الأحد 19 مايو 2024

معركة « تعريب النوبية» تشتعل بين الشباب وكبار السن فى النوبة

22-2-2017 | 11:56

تقرير: أشرف التعلبى

تباينت آراء النوبيين حول تعريب اللغة النوبية، واشتعل الصراع بين مؤيد ومعارض، فبعضهم يرى أن هذا يؤدي إلي ضياع الهوية النوبية وطمس حضارة النوبة، في المقابل كان هناك مؤيدون يرون أن التعريب ينشر اللغة ويسهل عملية إتقانها. كما أطلق مجموعة من شباب النوبة، تطبيق" نوبي" لتعلم اللغة النوبية بلهجتيها "الكنوز والفدكي" حتى يتم الحفاظ على اللغة من الاندثار، وذلك من خلال جميع الموبايلات الذكية.

لكن يرى أحد أساتذة علم اللغة أن الإصرار على عدم تعريب النوبية خطأ يرجع إلى اعتقاد بعض النوبيين أن تعليم غيرهم لها محاولة لكشف أسرارهم، ومعرفة عاداتهم وتقاليدهم بدليل أن غالبية أهل النوبة يتحدثون مع الآخرين بالعربية بينما يحرصون على الكلام مع بعضهم بالنوبية.

فى البداية يقول الباحث النوبى محمد عمر - المدافع عن تعريب النوبية، الحاصل على ماجستير فى اللغة النوبية- ، إن اللغة النوبية عريقة كالإنسان النوبى، والكتابة بها شهدت مراحل ازدهار، وانحدار، والثابت تاريخيا أن النوبيين كتبوا بكل اللغات سواء الفرعونية التصويرية ثم التجريدية، وفى العصر المروى كتبوا بالأحرف المروية، وفى العصر القبطى كتبوا بالأحرف القبطية، والأخيرة كانت أطول فترة لأن النوبيين اعتنقوا المسيحية لأكثر من ألف عام، مما يجعلنا نؤكد أن الحرف القبطى هو الحرف الذى كتب به النوبيون أناجيلهم ورسائلهم، لكن بعد ظهور الإسلام توقفت الكتابة بالحرف النوبى أو القبطى لاعتناق النوبيين جميعهم للإسلام، فكرهوا أن يكتبوا بلغة لاتتماشى مع ديانتهم، حتى عاد استخدامها على يد الدكتور مختار خليل مختار كبارة فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى.

مضيفا أنه بالنسبة لاستخدام الحرف العربى فى الكتابة ليس جديدا فقد استخدمه المرحوم محمد متولى بدر فى كتابه اقرأ النوبية عام ١٩٥٥، وتبعه بقاموسين أحدهما طبع بالفعل والآخر تحت الطبع ، استعمل فيهما الحرف العربى، واستفادت بها المكتبة النوبية ويستفيد منه الباحثون حتى يومنا هذا، ولا أعرف سبب رفض بعض النوبيين لهذا الأمر، وعليهم أن يشرحوا مبرراتهم حول أن الكتابة والتدوين بالعربية إلى جانب الحرف النوبى سيؤدى إلى اندثار اللغة النوبية، فهل حفظ المفردات بأية رموز ستؤدى إلى تغيير المفردة من أساسها إلى مفردة أخرى.

ويقول: المصيبة أن من ملأوا الدنيا ضجيجا اعتراضا على تعريب النوبية لم يفعلوا مافعلناه، وما بذلناه ومازلنا نقدمه من جهد لنشر تلك الأحرف القبطية أو النوبية، فعلى مدى سبعة عشر عاما ونحن نقيم الدورات بلا مقابل للحفاظ على لغتنا النوبية العريقة.

لكن على الجانب الآخر يقول هاني كبارة - مدرس اللغة النوبية- : نحن ضد تعريب اللغة النوبية، فاللغة العربية لا تتوافق مع النوبية، وهناك حروف نوبية لا تنطق وبالتالي لا تتوافق مع أبجدية اللغة العربية، حيث أن ١٥ حرفا فقط من أبجدية العربية تنطق في اللغة النوبية، مع وجود حروف مركبة لها نطق واحد، إلى جانب أربعة منطوقات أو حروف نوبية ليس لهم مثيل في العربية، وهناك حروف نوبية فوقها شرطة ولها مدلول ومنطوق مختلف عن الحرف بدون شرطة، وهذا لا يتناسب مع العربية أيضا، كما أن قواعد اللغة النوبية تتطلب انفصال الحروف عن بعضها بحكم زيادات يتم وضعها وإضافتها، وهذا لا يمكن تطبيقه في العربية، مثل« وتعني اكتبوا النوبية بالنوبية .

ويرى أن الكتابة بالقبطية توقفت بعد الفتح الإسلامي، ودخل النوبيون الإسلام، فاختلاف الألسنة آية من آيات الله، لماذا يريدون تحويل اللغة النوبية إلي مسخ من العربية، وسوف يقال إنها الأولى مستنبطة من الثانية، مطالبا الفريق الآخر بالرد على سؤاله، هل يمكن تعليم اللغة الإنجليزية باللغة العربية من خلال كتابة الأولى بالثانية مع النطق بالإنجليزية..

وفى نفس الاتجاه ترى جليلة جمال رئيس منتدى المرأة النوبية، أن تدريس اللغة النوبية بأحرف عربية يجعلها تتحول بعد سنوات لتكون مجرد إحدى لهجات اللغة العربية ﻷنها ستفقد أحد أركانها وهو الحرف المتعارف عليه حاليا، كما أن التدريس بالعربى من الممكن أن يقضى على الباحث اللغوى فى حالة ظهور مخطوطات أو آثار مكتوبة أو معابد باللغة النوبية وهذا أمر وارد، يضاف إلى هذا انتقاص من الوجود النوبى بكل مظاهره الذى نعتز بها، فاللغة النوبية ليست لهجة مثل السيناوية
أو غيرها، وهناك أساتذة نوبيون يُدرسون اللغة، وتعريبها يؤدي إلى اندثارها.

من جانبه يقول الدكتور يوسف عبدالفتاح، - أستاذ علم اللغة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة- إنه يمكن تعليم وتدريس اللغة النوبية لمن يريد، لكن بعض النوبيين يعتقدون أن تعلم أحد النوبية يجعله يعرف أسرارهم، وحياتهم اليومية، فالهدف من الانعزال بلغتهم الحفاظ علي هويتهم وسرية حياتهم الشخصية، ولو سألت أي مصري عن مدى معرفته بالثقافة النوبية لا يعرف، إلا من خلال النوبيين أنفسهم، مضيفا للأسف، النوبيون يريدون العيش في عزلة، وعندما يتحدثون مع غير أهل النوبة يتحدثون بالعربية، لكن عندما يتكلمون مع بعضهم يعودون للغتهم الأصلية، بالنوبية ونحن لا نفهم شيئا كأننا ليس من حقنا الفهم.

وأشار إلي أن كتابة النوبية بالحروف العربية يؤدي إلى انتشارها وسهولتها، حيث تصبح الحروف مقبولة وليس غريبة، ويشجع على تعلمها، رغبة في معرفة الحضارة والثقافة النوبية، فيندمج النوبيون في اللغة العربية، ونشرها - النوبية -بالحروف العربية يساعد على نقل ونشر الحضارة النوبية إلي الحضارة العربية على عكس ما يراه الرافضون بحجة الحفاظ عليها من الاندثار.