الخميس 16 مايو 2024

المشهد الكامل لصراع الصومالي الإثيوبي.. وكيف علق العالم؟

خريطة

تحقيقات21-1-2024 | 20:35

محمود غانم

كانت بداية عام 2024، ساخنة بالنسبة لمنطقة القرن الأفريقي، وذلك بسبب الاتفاقية التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال الساعي للانفصال عن جمهورية الصومال منذ عام 1991.

وتمنح الاتفاقية إثيوبيا منفذ بحري قبالة سواحل الإقليم الانفصالي مساحته 20 كيلومتر مربع لمدة 50 عام، بحيث يُستخدَم منفذاً تجارياً وقاعدة للبحرية الإثيوبية، كذلك السماح لإثيوبيا باستخدام ميناء بربرة الواقع على ضفاف خليج عدن في مدخل مضيق باب المندب لأغراض التبادل التجاري، مقابل ذلك حصل الإقليم الانفصالي على اعتراف إثيوبيا به كدولة مستقلة، وهو أول اعتراف رسمي به في العالم.

وقالت أثيوبيا إن هذه المذكرة "ستمهد الطريق لتحقيق تطلعات إثيوبيا في تأمين الوصول إلى البحر وتنويع وصولها إلى الموانئ البحرية". 

بدورها، اعتبرت الحكومة الصومالية الاتفاق "انتهاكاً سافراً لسيادة الصومال"، مؤكدة أنها ستتخذ كل الإجراءات التي تمكنها من الدفاع عن سيادتها شعباً وأرضاً. 

ووقع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، قانوناً يلغي اتفاق إقليم أرض الصومال مع إثيوبيا، وقال "هذا القانون دليل على التزامنا بصون وحدتنا وسيادتنا وسلامتنا الإقليمية وفقا للقانون الدولي".

وأكدت الصومال أنه لا مجال للوساطة في الخلاف مع إثيوبيا ما لم تنسحب أديس أبابا من الاتفاق.

 إثيوبيا الحبيسة

وللعلم فإثوبيا دولة حبيسة، ولطالما سعت لتغلب على ذلك بالوصول إلى الموانئ البحرية في منطقة القرن الأفريقي لاسيما في عهد رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد.

وحتى منتصف القرن الماضي تمتعت أثيوبيا بمنفذ بحري مستدام وسيادي على البحر الأحمر عبر مينائي "عصب" و"مصوع" في إريتريا حتى استقلال الأخيرة عنها عام 1993، وهي تعتمد منذ ذلك التاريخ على ميناء جيبوتي منفذاً وحيداً يمر من خلاله نحو 95% من تجارتها مع العالم الخارجي.

وعقب تولي آبي أحمد السلطة في عام 2018، شرعت أثيوبيا في تبني إستراتيجية الموانئ، بهدف التغلب على المعضلة الجغرافية التي لازمت إثيوبيا منذ استقلال إريتريا.

وفي أكتوبر الماضي، تحدث آبي أحمد أمام البرلمان عن الضرورة الوجودية لوصول دولته الحبيسة جغرافياً إلى المياه الدافئة مرة أخرى، وذلك عبر ميناء سيادي على ضفاف البحر الأحمر عن طريق إريتريا أو الصومال أو جيبوتي.

وفي غضون ذلك، أتى الرد الرسمي من الدول الثلاث التي ذكرها آبي أحمد في خطابه بالرفض القاطع، حيث أكدت الصومال على السيادة المقدسة للبلاد، فيما قالت جيبوتي إن سلامة أراضيها ليست محل نقاش.

وقد أتى الرد الإريتري أشد منهما، حيث صدر بيان مقتضب لم يتعدَّ أربعة أسطر عن وزارة الإعلام الإريترية دون ذكر اسم آبي أحمد أو منصبه، واصفاً خطابه بأحاديث القيل والقال حول المياه والمنافذ البحرية، وناصحاً المتابعين بعدم الانجرار وراء تلك الأقاويل، مضيفاً أن الحكومة الإريترية لا تعير تلك الدعوات أهمية تُذكر.

مصر تعلق

وعلى الفور، ‏‎أكدت مصر على ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها، ومعارضتها لأية إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مشددةً على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.

‏‎وقدرت مصر خطورة تزايد التحركات والاجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التى تقوض من عوامل الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى، وتزيد من حدة التوترات بين دولها، في الوقت الذي تشهد فيه القارة الإفريقية زيادةً فى الصراعات والنزاعات التى تقتضى تكاتف الجهود من أجل احتوائها والتعامل مع تداعياتها، بدلاً من تأجيجها على نحو غير مسئول.

‏‎وشددت على ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، ومبادئ الاتحاد التى تنص على ضرورة احترام الحدود القائمة عند نيل الإستقلال وعدم تدخل أي دولة عضو في الشئون الداخلية لدولة أخرى. 

وطالبت مصر بإعلاء قيم ومباديء التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق مصالح شعوب المنطقة، والامتناع عن الانخراط في إجراءات أحادية تزيد من حدة التوتر وتعرض مصالح دول المنطقة وأمنها القومى للمخاطر والتهديدات.

 رفض دولي

حظيت الاتفاقية التي وقعتها إثيوبيا مع أرض الصومال برفض دولي واسع، حيث أكد الاتّحاد الأوروبي، على أنّ احترام سيادة الصومال هو "مفتاح" السلام في القرن الأفريقي. 

وقال المتحدث باسم الاتحاد في بيان إن التكتل "يود التذكير بأهمية احترام وحدة جمهورية الصومال الفيدرالية، وسيادتها، وسلامة أراضيها، وفقاً لدستورها ومواثيق الاتحاد الأفريقي والأمم المتّحدة".

في الوقت نفسة، شددت الولايات المتحدة الأمريكية، على وجوب احترام سيادة الصومال بعد الاتّفاق المثير للجدل الذي وقّعته أثيوبيا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية وحصلت بموجبه على منفذ بحري.

 

 القمة المصرية الصومالية

وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بقصر الاتحادية، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر لن تسمح بأي تهديد للصومال وأمنه، مجدداً الرفض للإتفاق الموقع بين إقليم أرض الصومال وإثيوبيا مؤخراً بشأن الاستحواذ على ميناء في البحر الأحمر. 

وأضاف الرئيس:"أنمصر لن تسمح بتهديد الأشقاء إذا طلبوا منها التدخل"، مشيراً إلى أن الاتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا غير مقبول لأحد.

وشدد على دعم مصر للصومال في محاربتها للإرهاب والعمل على تطوير العلاقات، قائلاً: "إن الصومال دولة عربية ولها حقوق طبقاً لميثاق الجامعة العربية في الدفاع المشترك لأي تهديد له".

وتابع: "إن مصر لن تسمح بتهديد الأشقاء إذا طلبوا منها التدخل"، لافتاً إلى أن دولة الصومال دخلت في مشكلة عام 1991 واستمرت هذه المشكلة والتحديات التي عصفت بقدراتها أكثر من 30 سنة.