الأحد 28 ابريل 2024

السينما.. القوة الناعمة للمقاومة الفلسطينية

مقالات13-12-2023 | 13:35

استطاعت السينما خلق قاعدة شعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تقود المظاهرات وتتحرك في العالم، لتشكل واحدة من أهم وسائل النضال الفلسطيني

شكلت قصص القضية الفلسطينية المأساوية مصدر إلهام لصنّاع السينما ليس في فلسطين وحدها بل من جميع أنحاء العالم، الذين قدموا أفلاما ركز كثير منها على المقاومة ضد الاحتلال 

تبرز السينما الفلسطينية واقع الحياة في فلسطين، وتسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، وتناولت حياة اللاجئين الذين يتطلعون إلى العودة وتحرير أرضهم

كان هم الفنانين الموهوبين الذين تخرجوا في مجال السينما أن يخدموا قضيتهم واضعين اهتماماتهم الشخصية على جنب، وكان مثلهم الأعلى الفدائي الذي يقدم حياته، حتى صاروا مثله   

 

على مدار ٧٥ عاما، عمر الصراع العربي الإسرائيلي كانت ولا تزال السينما شاهدة على القضية الفلسطينية، وواقعها المأزوم والمأساة التى فرضها الإحتلال الإسرائيلى، وكان السؤال دائما كيف يمكن لصانعى الأفلام الفلسطينيين أن يعبروا عن وطنهم ومعتقداتهم وتقاليدهم مع الحصار والقمع والعنف والتهجير؟ للإجابة علي هذا السؤال لابد أن نرصد في البداية كيف نشأت السينما الفلسطينية في ظل الاحتلال والنكبة والحصار؟ وكيف شكلت قصصها المأساوية والإنسانية مصدر إلهام لصنّاع السينما في فلسطين ودول العالم؟ وكانت القوة الناعمة لمقاومة الإحتلال الاسرائيلي . 

 

تشكلت السينما الفلسطينية منذ مطلع الستينيات رافعة للنضال الفلسطيني، وتبلورت هذه الحالة بعد هزيمة حرب عام 1967، وسيطرة شعور الذل على جيل الشباب آنذاك، ما دفع بالعديد من الشبان للالتحاق بالعمل النضالي، وكان من بينهم السينمائيون، بدءا من سلافة مرسال التي تخرجت عام 1964، وأخذت لها مكانا في وزارة الإعلام الأردنية، ليلحق بها هاني جوهرية، ومن ثم مصطفى أبو علي هؤلاء الشبان الثلاثة هم من اخترع فكرة النضال بالسينما، ذلك لأنهم فور تخرجهم والتحاقهم في صفوف العمل، بدأوا يفكرون في إنشاء قسم للسينما، وكانت سلافة جاد الله من أوائل من اقترح على الفدائيين أن تبدأ بالتوثيق الفوتوغرافي وعمل الملصقات للشهداء، وبعد التحاق جوهرية وأبو علي في ركب الثوار، اقترحواعلى وحدة الإعلام في حركة فتح افتتاح قسم للتصوير، التي بدورها أعطت الموافقة وطلبت منهم البدء بالإمكانيات البسيطة المتوفرة، فأخذوا يوثقون العمليات والنشاطات والمؤتمرات الصحفية والمسيرات والاجتماعات ثم يوزعونها على الإعلام، وهكذا كانت البداية. 

 

نشأة السينما الفلسطينية 

أما النقلة الفعلية لعمل هذه المجموعة فحصلت بداية عام 1968، في معركة الكرامة، إذ عملت "إسرائيل"آنذاك على محاولة ضرب الثورة والقضاء على قواعدها، إلا أن الفدائيين قرروا المواجهة وصمدوا في معركة كبيرة أخذت صدى كبيرا في العالم، وأثارت فضول العالم للتعرف على الفدائيين الذين تمكنوا من المواجهة والصمود أمام الآليات العسكرية، بعد أقل من عام على هزيمة الجيوش العربية في حرب عام 1967، وفي حينها، بدأ الطلب على الصور، وأخذ قسم التصوير بالتطور شيئا فشيئا، وتم تزويد المجموعة بالآلات اللازمة والبحث عمن له القدرة على الانضمام لهم لتطوير العمل أكثر، ومع نهاية عام 1968 قررت المجموعة أن توثق الأحداث سينمائيا، فاستعارت كاميرا وأخذت بتوثيق كل ما يجري، فصارت وحدة أفلام فلسطين، التي تمكنت من صناعة أول فيلم لها نهاية عام 1969 بكاميرا خاصة بها، وقد ساهمت هذه الوحدة في تأسيس "جماعة السينما الفلسطينية" التي انضمت إلى مركز الأبحاث التابع لـمنظمة التحرير الفلسطينية، وقدمت في سنة 1973 فيلماً يتيماً بعنوان "مشاهد من الاحتلال في غزة " للمخرج الفلسطيني مصطفى أبو علي، وهو فيلم تسجيلي قصير، مدته 13 دقيقة، يتناول الواقع المرير الذي شهده قطاع غزة، بمدنه وبلداته ومخيماته. وكان مصطفى أبو علي نفسه قد أخرج بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من الأردن في صيف سنة 1971 فيلماً بعنوان "بالروح بالدم"، يحلل فيه أحداث أيلول الدامية، عبر مشاهد تسجيلية حية، متمازجة مع مشاهد تمثيلية.

