الإثنين 29 ابريل 2024

"الصحة الإنجابية بين حق الوالدين والطفل".. عنوان خطبة الجمعة اليوم

نص خطبة صلاة الجمعة اليوم

تحقيقات5-1-2024 | 09:30

محمود غانم

تستعرض بوابة "دارالهلال" نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان_الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل_حيث تناولت الخطبة هذا العنوان من خلال الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية.

نص الخطبة 

"الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل"

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن من أجل نعم الله (عز وجل) على عباده نعمة الصحة والعافية، لذلك اهتم الإسلام بصحة الإنسان، لا سيما الصحة الإنجابية التي تسهم في تنشئة جيل فتي قوي تتوفر له كل مقومات القوة المطلوبة صحيا وعلميًا وثقافيًا واقتصاديًا؛ ليقوم بمهمة تعمير الدنيا وإصلاحها، حيث يقول الحق سبحانه: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}.

والمتدبر لمقاصد الشرع الشريف يرى عناية الإسلام بالصحة الإنجابية من خلال رعايته لحق الأم صحيا وحياتيا، وحق الوالدين في التمتع بحياة كريمة، والقدرة على القيام بالمسئولية التي كلفهما الله تعالى بها في تربية الذرية، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة

عن رعيتها)، ويقول سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): "أدب ابنك، فإنك مسئول عن ولدك، ما علمته".

ومن عناية الإسلام بالصحة الإنجابية رعايته لحق الطفل في الرضاعة الطبيعية حولين كاملين، دون أن يزاحمه طفل آخر خلال تلك المدة؛ حفاظا على حقه في

التغذية الصحيحة التي من شأنها أن تساعد على بناء جسده بناء قويا، حيث يقول)

الحق سبحانه: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا، ويقول سبحانه: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}.

وهذا يدل على أن الحمل حال إرضاع الطفل فيه إما حرمان للرضيع من هذا الحق أو بعضه على أقل تقدير؛ من جهة أن المواد التي تكون غذاءه سوف ينصرف

جزء كبير منها إلى تكوين الجنين الموصول ببدن أمه، ولن يجد الرضيع ما يكفيه منه؛ ولهذا سمي لبن الغيلة، وكأن كلا من الطفلين قد اقتطع جزءا من حق أخيه؛ مما قد يعرض أحدهما، أو يعرضهما معًا للضعف، والإنسان مأمور بأن يتجنب كل ذلك.

على أننا نؤكد أن تناولنا لهذه القضية لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية، إنما يجب أن يبرز إلى جانب هذه الآثار الاقتصادية كل الآثار الصحية والنفسية والأسرية والمجتمعية التي يمكن أن تنعكس على حياة الأطفال والأبوين والأسرة كلها، ثم المجتمع، فالدولة، فالزيادة السكانية غير المنضبطة لا ينعكس أثرها على الفرد أو

الأسرة فحسب، إنما قد تشكل ضررا بالغا للدول التي لا تأخذ بأسباب العلم في معالجة قضاياها السكانية، مع تأكيدنا على أن السعة والضيق في هذه القضية لا تقاس بمقاييس الأفراد بمعزل عن أحوال الدول وإمكاناتها العامة.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين.

لا شك أن الغرض من الإنجاب هو أن تنشأ ذرية قوية منتجة متقدمة، يمكن أن نباهي بها الأمم في الدنيا، وأن يباهي نبينا (صلى الله عليه وسلم) بها الأمم يوم القيامة، لا أن تكون كغثاء السيل، عالة على غيرها، فتكون هي والعدم سواء، فالكثرة التي تورث الضعف، أو الجهل، أو التخلف عن ركب الحضارة، والتي تكون عبئًا ثقيلا لا تحتمله، ولا يمكن أن تحتمله أو تفي بمتطلباته موارد الدولة وإمكاناتها، فهي الكثرة التي وصفها نبينا (صلى الله عليه وسلم) بأنها كثرة كغثاء السيل، لا غناء منها ولا نفع فيها، فهي كثرة تضر ولا تنفع.

وهذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فاشترط (صلی الله عليه وسلم) الباءة التي تشمل القدرة على الإنفاق وتحمل تبعات بناء الأسرة كشرط للزواج، ومن باب أولى فهي شرط للإنجاب، فما بالكم بالإنجاب المتعدد ؟!

على أن القدرة هنا ليست هي القدرة المادية فقط، إنما هي القدرة بمفهومها الشامل بدنيا وماديا وتربويًا وقدرة على إدارة شئون الأسرة، وكل ما يشمل جوانب

العناية بها والرعاية لها، بل إن الأمر يتجاوز قدرات الأفراد إلى إمكانات الدول في توفير الخدمات التي لا يمكن أن يوفرها آحاد الأفراد بأنفسهم لأنفسهم، ومن هنا كان حال وإمكانات الدول أحد أهم العوامل التي يجب أن توضع في الحسبان في كل جوانب العملية السكانية.

اللهم احفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين

 

 

Dr.Randa
Dr.Radwa