الثلاثاء 11 يونيو 2024

شوفتوا.. المباراة

23-2-2017 | 13:31

بقلم : تهاني الصوابي

الحقيقة هي ليست مباراة واحدة  بل مبارتان، الأولى نهائي كأس الأمم الأفريقية رغم أن الحدث صار قديما لكن يظل الحديث عنها جديدا ما دام لم يلعب منتخبنا الوطني بطولة دولية غيرها, أما الثانية فهي كأس السوبر بين فريقي الأهلي والزمالك التي أقيمت بالإمارات، وهما مبارتان يجمع الشبه بينهما في كونهما نهائي بطولة، ولكن ليس هذا هو المقصود من الحديث بل المقصود الدروس المستفادة من هاتين المبارتين.

ففي نهائي مباراة كأس الأمم الأفريقية لم ينل الفريق المصري شرف الفوز بالبطولة على الرغم من تقدمه بهدف مقابل لا شيء، ورغم هذا لم يغضب الشعب المصري، ولم يخرج ثائرا إلى الشوارع كما كان يحدث في الماضي، بل وقف مع فريقه وهنأه بحصوله على المركز الثاني وأشاد بالأداء الرجولي للاعبين وخاصة الحضري حارس مرمي مصر العتيق الملقب بالسد العالي، بل خرج إلى المطار بالآلاف يستقبل فريقه عند عودته إلى أرض الوطن استقبال الأبطال ليقدم للعالم درسا عمليا في مدى استيعاب الشعب المصري لمفهوم الديمقراطية الحقيقي، وهو تقبل الآخر حتى لو كان هزيمة لمنتخبه الوطني وحرمانه من البطولة الأفريقية التي غاب عن المشاركة فيها لمدة ست سنوات عجاف عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير ألفين وإحدى عشر، هذه المشاعر لم تكن موجودة من قبل على مدى سنوات طويلة كانت هزيمة المنتخب الوطني بمثابة كارثة ومصيبة تخرج الملايين عن شعورهم ويصبون غضبهم على نجوم المنتخب، ويطالبون بإقالة المدرب والجهاز الفني ولا يهدأون إلا بعد أن تتحقق مطالبهم، وهو ما لم يحدث هذه المرة، فالجماهير تقبلت النتيجة برضا واستقبلت نجوم المنتخب استقبال الأبطال، ولم يطالبوا بإقالة كوبر المدرب الأجنبي، بل طالبوه بالاستمرار وبذل المزيد من الجهد للوصول بالفريق إلى كأس العالم ألفين وثمانية عشر المقام في روسيا، لقد أعطى الشعب المصري درسا آخر للعالم، ولكن هذه المرة في الديمقراطية الحقيقية ألا وهي تقبل الآخر حتى لو كان مخالفا لإرادتهم ورغباتهم.

أما المباراة الثانية فهي مباراة السوبر بين فريقي الأهلي والزمالك والتي أقيمت في الإمارات، وحضرها الآلاف من الجماهير المصرية التي ملأت الستاد والذي بدا وكأنه ينقسم إلى قسمين أحدهما أحمر والآخر أبيض في مشهد جميل محرومين منه منذ سنوات طويلة بسبب ما يسمى الألتراس الذين يحولون كل مباراة يحلون بها إلى جحيم وسقوط ضحايا مثلما حدث في ستاد بور سعيد وستاد الدفاع الجوي، لكن الغريب أن رغم هذه الآلاف التي حضرت مباراة كأس السوبر في الإمارات، ورغم هزيمة الأهلي من الزمالك فلم يصدر أي تسجيل لخروج واحد في السلوك ومعنى هذا أن هذه الجماهير قادرة على احترام قدسية الملعب فقط في حالة تطبيق القانون وبكل حزم وبلا هوادة، وهو ما يعطينا الأمل لعودة الجماهير إلى مدرجات الملاعب مرة أخرى في مصر، حيث يكون لزئيرها وهتافاتها فعل السحر على اللاعبين.

الحقيقة أن التزام الجماهير بالتشجيع في مباراة السوبر بالإمارات يدعونا للتفكير مرة أخرى في عودة الجماهير إلى الملاعب ولو تدريجيا مع تغليظ العقوبات على أي خروج عن القانون, فقد اشتاقت الجماهير إلى الملاعب، والمدرجات في انتظار عودة الجماهير حتى تعود الرياضة إلى سابق عهدها بالالتزام في التشجيع دون اللجوء إلى العنف أو التدمير مرة أخرى فالجماهير التي حضرت مباراة السوبر هي مصرية مائة في المائة، والفارق الوحيد هو احترامهم للقوانين في دولة الإمارات وما عليهم إلا احترامها في بلدهم مصر.

أعتقد أن هناك نتيجة إيجابية خرجنا منها من كأس الأمم الأفريقية وأخرى من مباراة كأس السوبر بين الأهلي والزمالك، وهي أن الجماهير المصرية متعطشة للعودة إلى الملاعب وأصبحت مهيأة للالتزام، فهل نطمع في النظر مرة أخرى في هذا الأمر، مع وضع الضوابط التي تضمن التزام الجماهير بالقوانين.