الإثنين 6 مايو 2024

مجلس النواب.. حصن الحقوق والحريات

محمود بسيونى

برلمان16-1-2024 | 14:44

محمود بسيونى
  • شهد برلمان 2015 صدور أول قانون لبناء الكنائس فى تاريخ مصر، وهو تطور مهم فى تاريخ مكافحة التمييز على أساس الدين وبداية توطين فكرة المواطنة وحرية العقيدة 
  • نص الدستور على أن المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم بتوفيرها، وإتاحتها للمواطنين بشفافية
  • سلاح الشائعات هو أخطر ما يمكن أن يواجه الدول الساعية للنمو فيما تستغل الجماعات المخربة حالة الطلب على المعلومة حينما تتأخر البيانات الرسمية وتغيب المعلومة الصحيحة لنشر شائعاتها
  • يملك مجلس النواب العديد من الأدوات التشريعية التى تمكنه من العمل على تحسين أوضاع حقوق الإنسان والمحافظة على التقدم الحاصل فيها وضمان عدم التراجع عنها فى المستقبل

 

يربط تاريخ مجلس النواب المصرى بتطور حركة حقوق الإنسان فى مصر ويتقاطعان فى عدد من المحطات أبرزها فى الثمانينيات من القرن المنصرم بموافقة مجلس الشعب آنذاك على التعهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مثل العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والعهد الجولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ودخولها حيز التنفيذ ثم الموافقة على تعديلات الدستور المرتبطة بمعاملة الاتفاقيات الدولية معاملة القانون المحلى فى التشريعات المصرية ومراجعة التشريعات الوطنية على أساس الاتفاقيات الحقوقية التى انضمت لها مصر والموائمة بين التشريع الوطنى وما جاء فى الاتفاقية الدولية، وباعتباره السلطة التشريعية فإن النظرة له ترتكز دائما على أنه حصن الحقوق والحريات.

وقد تطور الأمر عام 2005 بإنشاء المجلس للجنة خاصة بحقوق الإنسان برئاسة المستشار الراحل إدوارد غالى الدهبى وكانت اللجنة لديها اهتمام خاص بالتشريعات المتعلقة بمكافحة جرائم التحرش كما تبنى اللجنة تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان وما تضمنه من وقائع تعذيب عام 2006، وتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلى ضد سكان قطاع غزة عام 2009، إلا أن تلك الاهتمامات لم تكن ظاهرة أو محسوسة فى ظل الهجوم الشديد من جانب قوى المعارضة آنذاك على أداء المجلس فى مواجهة التلاعب بمواد الدستور وتمديد حالة الطوارئ.

التراجع فى زمن الفوضى

تصاعد الأمر بعد أحداث 2011 ودخول مؤسسات الدولة فى حالة فوضى عارمة، وتأثير تلك الحالة على الشعب المصرى الذى انخدع بالشعارات الدينية المزيفة التى رفعها تنظيم الإخوان الإرهابي وما ترتب عليه من انتخابات مشكوك فى نزاهتها انتهت بحصول تنظيم الإخوان الإرهابي على أغلبية مجلس النواب 2012، ورغم قصر مدة المجلس إلا أنه شهد أقل مشاركة نسائية فى تاريخ البرلمان المصرى ومحاولة لاستخدام السلطة التشريعية للتراجع عن مكتساب المراة المصرية بضغط من التيارات الدينية المتشددة، وكذلك اتخاذ خطوات لتمكين الجماعة الإرهابية من مفاصل الدولة عبر إصدار تشريعات تمنح عناصرها القدرة على النفاذ داخل الوزارات السيادية وهى الفترة التى شهدت ظواهر برلمانية مثل قيام نائب بالرقية الشرعية لنائب آخر والأذان داخل جلسات المجلس وحضور الأطفال مع آبائهم جلسات لجان المجلس وغيرها من الظواهر التى دللت على تراجع الأداء البرلمانى فى ذلك العصر إلى أن تم حل المجلس بحكم من المحكمة الدستورية العليا بسبب مخالفة قانون الانتخابات للدستور.