 

لغة سينمائية  خاصة 

رافق هذه الوحدة التي درس مؤسسوها السينما الغربية، سؤال عن نوع السينما التي يرغبون بصناعتها، وكانوا دائما يبحثون عن لغة خاصة بهم لمخاطبة الشعب الفلسطيني أولا، لأنه كان مغيبا لحوالي عشرين سنة، من عام 1948 حتى 1967، عن القضية والتعامل معها، وليس الشعب الفلسطيني وحده من كان مغيبا عن قضيته، بل فلسطين ككل كانت مغيبة عن العالم أجمع، فقد القضية الفلسطينية آنذاك تعرف على أنها قضية الشرق الأوسط، دون الإشارة إلى فلسطين التي كانت مغيبة تماما .

بدأت تظهر فلسطين مع ظهور السينما، إذ أنها استطاعت خلق قاعدة شعبية للمنظمة"منظمة التحرير الفلسطينية" التي كانت تقود المظاهرات وتتحرك في العالم وتنتشر من خلال اتحادات أو تجمعات أو روابط،  وقد شكلت السينما واحدة من أهم وسائل النضال الفلسطيني، التي تنبهت الوفود القيادية لأهميتها، وكانت بدورها عند ذهابها للمؤتمرات أو لقاءات دولية تأخذ معها هذه الأفلام والصور وتعرضها لتعرف الناس بالقضية الفلسطينية.

هذه المجموعة كانت من الثوار الفنانين الموهوبين الذين تخرجوا في مجال السينما من معاهد متقدمة، كان همهم أن يخدموا قضيتهم واضعين اهتماماتهم الشخصية على جنب، رغم أن من يدرس السينما يكون شخصا صاحب تطلعات ورغبة في التعبير عن مشاعره وأفكاره وآرائه، إلا أن هذه المجموعة آثرت قضيتها وسخرت علمها في سبيلها، فكان مثلهم الأعلى الفدائي الذي يقدم حياته، حتى صاروا مثله، وقدموا حياتهم وهم يوثقون الأحداث في أرض المعركة.

 

سينما الثورة 

تميزت تجربة سينما الثورة بالابتعاد عن طريق السينما السائدة، والبحث عن لغة وجماليات سينمائية خاصة بها، بسيطة وواضحة ومحسوسة للجماهير، تصور الواقع الذي تعيشه الجماهير الشعبية لتساعدها على فهم أوضاعها ومشاكلها، وتشجعها على مواصلة الكفاح وكشف أساليب الاستعمار والاحتلال السياسية والعسكرية والثقافية، ولجأت إلى أساليب مستوحاة من كفاح وثقافة الشعب، وبالقدرة على الإبداع المقترن بالانتماء الصادق لقضية شعبهم، والعمل بروح الجماعة بإهمال مبدأ التخصص الصارم في عمل الفريق.

 

ابرز الأفلام فلسطينية 

وقد سجلت القضية الفلسطينية، خلال مسارها التاريخي الطويل، حضوراً بارزاً في عالم الأدب والسينما، إذ شكلت قصصها المأساوية والإنسانية مصدر إلهام لصنّاع السينما  ليس في فلسطين وحدها بل من جميع أنحاء العالم  الذين قدموا أفلاما تبرز واقع الحياة في فلسطين، وتسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، وركزت بعض هذه الأفلام على المقاومة ضد الاحتلال وأخرى تناولت حياة اللاجئين الذين يتطلعون إلى العودة وتحرير أرضهم ، لذلك كان لابد من استعراض عدد من الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية من زوايا مختلفة.

