على إحدى الطرق السريعة المؤدية للعاصمة الفرنسية باريس، باتت جرارات المزارعين في وجه مدرعات قوات الأمن الفرنسية، في تطور جديد لتحركاتهم الاحتجاجية في البلاد والتي دخلت أسبوعها الثاني. بعد أن اعتبروا الإجراءات التي أعلنها رئيس الوزراء بالأمس ووزير الزراعة صباح اليوم "غير كافية".
وبالقرب من منطقة "فال دواز" شمالي باريس، وقف المزارعون بجراراتهم على الطريق السريع الرئيسي "إيه 1" في وجه مدرعات قوات الأمن ويفصل بين الجانبين خطا أحمر على الأرض، في وقت حذر فيه وزير الداخلية جيرالد دارمانين المزارعين من دخول العاصمة الفرنسية.
فقد أعرب دارمانين عن نيته بالسماح للمزارعين بمواصلة تحركاتهم الاحتجاجية مؤكدا أنه "لا مجال لإجلاء المزارعين من نقاط تجمعهم على الطرق، إلا أنه حذر من عدم مواصلة السماح بذلك إذا تجاوز المزارعون "خطوطه الحمراء"، موضحا أنه "لن يسمح بدخول باريس أو إلى سوق رانجيس أو المطارات الباريسية.
ولمنع جرارات المزارعين من الوصول إلى سوق رانجيس الدولي للأغذية وإغلاق السوق، وجه وزير الداخلية بإرسال مدرعات إلى منطقتي "لوار" و"إيسون" في جنوب باريس، كتعزيزات لتلك الموجودة بالفعل عىلى الأرض، وذلك كموقف دفاعي فقط، مع "نفس التعليمات بالتعامل بشكل معتدل" والتي صدرت في الأيام الأخيرة للشرطة في مواجهة حركة المزارعين.
ووفقا لوزير الداخلية، شهدت فرنسا اليوم الأربعاء "أكثر من 100 نقطة تجمع للمزارعين بجراراتهم وإقامة حواجز بمشاركة نحو 10 آلاف متظاهر.
ويواصل المزارعون المحتجون تحركهم لليوم الثالث على التوالي نحو باريس في ظل استمرار غضبهم. ومنذ صباح اليوم وينصبون حواجز على الطرق السريعة الرئيسية القريبة من العاصمة. في حين قام رجال الشرطة بنشر مدرعاتهم على الطريق السريعة بالقرب من سوق رانجيس الحيوي ومطاري شارل ديجول وأورلي.
فقد شعر بالأمس المزارعون بخيبة أمل بعد أن سمعوا خطاب رئيس الوزراء الفرنسي جابرييل أتال، الذي أعلن عن عدة تصريحات خلال خطاب السياسة العامة الذي ألقاه أمام الجمعية الوطنية، لكنه لم يقنع المزارعين المحتشدين منذ نحو 15 يوما .
ومن جانبه، قال أرنو روسو، رئيس الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين وهي النقابة التي تمثل أغلبية المزارعين إن توقعات المزارعين كانت هائلة، في إشارة إلى المطالب التي قدمها المزارعون على المستوى الفرنسي وأيضا على المستوى الأوروبي.
ويواصل المزارعون إغلاق طرق استراتيجية حول باريس وأماكن أخرى في البلاد ما يزيد الضغط على الحكومة. وتوتر الوضع منذ أمس مع تدخل قوات الأمن التي حاولت منع تقدم قافلة مزارعين باتجاه سوق رانجيس الدولي للأغذية. وواصلت هذه القافلة التي تضم 200 جرار زراعي طريقها من مدينة أجين (جنوب غرب البلاد)، متقدمة نحو السوق الدولي للأغذية، إلا أنها واجهت قوات الأمن. واليوم يجدد عدد من المزارعين محاولاتهم للوصول إلى السوق، الذي يقع تحت حماية مدرعات قوات الدرك.
ومنذ الاثنين الماضي، أعلن المزارعون المحتجون إقامة ثماني نقاط لتعطيل حركة السير على الطرق السريعة حول باريس، في حين قامت السلطات الأمنية بنشر 15 ألف فرد من الشرطة، خاصة حول مطاري رواسي وأورلي في باريس وسوق رانجيس الحيوي.
في الوقت نفسه، من المقرر أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غدا في بروكسل برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لبحث الإجراءات التي سيتم اتخاذها لصالح المزارعين، حيث تشهد العديد من دول الاتحاد الأوروبي موجة من احتجاجات المزارعين، بحسب الرئاسة الفرنسية.
وتتواصل حركة احتجاج المزارعين والتي بدأت منذ 18 يناير في جنوب غرب فرنسا ومن ثم بدأت رقعة التحرك في الاتساع إلى مختلف أرجاء البلاد لتصل الان حول العاصمة الفرنسية، وذلك بعد عجز السلطات عن تهدئة غضب المزارعين الذين اعتبروا أن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة غير كافية.
ويهدف المزارعون من وراء ذلك ممارسة الضغط على الحكومة للاستجابة فورا لمطالبهم ومواجهة أوضاعهم الصعبة من خلال مساعدات مالية فضلا عن تخفيف بعض المعايير البيئية.