أكثر من مائة قصة ورواية لأديبنا الكبير إحسان عبدالقدوس، تحولت الى أفلام ومسلسلات، لعل أشهرها " أنف و3 عيون" و" إمبراطورية ميم" ؛ اللذان تشابهما فى عدد من الأشياء أولها: اخراج حسين كمال لهما كأفلام ، ليس هذا فحسب بل كانا فى دور العرض فى ذات العام 1972 !! ثم الرؤى المختلفة لتناولهما عندما جعل أديب نوبل نجيب محفوظ الأب "أما" تواجه مناقشات تتجاوز الأسرة نحو أفكار فلسفية وسياسية واقتصادية ، وعلى الجانب الآخر انتاج "ماجدة" الذى جعل علاقات العيون مع الأنف تختلف.
وهاهما يجتمعان مرة أخرى بعد أكثر من نصف قرن ولايفصل بينهما سوى بعض الشهور!! لنرى فيلم "أنف وثلاث عيون" فى العام الماضي بمعالجة مختلفة ، وسنشاهد مسلسل "امبراطورية ميم" فى رمضان ؛ حيث يعود الأب الأرمل إلى قصته وأسرته.
لم تكن المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى تعود فيها الدراما لأدب "إحسان عبد القدوس"حيث تجاوزت معالجات أعماله المائة بكثير ؛ بل تعددت المعالجات للعمل الواحد على مدى السنوات ؛ مثلما كانت "أنف وثلاث عيون" التى صدرت عام 1964 ، وسمعناها مسلسلا إذاعيا لمحمد علوان والكاتب أحمد صالح عام 1969 ، ثم فيلما عام 1972 للمخرج حسين كمال ومعالجة عاصم توفيق ومصطفى كامل ، ليعاد مسلسل تليفزيونيا عام 1980 لنور الدمرداش سيناريو احمد الخطيب ، ومؤخرا فيلما فى 2023 لوائل حمدى والمخرج أمير رمسيس.
أما "امبراطورية ميم" التى لم تكن سوى خمس عشرة صفحة ضمن مجموعة قصصية صدرت عام 1965، وقدمتها سيدة الشاشة فاتن حمامة برؤية لكاتبنا نجيب محفوظ واخراج حسين كمال عام 1972، وسنراها مسلسلا للكاتب محمد سليمان عبد المالك والمخرج محمد سلامه.
ربما لايتملكنا "الاندهاش" من تعدد المعالجات لأدب إحسان عبد القدوس الذى نشعر أنه قادر على ارتداء كافة الثياب فى حالة تباديل متنوعة ؛ فلم لايصبح الأب "أما" ؟؟ أو تصبح السلطة الأبوية حالة انتخابية؟؟ وكيف لانرى ما حولها من علاقات وتشابكات تعكس فترة زمنية من تاريخ الوطن بذات القدر من الأفكار والأراء التى تتجاوز ما أراده احسان؟؟ ،لذلك قد نرى ملامح امبراطورية ترتدى ثوب الزمن مع محمد سليمان عبد المالك.
وذلك ما جعل "الأنف" تتعامل مع "ثلاثة عيون" متغيرة الحجم واللون والمساحة ، ليقول الكاتب وائل حمدى "إنه جعل الفيلم فصلا لم يكتبه احسان".
ليست المرة الأولى التى نرى فيها اعمال احسان عبد القدوس بعد اكثر من نصف قرن، فقد كان "لاتطفىء الشمس" أولها؛ عندما أعيد عام 2017 بعد اصداره عام 1960 ، وكان فيلما عام 1961 ثم مسلسلا عام 1965.
لذلك لن أتعجب من صدور المزيد من النسخ الدرامية "القدوسية" بعد الخمسين ، التى تحمل اسم صاحب الأنف والامبراطورية والشمس التى لاتنطفىء.