تصحيح المسار

وعقب ثورة 30 يونيو وصدور دستور 2014 أجريت الانتخابات البرلمانية التى أفرزت برلمان 2015 الذى ساهم فى تصحيح مسار العمل البرلمانى وتبلورت خلاله فكرة حقوق الإنسان وتعمقت فى الأداء التشريعى، حيث حرصت اللجنة برئاسة النائب علاء عابد على تمكين ذوى الهمم عبر  طلبات الإحاطة، والدعوة لوجود مترجمين للغة الإشارة بكل قطاعات الدولة المختلفة التي تتعامل مع الجمهور.

وبدأت اللجنة فى تلقى شكاوى حقوق الإنسان سواء البريد أو التلغراف أو الفاكس أو البريد الإلكتروني أو التسليم باليد، وتمت إحالتها إلى الجهات المختصة لاتخاذ اللازم في شأنها، بعد حفظ الشكاوى المجهولة والكيدية أو المكررة.

وركزت اللجنة اهتمامها على القيام بزيارات ميدانية للسجون والأقسام الشرطية لتفقد حالة السجناء وكيفية تقديم الخدمة الصحية لهم ووسائل رعايتهم والإجرءات التي يتم اتخاذها لإعادة تأهيلهم والوقوف على مدى تطبيق معايير حقوق الإنسان بالسجون.

واطلقت اللجنة مبادرة لعلاج المتهمين والمحكوم عليهم في قضايا تعاطي المخدرات حال ثبوث إدمانهم، وذلك بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والصحة، وإعداد تعديل تشريعي في قانون المخدرات يلزم وزارة الداخلية بإحالة المحكوم عليهم في قضايا التعاطي إلى مصحة علاجية، بالإضافة إلى دراسة إيجاد بدائل للحبس الاحتياطي عدا القضايا التي تتعلق بجرائم القتل والمخدرات والبلطجة، والتحاور مع الجهات والهيئات القضائية، تمهيدا لإعداد تعديل تشريعي في قانون الإجراءات الجنائية.

وبحثت اللجنة إيجاد وسائل بديله مثل الإقامة الجبرية والغرامات المشددة، وأنه لا يجب المغالاة في الحبس الاحتياطي لعدة أسباب في مقدمتها أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته خاصة إذا كان لا يخشى هروبه خارج البلاد، وثانيها توفير نفقات الإقامة وتنقلات المسجون على الدولة.

ثقافة حقوق الإنسان

ودعت اللجنة إلى تدريس مادة لحقوق الإنسان في مختلف المراحل التعليمية  لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، والتأكيد من خلالها على أن حقوق الإنسان هي أساس بناء أي دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وأن الحفاظ على هذه الدولة يأتي على رأس أولويات حقوق الإنسان؛ لأنه مع ضياع الدولة ومؤسساتها فلن يكون هناك أي حديث عن حقوق الإنسان.

ويمكن إجمال ما تم خلال لجنة حقوق الإنسان فى برلمان 2015 فيما يلى:

  1. إصدار مشروعات قوانين، منها «المجلس القومى لحقوق الإنسان»، و«العدالة الانتقالية»، و«مواجهة العنف ضد المرأة»، كما تم التطرق إلى أهمية وضع منظومة، لمنع تجاوزات بعض أفراد الشرطة تجاه المواطنين.
  2. تشكيل لجنة برئاسته لحصر شكاوى منبثقة عن لجنة حقوق الإنسان، تكون معنية بعدة أمور فى مقدمتها حصر جميع الشكاوى التى يتضرر منها أهالى مصر بشكل عام.
  3. تنظيم زيارات ميدانية إلى الصعيد والوجه البحرى وسيناء، للوقوف على الحاله الاقتصادية وشكاوى المواطنين.
  4. وضع تشريع لاستبدال الحبس الاحتياطى بالغرامة، او الإقامة الجبرية
  5. دعم مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى بالإفراج عن الشباب المحبوس احتياطيا.
  6. وضع كاميرات بجميع أماكن الاحتجاز، على أن يكون مأمورو الأقسام معنيين مباشرة بمتابعتها لرصد أى انتهاكات داخل أماكن الاحتجاز.
  7. وضع تشريع لمواجهة ظاهرة خطف الأطفال.