 

عرس الجليل  

قدم المخرج ميشيل خليفى أفلاما عديدة بمشوار طويل، أبرزها «عرس الجليل» 1987، وفى الفيلم نرى أبو عادل مواطنا فلسطينيا يريد إقامة عرس لابنه، ويرغب أن يكون عرسا تتحدث عنه القرى على مدى السنين، إلا أن مصادرات الأراضى والقمع، وما ينتج عنها من مواجهة تفرض ظروفا من منع التجول والتجمهر، ومن تطويق الجيش للقرية.. المواطن يقرر أن يطلب من الحاكم العسكرى تعليق أنظمة الطوارئ وإخراج الجيش من القرية ليوم واحد حتى يتمكن من إتمام الزفاف. الحاكم يوافق بشرط أن يكون وضباطه ضيوف الشرف فى العرس، يسخر ميشيل خليفى من غباء الحاكم العسكرى وافتقاره إلى الحساسية لمشاعر الناس وتعامله معهم بقلب أسود، لكنه أيضا يلقى بنظرة فاحصة على مجتمعه الفلسطينى وحصل على التانيت الذهبى لأيام قرطاج السينمائية.

 

حتى إشعار آخر

نظرة سينمائية ثاقبة لوضع فلسطينى موجع يطرحها أيضا المخرج رشيد مشهراوى فى فيلمه "حتى إشعار آخر" 1994 يوم في حياة عائلة فلسطينية أثناء فرض نظام حظر التجول من قبل الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة عام 1993. عندما تتحول البيوت إلى معتقلات صغيرة ينسجم بين جدرانها نسيج من العلاقات داخل الأسرة، وتكافؤ اجتماعي داخل الحي، تنخرط عائلة أبو راجي في واقع تتألق فيه قيم الصمود والمقاومة أحداث 24 ساعة وكأنها عمرا لشخصياته، عاشوه خلال حظر التجول الذى أعلنه الجيش الإسرائيلى فى مخيم للاجئين الفلسطينيين ومع العائلة الفلسطينية تحولت البيوت إلى معتقلات صغيرة ينسجم بين جدرانها نسيج من العلاقات داخل الأسرة، وتكافؤ اجتماعى داخل الحى، تنخرط عائلة أبو راجى حلاق شبه مقعد ويمضى طيلة الفيلم تقريبا فى لباس النوم بحركة محدودة متوجعة، فى واقع تتألق فيه قيم الصمود والمقاومة.

 

حيفا 

قدم المخرج رشيد مشهراوى، فيلمه «حيفا» 1996 كأول فيلم فلسطينى يعرض بشكل رسمى فى مهرجان كان السينمائى، وكإنجاز كبير للسينما الفلسطينية، حول شابّ يسمى «حيفا» حبًّا فى المدينة الفلسطينيّة الّتى هُجّر منها عنوة، وظلّ يحلم بها فى مخيّم اللاجئين، وتحت رحمة المفاوضات واتفاقيّات السلام والمستقبل الضبابى، حيث تتشابك المصائر وتتقاطع، بين الحرب والسلم واللاستسلام فى صورة سينمائية منتفضة.

 

باب الشّمس الرّحيل والعودة 

فيلم "باب الشّمس" 2004 للمخرج المصري يسري نصر الله  يصحب مشاهديه في رحلة ممتدة لقصّة حبّ فلسطينية، يرويها مناضل فلسطيني على فراش الموت، ونرى في عيونه الحكاية منذ البداية، من الرّحيل والتّهجير والحرب، إلى العودة والمقاومة.. وقد عرض "باب الشّمس"، سينمائياً عام 2004 في قسمين"باب الشمس: الرحيل"، "باب الشمس: العودة" وهو مأخوذ عن رواية الأديب اللبناني إلياس خوري، وقد حظي الفيلم أيضاً بعرض خاص ضمن فعاليات مهرجان كان

 

