شهد تاريخ الحضارة الإسلامية العديد من العلماء البارزين الذين قدموا إسهامات كبيرة في مجالات معرفية متنوعة مثل: العلوم التطبيقية، الدينية، اللغوية، الفلسفية، الطبية، والاجتماعية، وقد أسس هؤلاء العلماء قواعد ومناهج علمية راسخة في أبرز العلوم التي استفاد منها الإنسان على مر العصور وحتى يومنا هذا.
وفي سلسلة خاصة تقدمها بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان المبارك، سنستعرض يوميا أحد هؤلاء العلماء المسلمين المبدعين ونلقي الضوء على إسهاماتهم العظيمة في مختلف ميادين المعرفة.
نبدأ في حلقتنا الأولى بالتعرف على أبرز علماء اللغة العربية والأدب، الذين قدموا أعمالاً قيمة أثرت هذا المجال وأسهمت في تقدمه.
محمد بن عبد ربه
أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه هو شاعر أندلسي ولد في قرطبة في 10 رمضان 246 - 18 جمادى الأولى 328 هـ، وتميز بسعة الإطلاع في العلم والرواية والشعر، وصاحب كتاب العقد الفريد، وكان من الرواد في نشر فن الموشحات التي أخذه عن مخترعه مقدم بن معافى القبري.
كتب الشعر في الصب والغزل، ثم تاب وكتب أشعارًا في المواعظ والزهد سماها "الممحصات".. وكان يتكسب من الشعر بمدحه للأمراء، فعُدّ بذلك أحد الذين أثروا بأدبهم بعد الفقر.
ويعتبر كتاب "العقد الفريد" من أعظم أعماله الذي كان بمثابة موسوعة ثقافية تبين أحوال الحضارة الإسلامية في عصره، ويعد الكتاب من أمهات كتاب الأدب العربي، ويشتمل الكتاب على جملة من الأخبار والأمثال والحكم والمواعظ والأشعار وغيرها.
كتاب "العقد الفريد" هو موسوعة أدبية، تجمع بين المختارات الشعرية والنثرية، ولمحات من التاريخ والأخبار، مع الأخذ بنظرات في البلاغة والنقد مع شيء من العروض والموسيقى، وإشارات للأخلاق والعادات
وسُمي الكتاب بـ «العقد» لأن ابن عبد ربه قسّمه إلى أبواب أو كتب حمل كل منها اسم حجر كريم، كالزبرجدة والمرجانة والياقوتة والجمانة واللؤلؤة، وغير ذلك مما تناول عقود الحسان الحقيقية، ويشتهر الكتاب باسم «العقد الفريد»، إلا أن بعض النقّاد قالوا بأن اسم الكتاب هو «العقد» فقط، وأن كلمة «الفريد» أضيفت فيما بعد.. وقيل أن أول من أضاف هذه الكلمة هو الأبشيهي صاحب «المستطرف».
توفي ابن عبد ربه في 18 جمادى الأولى 328 هـ، ودُفن في قرطبة، وقد أصيب بالفالج قبل وفاته بأعوام.