قال السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، إن المرافعة المصرية اليوم أمام محكمة العدل الدولية اكتسبت أهمية كبرى، حيث قدمت مصر نموذجا قانونيا محترما، يقف أمام العدوان الإسرائيلي المستمر بحق الشعب الفلسطيني منذ بدء الاحتلال وحتى العدوان المستمر الآن على قطاع غزة، موضحا أن مصر استعرض الاعتداءات في إطار قانوني وفي احترام لإنسانية هذا الشعب وفي الوقت نفسه احترام لمبادئ القانون الدولي والأعراف واتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الأسانيد والدفوع المصرية بشأن الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ستكون لها مساهمة كبيرة في القرار النهائي لمحكمة العدل الدولية، حتى توضع إسرائيل أمام مسئولياتها ويتم محاسبتها على جرائم الحرب التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني منذ بدء الاحتلال.
وأضاف العرابي أن إسرائيل لا تأبه بشأن أي قوانين أو أعراف دولية، لذلك عندما يخرج حكم أو قرار محكمة العدل الدولية يجب أن تتم إحالته إلى مجلس الأمن حتى يوضع القرار في إطار قرار قانوني ملزم، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي الآن يضع إسرائيل أمام مسئولياتها بشكل قانوني واضح في إطار آلياته القانونية المحددة في هذا الشأن.
مرافعة مصر أمام محكمة العدل الدولية
وعقدت اليوم جلسة استماع محكمة العدل الدولية بشأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المقدَّم إلى محكمة العدل الدولية لطلب منح الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن الآثار القانونية المترتبة على الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
وتقدمت مصر بمرافعة شفهية أمام المحكمة، قدمتها الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، حيث تضمنت المرافعة الدفوع والأسانيد القانونية لتأكيد اختصاص المحكمة بمنح الرأي الاستشاري في تلك المسألة، ومن الناحية الموضوعية تأكيد عدم شرعية ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة ضد حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف.
وأكدت مصر في مرافعتها أمام المحكمة على الأهمية القصوى للأبعاد القانونية المترتبة على منح الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن طلب الرأي الاستشاري يأتي في ظل ظرف دقيق، وعلى خلفية تاريخ يمتد لنحو خمسة وسبعين عاماً من الممارسات الإسرائيلية الرامية للدفع بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وسلب للأراضي والمنازل، وتنفيذ سياسات العقاب الجماعي، واستخدام ممنهج وعشوائي للعنف ضد المدنيين، ومواصلة تعريض أبناء الشعب الفلسطيني للمعاناة الإنسانية بنهج غير مسبوق الحجم والتأثير، وبينما لايزال العالم يقف صامتاً أمام اتخاذ موقف حازم بحتمية إنهاء الاحتلال طويل المدى.
وأوضحت مصر في المرافعة، أنه بات من المستحيل تجاهل مسئولية الأطراف الدولية عن تغيير الوضع الراهن، فالإعتداءات الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة المحتل لاتزال مستمرة، حيث تجاوز أعداد الضحايا ٢٩ ألفاً من أبناء الشعب الفلسطيني، وتم نقل وتهجير ما يقرب من ٢،٣ مليون شخص قسراً، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي، وفي ظل عجز مجلس الأمن عن تحقيق وقف إطلاق النار بشكل فوري، مشيرة إلى أن هذا الوضع الكارثي قد امتد ليشمل الضفة الغربية، حيث تم تهجير مجتمعات فلسطينية كاملة على إثر تصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين، ووضع قيود على تنقل المواطنين، وتنفيذ الإجراءات العقابية بهدم المنازل، فضلاً عن توسع سياسات الحكومة الإسرائيلية في أنشطتها الاستيطانية على نحو يزيد من الفصل بين الأراضي الفلسطينية، ويهدد أسس مقررات الشرعية الدولية بحل الدولتين، بل ويقوض من آفاق إرساء السلام الدائم والتعايش بين شعوب المنطقة.
كما ركزت المرافعة في متنها على الدفع بالأسانيد والحجج القانونية تجاه أربعة موضوعات رئيسية، أولاً- تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بمنح الرأي الاستشاري في الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وثانياً- استبيان الآثار القانونية المترتبة عن الإحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده بالمخالفة لقانون الحرب والمبادئ التي تحكم مشروعية استخدام القوة، فضلاً عن الآثار القانونية الخاصة بحظر الإستيلاء على الأراضي بالقوة، ومبدأ حق تقرير مصير الشعوب، وحظر العنصرية والفصل العنصري، وثالثاً- دحض المبررات القانونية الخاصة باستخدام مبدأ الدفاع عن النفس، والضرورة الأمنية أو العسكرية، ورابعاً- ملخصاً للآثار القانونية الناشئة عن الممارسات الإسرائيلية.