى المدعوم بكل وسائل الدعم من الدول الغربية وأصبح قيام الدولة الإسرائيلية حقيقة مرة على كل العرب. وتحملت مصر منذ 1948 أعباء عسكرية كبيرة بسبب حرص مصر حكومة وشعبا على حماية الشعب الفسطيني من الهجوم الإسرائيلي خلال العقود الماضية والثابت أن مصر لم تتقاعس عن ممارسة دورها تجاه القضية الفلسطينية فقد قدمت مصر أكثر من 100 ألف شهيد و200 ألف جريح خلال حروبها مع إسرائيل من أجل فلسطين، ففى عام 1948 تدخل الجيش المصري  بعد إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل  واستمرت المعارك حتى تدخلت القوى الدولية وفرضت عليها الهدنة  وتحمل الجيش المصري العبء الأكبر في الحرب ضد القوات الإسرائيلية وكانت خسائر مصر في هذه الحرب آلافا من الشهداء والجرحى.

 وكان وقوف مصر إلى جانب القضية الفلسطينية سببا رئيسيا  لعدوان إسرائيل في 5 يونيو 1967 الذي غير الأوضاع في الشرق الأوسط وأصبحت إسرائيل تحتل أرض فلسطين بأكملها بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء من مصر وهيبة الجولان من سوريا، وفى  6 أكتوبر 1973 خاضت مصر المواجهة العسكرية مع إسرائيل وخرجت منتصرة واستعادت سيناء وفرضت مشكلة النزاع العربي الإسرائيلي على الساحة الدولية  وطالب  الرئيس أنور السادات بضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام لتسوية النزاع في الشرق الأوسط مؤكداً على ضرورة مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية، وفي ضوء المبادرة المصرية أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 338 الذي دعا إلى وقف إطلاق النار وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 وبدء المفاوضات بين الأطراف المعنية لإقامة السلام الشامل في المنطقة، وركزت الدبلوماسية المصرية اهتمامها على تعزيز الحق الفلسطيني وتأمين قوة الدفع اللازمة لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وإلى الآن وفى ظل القيادة السياسية الحكيمة للرئيس عبدالفتاح السيسى تعمل مصر دائما وأبدا على حل القضية الفلسطينية من خلال إنهاء الاحتلال والعمل على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٦٧، دولة ذات سيادة وحدود خاصة بها.

  وبالعودة إلى وعد بلفور نؤكد أن بريطانيا وجميع الدول الداعمة للكيان الصهيونى وهم من يتحملون المسؤولية المباشرة عن كل المجازر التي ارتكبت ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة، وذلك لأن وعد بلفور، تُرجم، من خلال مساعدة العصابات الصهيونية، وإمدادها بالسلاح، وهو ما تسبب بالعديد والعديد من المذابح بحق الشعب الفسطيني.

فوجود الاحتلال يعتبر جريمة مستمرة، والعدوان الإسرائيلي أحد الجرائم الدولية التي يدينها القانون الدولي، فهذا الوعد من الشخص الذى لا يملك وأعطى ما لا يملكه لشخص لا يستحق، يتناقض مع كل مبادئ القانون الدولي الذي ينظم العلاقات بين الدول، خاصة مبدأ عدم جواز ضم أراضي دول أخرى، أو الاعتداء عليها.

الاكثر قراءة