دعا الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، مجلس الأمن إلى تبني قرار لتأسيس دولة فلسطينية، بجانب دولة إسرائيل، مؤكداً أنه لن يكون هناك سلم دون دولة فلسطينية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، ومطالباَ في الوقت ذاته بإلغاء حق الفيتو في مجلس الأمن.
جاء ذلك في كلمة، ألقاها الرئيس البرازيلي اليوم /الخميس/أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وحشد من الدبلوماسيين والإعلاميين.
وقال الرئيس البرازيلي "إن الأعمال التي تقوم بها إسرائيل في رفح تمثل كارثة جديدة"، مؤكداً أنه من الملح وقف هذه العمليات.
وأضاف "أنا سعيد بالعودة للجامعة العربية بعد 20 سنة من حضوري أول مرة (في إشارة إلى زيارته لجامعة الدول العربية في ولايته السابقة)، موجهاً التحية إلى الأمين العام للجامعة العربية والحضور.
وقال "نحن فخورون في البرازيل بالعلاقات التاريخية والثقافية التي تربطنا بالعالم العربي"، مشيرا إلى أن البرازيل البلد الأول في أمريكا اللاتينية الذي يحظى بمكانة عضو مراقب في الجامعة العربية.
وأضاف "لقد كان لي الشرف أن أكون الرئيس البرازيلي الأول الذي يعتلي هذه المنصة في 2003 (في إشارة لإلقاءه كلمة أمام مجلس الجامعة العربية). ونوه بالتزام الجامعة العربية بالاستقرار والتنمية، ومشددا على أهمية دورها.
وتابع قائلا: "نريد تعزيز العلاقات مع الجنوب العالمي"، مشيرا إلى أن زيارته الحالية لمصر والجامعة العربية سبقها زيارة للإمارات وقطر، وهي تعكس رغبة البرازيل في تعزيز العلاقات مع دول المنطقة.
وأشار إلى أن بلاده لديها ممثلين دبلوماسيون في 18 دولة عربية من بين 22 دولة، وتعمل على تعزيز العلاقة مع العالم العربي في مجالات الثقافة والعلوم والتنمية على وجه الخصوص.
وقال الرئيس البرازيلي، إن حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين بلاده والدول العربية زاد من 5.4 مليار دولار في 2003 إلى 30 مليار دولار في 2023، وهو ما يعكس متانة وقوة العلاقات بين الجانبين.
ولفت إلى أن البرازيل ترأس مجموعة العشرين وتعطي الأولوية للقضاء على الجوع والفقر وتشجيع التنمية المستدامة وإصلاح المؤسسات الدولية والحوكمة الدولية، مشيرا إلى بلاده ستستضيف مؤتمر (30 cop) عام 2025 والذي سيقام في مدينة "بيليم" في قلب غابات الأمازون، معربا عن تطلعه لمشاركة عربية فعالة في هذا المؤتمر.
وأضاف "أنه في العام المقبل سنعقد قمة البريكس بمشاركة ثلاثة بلدان عربية وهي مصر والسعودية والإمارات"، مشيرا إلى أنه من خلال بنك التنمية الجديد التابع للبريكس ودخول أعضاء جدد سوف تستمر المساعي لجعل البريكس قوة مهمة في عالمنا الحالي.
وحول أزمة غزة قال دا سيلفا: "إن زيارته إلى مصر والجامعة العربية تأتي في ظل وضع حزين في قطاع غزة، مشيرا إلى أنه خلال زيارته السابقة للجامعة العربية تحدث عن المبادرة العربية من أجل السلام وهي خيار متوازن لتحقيق السلام في المنطقة على غرار المبادرات الأخرى التي سبقتها ولكنها لم تلق أذانا صاغية.
وقال دا سيلفا، إن هناك 30 ألف ضحية من النساء والأطفال والمسنين والرجال قتلوا في قطاع غزة، وأن 80% من سكان القطاع يعانون من الجوع والحرمان وانتشار الأمراض، مشددا على أن التوصل إلى وقف إطلاق النار بدون شروط وتحرير الرهائن تمثل أولوية قصوى.
وعن الوضع في الضفة الغربية، قال الرئيس البرازيلي، إن الوضع هناك خطير جدا ولا يمكن قبوله على أي حال، مضيفا أنه في الوقت الذي يحتاج فيه الشعب الفلسطيني إلى القوة والدعم، أوقفت عدة بلدان المساعدات إلى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا"، مطالبا بضرورة إجراء تحقيقات صحيحة في هذا الأمر بدون أن تتوقف المنظمة عن العمل (في إشارة للمزاعم الإسرائيلية بضلوع موظفين من الأونروا في هجوم السابع من أكتوبر ).
وأشار لولا دا سيلفا إلى أن الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان يعانون من هذه القرارات التي وصفها بـ"الخطيرة والجبانة".
وتعهد دا سلفيا بأن تقدم الحكومة البرازيلية مساعدات مالية لوكالة "الأونروا"، داعيا كل البلدان لتقديم مساعدات للوكالة، محذرا في الوقت ذاته، من استمرار الصراع في فلسطين والذي يتعدى منطقة الشرق الأوسط لأن تأثيراته سوف تؤدي إلى سيناريوهات مرعبة.
واقترح الرئيس البرازيلي أن يكون الحل على مستوى مجلس الأمن من خلال التوصل إلى حل دولتين تعيشان في سلام دائم، منددا بالانتهاكات المتتالية والإبادة الجماعية التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الرئيس البرازيلي، إن قرار إنشاء الدولة فلسطينية تم اتخاذه منذ 75 عاما من الأمم المتحدة، وأنه ليس هناك مبرر لمنع فلسطين من الدخول إلى الأمم المتحدة، مؤكدا أن بلاده ستعمل خلال الفترة القادمة على الدفاع عن الاعتراف بدولة فلسطينية ذات سيادة.
وأعرب عن تقديره لأهمية الجامعة العربية، ولدورها في ممارسة نفوذها في العالم، مؤكدا ضرورة خلق الحوار لإعادة الحوكمة العالمية وإعادة حوكمة الأمم المتحدة لأنه من غير المعقول أن تتحكم أقلية من البلدان في الأمم المتحدة.
وأكد ضرورة العمل على توسيع عضوية الدول الدائمة في مجلس الأمن، والعمل للقضاء على حق "الفيتو" والتفكير بجدية في إطار الأمم المتحدة لتحقيق السلام، مشيرا إلى أن من يقوم بالحرب ويصنع السلاح ويبيعه هم البلدان الأعضاء في مجلس الأمن.
وشدد دا سيلفا، على ضرورة إجبار إسرائيل على احترام القرارات المتخذة في الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن السلام هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق التنمية وتحسين معيشة الناس.
ولفت الرئيس البرازيلي إلى أن زيارته للجامعة العربية تأتي لإعادة التأكيد على تضامنه مع الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة، مشيرا إلى أن بلاده ضد الحرب وليس لها أي خلاف مع أي دولة في العالم، ومؤكدا أن نهاية الحرب ستسمح ببناء عالم مبني على السلام.