 

تعديل قانون الجمعيات الأهلية

ويحسب لبرلمان 2015 استجابته لطلب الرئيس عبدالفتاح السيسى بتعديل قانون الجمعيات الأهلية بعدما تعرض قانون رقم 70 – لسنة 2017  لهجوم شديد وانتقادات دولية لما تضمنه من مواد مقيدة للعمل الأهلى وما عكسته فلسفته العامة من توجه واضح لتشديد القيود على عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وميل القانون نحو تعزيز هيمنــة الدولــة (تمثلها وزارة التضامن الاجتماعي باعتبارها جهة الاختصاص) علــى تلك الكيانات، عبر التحكــم فــي عملية تأســيسها، وتقييــد حريتهــا في تحديــد مجــالات عملها، وفــرض قيــود مشددة علــى إجــراءات تلقــي الدعــم وتنميــة المــوارد وتم تدارك ذلك فى القانون رقم 149 لسنة 2019 لتنظيم ممارسة العمل الأهلي والذى تبنى فلسفة مغايره تقوم على تشجيع تأسيس الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والاتحادات والمنظمات الإقليمية والأجنبية غير الحكومية المصرح لها بالعمل في مصر، وتعزيز دورها في خدمة الصالح العام، وذلك باعتبارها شريك أساسي للدولة في تحقيق خطط وأهداف التنمية المستدامة.

وحمل القانون في طياته توجه من جانب الدولة نحو إذابة التوتر المحتدم في علاقتها مع تلك المؤسسات، وإحياء فكرة "التطوع"، عبر تفعيل العمل التطوعي وحماية المتطوعين، وتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد ومعطيات مجتمع المعرفة وتكنولوجيا المعلومات، وتقنين كل صور ممارسة العمل الأهلي، وحوكمة منظومة العمل سواء داخل المؤسسات والجمعيات الأهلية أو داخل الجهة الإدارية المختصة. وهو ما جعل القانون 149 -بحسب بعض التحليلات- بداية لشراكة مهمة بين الدولة والمجتمع الأهلي والتى تبلورت بعد ذلك فى ظهور المبادرة الرئاسية حياة كريمة والتحالف الوطنى للعمل الأهلى وكلاهما يعتمد على عمل الجمعيات الأهلية والمتطوعين بكل محافظات وقرى مصر.

قانون بناء الكنائس

كما شهد برلمان 2015 صدور أول قانون لبناء الكنائس فى تاريخ مصر ، وهو تطور مهم فى تاريخ مكافحة التمييز على أساس الدين وبداية توطين فكرة المواطنة وحرية العقيدة، ونهاية للخط الهمايونى المتوارث منذ الاحتلال العثمانى لمصر، وهو أمر يحسب بالتأكيدلتوجه برلمان 2015 لتلافى الأخطاء التاريخية وبناء قاعده تشريعية تنطلق من المحافظة على الحق فى الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية فى مصر.

ومع انتخاب برلمان 2021 تشكلت لجنة حقوق الإنسان من أعضاء جدد وتم انتخاب النائب طارق رضوان رئيسا للجنة وجاء فى عضويتها النائب محمد عبدالعزيز عضو مجلس حقوق الإنسان السابق.

وجاءت اختصاصات لجنة حقوق الإنسان فى اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة برقم 1 لسنة 2016 والمعدلة بالقانون رقم 136 لسنة 2021 على النحو التالى:

 

1- الحقوق والحريات.

 

2- التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية المتصلة بحقوق الإنسان.

3- الموضوعات المتعلقة بالقانون الدولى الإنسانى، والقانون الدولى لحقوق الإنسان.

 4- تقارير المجلس القومى لحقوق الإنسان.

 5- الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان فى تقارير المجالس القومية والهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية.

 6- الشكاوى التى تقدم من المواطنين والهيئات فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

7- التشريعات المتعلقة بالعدالة الانتقالية، وغير ذلك من المسائل الداخلة فى اختصاص الوزارات والأجهزة.