مملكة النمل

احتفاء بدور المقاومة وإيماناً منه بالقضية الفلسطينية، قدّم المخرج التونسي شوقي الماجري فيلمه السينمائي الروائي الطويل "مملكة النمل" سنة 2012،وهو من بطولة صبا مبارك، ومنذر الرياحنة، وعابد فهد، وجميل عواد، وجولييت عواد، وصباح أبو زويتة وتدور أحداث الفيلم، الذي قام المجاري بكتابته بالمشاركة مع خالد الطريفي، وصوّره بين سوريا وتونس، حول تحديات المقاومة الفلسطينية في إطار يعكس الواقع المرير الذي يعيشه المدنيون، ومحاولاتهم المستمرة بالإمكانات البسيطة لردع المحتل، وإخراجه من أراضيهم كما يسلط فيلم مملكة النمل الضوء على عمليات القصف المتواصل الذي تتعرض العائلات الفلسطينية داخل المنازل، من خلال شخصيات أساسية وهما الزوجان جليلة وطارق اللذان يعانيان من القمع على مدار 12 عاما بسبب انخراطهما في صفوف المقاومة وسيتم اعتقال الزوجين وتعريضهما للتعذيب لمنعهما من مقاومة الاحتلال، هذا الأخير الذي سيقوم بتوجيه رصاصة لابنهما الوحيد، الذي سوف يستشهد كونه واحداً من بين أطفال الحجارة في مدينة القدس، الفيلم يسلط الضوء كذلك على العلاقات الإنسانية والعاطفية، والروابط القوية التي تجمع أهل فلسطين، بالرغم مما يعيشون من حروب مستمرة في أراضيهم المحتلة.

 

لما شُفتك 

تدورأحداث فيلم “لما شفتك”، 2012  للمخرجة الفلسطينية، آن ماري جاسر، حول معاناة الطّفل طارق، الذي لم يتجاوز عمره 11 سنة، حيث يضطر للهروب رفقة والدته إلى الأردن، بعد أحداث سنة 1967، والمكوث في مخيم مؤقّت للّاجئين، إلا أنّ الأوضاع البائسة والخدمات السيّئة هناك، التي لا علاقة لها بحياته القديمة قبل النّكسة، تدفعه للهرب من المخيم وحيداً، محاولاً الالتحاق بمخيم للفدائيين للعودة إلى وطنه أملاً في المساعدة على تحريره من المحتل ولكن الأم التي كانت تعاني بدورها العديد من التحديات من أجل العيش والتأقلم في حياتها الجديدة، تقوم بالبحث عن طفلها واسترجاعه، ثم تعمل جاهدة للعودة مرة أخرى إلى بلدها، وكلها أمل في عيش حياة أفضل، واسترجاع ولو جزء بسيط من ذكريات حياتها الماضية.. رشّح الفيلم للمنافسة في قائمة الأفلام الأجنبية في جائزة الأوسكار في دورته الـ85، لكنه لم يتمكن من تجاوز التصفيات، فيما حصل على جائزة أفضل فيلم عربي لمهرجان أبوظبي، لسنة 2012، وجائزة مهرجان قرطاج السينمائي في تونس لنفس السنة.

 

إن شاء الله 

اختارت المخرجة الكندية أناييس باربو لافاليت، من خلال الفيلم الذي أطلقت عليه اسم “إن شاء الله”، 2012 تسليط الضوء على القضية الفلسطينية بطريقة مختلفة، وتدور الأحداث حول كلوي، وهي طبيبة كندية شابة تعمل مع الهلال الأحمر في أحد مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية .. تقضي الطبيبة الكندية يومها بالكامل رفقة الفلسطينيين بالقدس، فيما تضطر للعودة إلى الأراضي المحتلة برام الله مساء لتعيش حياتها العادية بعيداً عن العمل، وبين هنا وهناك تبدأ بالمقارنة، فيما تدخل كلوي في صداقة رفقة سيدتين، الأولى فلسطينية رُمي زوجها في السّجون الصهيوني، والأخرى يهودية مُجنّدة إلى جانب قوات جيش الاحتلال الصهيوني وفي ظل كل ما تعيشه وتتلقاه من معلومات من الطّرفين، تكوّن كلوي صورة مختلفة عمّا كانت تعرفه عن القضيّة الفلسطينية، وتفهم مدى قسوة وعنف الهجوم العدواني الذي تشنّه قوّات الاحتلال على المدنيين في أراضيهم.

 

عيون الحرامية

فيلم "عيون الحرامية"، 2014 للمخرجة الفلسطينية نجوى نجار، مبني بشكل شبه مكتمل على أحداث حقيقية لشاب فلسطيني قام بعملية مقاومة منفردة قام من خلالها بقنص 11 جندياً إسرائيلياً، الفيلم يرينا جانباً من حياة الشباب الفلسطيني الذي يختار المقاومة المسلحة ضد قوات الاحتلال، وكم الكلفة التي يدفعها هؤلاء في سبيل اختيارهم هذا، والفيلم مثل تعاونا عربيا مثيرا للاهتمام، فالبطولة كانت للممثّل المصري خالد أبو النجا، والمطربة الجزائرية سعاد ماسي

