اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر صباح اليوم، أن الهجوم الأخير الذي استهدف موقع عسكري أمريكي في الأردن وتسبب في مقتل ثلاثة من الجنود وإصابة أكثر من 20 شخصًا، يُسلط الضوء على الصعوبات التي تواجه واشنطن في منطقة شديدة الاضطرابات في الوقت الراهن.
وأفادت الصحيفة - في سياق تقرير، نشرته عبر موقعها الإلكتروني، اليوم الأربعاء، بأن "بايدن توجه نحو كاميرات الصحفيين، خارج البيت الأبيض أمس الثلاثاء، ليعلن أنه قرر أخيرًا الرد على الهجوم المميت على قواته في الأردن، بعد يومين من المحادثات مع فريقه للأمن القومي. مع ذلك، خفف بايدن من حدة رسالته، مؤكدًا بأنه لا يسعى إلى تهيئة صراع أوسع في المنطقة. وقال: لا أعتقد أننا بحاجة إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط. فهذا ليس ما أبحث عنه".
وبحسب الصحيفة، مثَّل الهجوم بطائرة بدون طيار والذي أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأمريكية يوم الأحد الماضي، والذي نسبته الولايات المتحدة إلى ميليشيا مدعومة من إيران، (مثَّل) لحظة كان المسئولون الأمريكيون يخشونها منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في شهر أكتوبر الماضي.
وأكدت الصحيفة أن هذا الهجوم أثار المخاطر فيما يتعلق بتورط واشنطن في الشرق الأوسط وزاد الضغوط السياسية على بايدن في عام الانتخابات، فضلًا عن أنه سلط الضوء على صراعات السياسة الأمريكية بشأن كيفية التعامل مع الأزمات في هذه المنطقة.
وقال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز أبحاث الدراسات الاستراتيجية والدولية "CSIS" في واشنطن - في تصريح خاص للصحيفة - إن "فريق بايدن يتطلع إلى الموازنة بين ثلاثة أهداف مختلفة أثناء حساب رده.. وأحد الأهداف الاستراتيجية هو منع اندلاع حرب مفتوحة على مستوى المنطقة قد تستغرق سنوات ومليارات الدولارات، في حين يتمثل الهدف الثاني في ردع إيران عن جهودها العديدة لتنمية نفوذها في الشرق الأوسط وإخراج الولايات المتحدة منه، والثالث هو التوصل إلى تسوية فلسطينية إسرائيلية تُخفض درجة الحرارة في المنطقة".
وأضاف ألترمان: "من الناحية المثالية، عليك أن تحقق كل هذه الأهداف الثلاثة، ولكن الإدارة ليست واثقة بنسبة 100 في المائة من أن أي إجراء تتخذه سيفعل أياً منها.. في الوقت نفسه، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الأول، من أن الشرق الأوسط يمر بأخطر منعطف له منذ حرب 1973". (في إشارة منه إلى حرب أكتوبر المجيدة).
وتعهد بايدن، وفريقه بالرد بقوة أكبر على غارة الطائرات بدون طيار، مقارنة بأي من الهجمات الأخرى التي يزيد عددها عن 160 هجومًا على القوات الأمريكية في العراق وسوريا في الأشهر الأخيرة.. وقال بلينكن: "إن الرد الأمريكي يمكن أن يكون متعدد المستويات، ويأتي على مراحل، ويستمر مع مرور الوقت".
وقال مسئولون أمريكيون إنه من المتوقع أن يبدأ هذا الرد في الأيام المقبلة وأن يتضمن ضربات متعددة تستهدف مجموعة أوسع من الأهداف مما ضربته الولايات المتحدة حتى الآن. وقد تختار الولايات المتحدة ردوداً أخرى لا تظهر على الفور أيضاً، بما في ذلك الهجمات السيبرانية أو العمليات السرية.
وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز "ويلسون" ميريسا خورما: "أعتقد أنه من غير المرجح أن تستهدف واشنطن إيران بشكل مباشر، لكن بالطبع الأهداف المحددة في هذه المرحلة هي استهداف المليشيات الموالية لإيران أو نقاط الحرس الثوري الأخرى في العراق أو سوريا. وأنا لا أرى أن الرد سيكون باستهداف أي قواعد في إيران".
وقال مسئولون حاليون وسابقون إن الولايات المتحدة ستتطلع إلى ضرب قادة المليشيات والأفراد الإيرانيين في سوريا أو العراق والأصول خارج إيران. في الوقت نفسه، يطالب صقور الدفاع الجمهوريون في "الكابيتول هيل" برد عسكري عدواني.. فيما ألقى المنافسون الرئاسيون من الحزب الجمهوري، بما في ذلك دونالد ترامب ونيكي هالي، اللوم على الرئيس بايدن لضعفه تجاه إيران بينما أعرب العديد من الديمقراطيين عن شعورهم بالإحباط أيضًا بسبب تعامل الرئيس مع ملف الحرب بين إسرائيل وحماس ويخشون من التدخل بشكل أعمق في المنطقة.