وقد أعطت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب الأولوية لتنفيذ مستهدفات "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، وذلك من خلال التعاون مع مختلف الجهات الوطنية، بما في ذلك، التواصل مع اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، لإدراج الملاحظات التشريعية، التى وافقت عليها ضمن الأجندة التشريعية.

قانون تداول المعلومات

ومع الرصد الإيجابي لعمل مجلس النواب لتعزيز وحماية الحقوق والحريات إلا أن التحديات لات زالت قائمة، خاصة وأن هناك عدد من التشريعات المرتبطة بمواد دستورية والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان مثل قانون تداول المعلومات وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية وغيرها من التشريعات المرتبطة بحقوق الإنسان فضلا عن تعزيز التعاون بين البرلمان والمجلس القومى لحقوق الإنسان باعتبارها الآلية الوطنية المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان.

وربما يأتى قانون تداول المعلومات كأولية لارتباطه بتطبيق نص دستورى، حيث تواجه حرية تداول المعلومات العديد من العوائق، بداية من عدم وجود قانون يلزم جهات الدولة بالسماح بنشر المعلومات بشكل استباقى، مرورا برفع الوعى بخصوص أهمية تداول المعلومات والخطوات المطلوبة، للحصول عليها، وصولا إلى تعديل مواد عدد من القوانين داخل البنية التشريعية تتعارض مع فكرة تداول المعلومات.

وقد نص الدستور فى المادة 68 على أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها، وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها، وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدا، وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقا للقانون".

انطلق النص الدستورى من فكرة حق الحصول على المعلومات، وهو حق أساسى من حقوق الإنسان، وشرط ضرورى لوجود الديمقراطية التشاركية، التى تمكن الأفراد من المشاركة فى اتخاذ القرارات العامة، والتى تؤثر بشكل مباشر على حياتهم، كما تعتبره الدراسات الحقوقية أحد أدوات محاربة الفساد، من خلال وضع أسـس لمبادئ المكاشفة والمحاسبة والقضاء على نزعات السرية والكتمان وإدارة القطاعـات الحكومية والمؤسسات القومية، ولقد قامت العديد من الدول بتشريع قوانين لحرية تداول المعلومات، وتـم إقـرار قـوانين الوصول إلى المعلومات فى أكثر من 90 دولة، بحيث تسمح هذه القوانين للمواطنين، بتقديم طلبـات للحصول على المعلومات العامة.

وبخلاف الوظيفة الأساسية للقانون وهو توفير المعلومة للمواطن، هناك وظيفة أكثر أهمية وهى محاربة الشائعات بالإفصاح عن المعلومة الصحيحة فى توقيتها المناسب، والحقيقة أن مصر قطعت شوطا لا بأس به فى ذلك الإطار، وكان واضحا حرص الدولة المصرية على توفير المعلومات الصحيحة خلال فترة مواجهة انتشار فيروس كورونا، فكان التدفق للمعلومات سريعا ومناسبا لخطوة الحدث، وأعطى كثيرا من الثقة فى أداء الحكومة ومكن المصريين من الاطمئنان للإجراءات المتبعة.

المعلومة هى السلاح الأقوى فى مكافحة الشائعات، ومصر من الدول التى تعانى من حرب ممتدة سلاحها الشائعات، فهى تتعرض شهريا لحوالى 30 ألف شائعة تستهدف كل مجالات الحياة، هدفها نشر الإحباط والتقليل من شأن ما تشهده مصر من إنجازات فى مجالات عدة، وتنشر وسائل التواصل الشائعات على نطاق واسع يوميا وركزت مؤخرا على قطاع الاقتصاد فى محاولة للتضييق والضغط الاقتصادى على مصر، سلاح الشائعات هو أخطر ما يمكن أن يواجه الدول الساعية للنمو فيما تستغل الجماعات المخربة حالة الطلب على المعلومة حينما تتأخر البيانات الرسمية وتغيب المعلومة الصحيحة لنشر شائعاتها، والتأكيد على صحتها ورسم صورة مزيفة عن الأوضاع التى تخدم أهدافها التخريبية.