 

3000   ليلة 

فيلم "3000 ليلة"، عام 2015 للمخرجة الفلسطينية مي المصري، يروي قصّة مدرسة شابة من مدينة نابلس، تسمى “ليال”، اعتقلتها قوات الاحتلال سنة 1980، بتهمة مساعدة شاب فلسطيني أُصيب في اشتباكات خلال مشاركته في عمليات للمقاومة، وقد تم نقل "ليال" إلى واحد من بين أكثر السّجون حراسة في الأراضي المحتلّة، رفقة عدّة نساء فلسطينيات، وأخريات إسرائيليات محبوسات بموجب جرائم جنائية، بعد أن حُكم عليها بالسّجن لمدة 8 سنوات، إلاّ أنّ هذه المدرّسة سوف تتعرّض لضغط كبير من طرف سجّانة، التي ستجرّبها لتكون جاسوسة لها على سجينة فلسطينية أخرى، تعتبر الأكثر حنكة في السّجن وأكثرهنّ سيطرة على الأوضاع هناك كما أنها تعاني مع سجينات إسرائيليات أخريات، يعاملنها بعنصرية كبيرة، وهكذا تزداد صعوبة الحياة داخل السّجن، بعد أن تكتشف ليال أنّها حامل، إذ سوف تكون مضطرّة لتربية طفلها داخل أسوار السّجن، والتّعايش مع الأوضاع الصّعبة هناك، والمعاملات المهينة التي تتعرّض لها وطفلها طيلة فترة الحبس.

 

200 متر 

في فيلمه "200 متر" عام 2020  ببساطة ودون ابتذال في الحوارات يقدم لنا  المخرج أمين نايفة قصة أخرى من قصص الفلسطينيين الذين يجمعهم الحب ويفرقهم جدار الفصل العنصري وعلى الرغم من أن الحكاية تبدو مألوفة، وعلى الرغم من استعادة مشهد جدران الخزّان، إلا أن نايفة ينجح في تحويل تفصيل صغير فيها إلى مغامرة شائكة تم تصميم معيقاتها بصدق وواقعية... على طرفي الـ 200 متر يعيش زوج من حملة الهوية الفلسطينية وزوجته من حملة الهوية الإسرائيلية- كما هو حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني في الداخل- لكن وبسبب ما يفرضه الاحتلال من انعدام فرص العمل لدى الفلسطينيين تضطر الزوجة والأولاد للبقاء في الجانب "الإسرائيلي" حيث يسعى الزوج لإصدار تصريح للعمل وزيارة زوجته وأولاده، بكل ما في القضية من تعقيدات الحصول على التصاريح، وعبور الحواجز وحالة التشتت التي تعيشها الأسرة. ما يجمعه الحب لا يفرقه احتلال لكن هذا ليس نضالا يسيرًا يتمتع هذا الفيلم بأسلوب سرد وتطور درامي وأسلوب عصري مبتعدًا كل البعد عن العويل والبكاء والشكوى.

 

فرحة 

يجسد فيلم "فرحة" 2021  للمخرجة الأردنية الشابة دارين سلام، النكبة الفلسطينية ومآسيها في سياق درامي مميز، مقتبسة من شهادات حية عاشها الفلسطينيون في تلك المرحلة وتدور قصة الفيلم حول فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 14 سنة، تعيش مع والدها باستقرار كبير، وتتمنى أن تكمل دراستها ولا تلتفت لما ينتظرها من مصير حتمي مثل الزواج فقط، بل قررت أن تشكل حياتها العملية، وتدرس خارج قريتها، وتعيش بالمدينة، وتحاول أن تقنع والدها بذلك، وقبل أن تحقق حلمها تنقلب تلك الحياة الهادئة بحدوث نكبة عام 1948، وتنقلب مسارات الجميع وتتبدل السكينة لفواجع كبيرة، ويحبس والد "فرحة" ابنته خوفاً عليها من جنود الاحتلال، فيضعها في غرفة مظلمة ترى من خلال ثقب صغير بها أحداثاً مخيفة ومجازر حدثت على أرض الواقع، لتتحول حياة الفتاة الحالمة إلى كابوس كبير لا يضيع من ذاكرتها على الرغم من نجاتها من مذابح النكبة. والفيلم من بطولة كرم طاهر وتالا جموح وأشرف برهوم وعلي سليمان وآخرين، وهو من تأليف دارين سلام.​

Dr.Randa
Dr.Radwa