المسار التصاعدى للحريات

العالم يتعامل مع حرية تداول المعلومات باعتبارها من أهم المعايير والمواثيق الدولية وتم إعلانها حقا أساسيا فى الجلسة الأولى للجمعية العمومية للأمم المتحدة فى القرار رقم 59 /1946، الذى نص على أن حرية الوصول للمعلومات حق إنسانى ويعد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان هو الوثيقة الأكثر أهمية فيما يتعلق بالحقوق الأساسية للأفراد، ونصت المادة 19 من الإعلان على التزام الدول بكفالة الحق فى حرية التعبير، ويشمل ذلك الحق فى حرية الاحتفاظ بالرأى دون أى تدخل، وبحث المعلومات وتلقيها ونقلها والأفكار أيضا، من خلال أى وسيلة إعلام، وبغض النظر عن الحدود، بما لا يهدد الأمن القومى للبلاد أو حالة السلم الداخلى.

وفى عام 1993 أسست لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مكتب مقرر اللجنة الخاص بحرية التعبير، وفى تقريره السنوى عام 1998 صرح المقرر الخاص بحرية الرأى والتعبير بوضوح، أن الحق فى حرية التعبير يتضمن الحق فى الحصول على المعلومات، التى تحتفظ بها الدولة، وأن حق البحث والتسلم ونقل المعلومات يفرض التزاما إيجابيا على الدول لضمان الوصول إلى المعلومات، خصوصا فيما يتعلق بالمعلومات التى تحتفظ بها الحكومة بجميع أشكال أنظمة الحفظ والاسترجاع، وتوسع المقرر الخاص بشكل كبير فى رؤيته لحرية المعلومات فى تقريره السنوى 2002م، وأشار إلى أهميتها الأساسية ليس بالنسبة إلى الديمقراطية والحرية فحسب بل للحق بالمشاركة وتحقيق التنمية.

واهتمت المؤسسات الدولية الرسمية وغير الرسمية بهذه المسالة، وتزايدت الدعوة إلى نشر المعلومات بطريقة سهلة ومبسطة، فنصت "المادة 13" من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، على أنه لتدعيم مشاركة المجتمع ينبغى اتخاذ التدابير اللازمة، لتعزيز الشفافية فى عمليات اتخاذ القرار وتشجيع إسهام الناس.

أما على المستوى الإقليمى، ففى عام 2002 تبنت اللجنة الإفريقية المتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب إعلان مبادئ تتعلق بحرية التعبير فى نطاق القارة، ويصادق الإعلان بوضوح على حق الحصول على المعلومات التى تحتفظ بها الجهات العامة.

ومصر لديها مشروع قانون أعده المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عام 2017، وهو مشروع يمكن البناء عليه بعد انتهاء النقاش حول القانون فى الحوار الوطنى والتوافق على نقاط الاتفاق والاختلاف، والأهم أن يترافق مع صياغة القانون الجديد تنقية بعض القوانين، التى تمس حق تداول المعلومات، وحريتها والنظر فى إنشاء آلية قانونية، لتنظيم حصول الأفراد على المعلومات مع مراعاة الحقوق المرتبطة بتداول المعلومات، وحق الوصول إليها، والعدالة الرقمية، وحماية الهوية الرقمية ومتطلبات الأمن الرقمى القومى.

النقاش حول قانون حرية المعلومات فى الحوار الوطنى وحالة الزخم الموجودة حوله تشير إلى رغبة مجتمعية فى صدوره واتفاق على أنه يحقق مصلحة حقيقة، ويقدم مساهمة فعاله تضمن لمصر تقدما فى مجالات عدة، ويضعها على طريق التحول إلى قوة رقمية كبيرة فى عالم يتحول بسرعة إلى عصر معلوماتية غير مسبوق.

إجمالا يملك مجلس النواب بحسب مواد الدستور العديد من الأدوات التشريعية التى تمكنه من العمل على تحسين أوضاع حقوق الإنسان والمحافظة على التقدم الحاصل فيها خلال السنوات الماضية وضمان عدم التراجع عنها فى المستقبل وهو ما يجعل الآمال معقودة عليه دائما فى حماية المسار التصاعدى للحقوق والحريات فى المجتمع المصرى. 

Dr.Randa
Egypt Air