أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، أن الصحة العقلية والأمان النفسي هما حق من حقوق الإنسان، وأنها أحد الطرق الهامة على طريق الوقاية من عديد الأزمات التي يمر بها المواطن، كما أن الدعم الأسري والمجتمعي هو أول طريق العلاج.. موضحة أن الاكتشاف والتدخل المبكر يساعد على تحسين فرص العلاج بنسبة تتراوح ما بين 80% إلى 90%.
جاء ذلك خلال كلمتها في احتفالية مؤسسة "فاهم" للدعم النفسي التي أقيمت مساء أمس بالمتحف القومي للحضارة المصرية، بمناسبة مرور عام على إنشاء المؤسسة، وتنفيذ 100 نشاط في ملف الصحة النفسية لعام (2023 - 2024)، في ضوء رسالتها التي ترتكز على نشر ثقافة الصحة النفسية، وزيادة الوعي المجتمعي حول الاحتياجات اللازمة للمرضى النفسيين، وإمكانية علاجهم، وإدماجهم بالمجتمع.
وحضر الاحتفالية كل من السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة السابقة رئيس مجلس أمناء مؤسسة "فاهم" نائبة رئيس الاتحاد العالمي للصحة النفسية لمنطقة شرق المتوسط، وعدد من السادة الوزراء منهم وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد، ووزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي، ووزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار، ووزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، والمستشار علاء الدين فؤاد وزير المجالس النيابية، والمهندسة نيفين عثمان الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمهندس محمد زكي السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية، فضلا عن حضور البروفيسور جابريل إڤيجارو الأمين العام للاتحاد العالمي للصحة النفسية، والدكتورة بسمة بنت فخري آل سعيد خبيرة الصحة النفسية.
وقالت القباج إن هذا الاحتفال يأتي بمناسبة مرور عام على إطلاق مؤسسة "فاهم" الشابة في عمرها والكبيرة في قيمتها، والتي ولدت لتعزز وتدعم إدراج الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من جودة الحياة، ومن بناء العلاقات، ومن سعادة الأسر، ومن السلام المجتمعي ومن ارتقاء الإنسانية.. مضيفة أن مؤسسة "فاهم" للدعم النفسي خرجت للنور في عام 2023 وراء هدفها الأساسي وهو التوعية بالصحة النفسية وكسر حاجز الصمت، ووصمة العار عن المرض النفسي.
وأشارت إلى أن المؤسسة أعلنت عن تنفيذها لنحو 100 فعالية في عامها الأول، فها هي تحقق وثبات سريعة في محطات رسالتها، حيث ساعدت نحو 1500 شخص، وطرقت أبوابا كثيرة، وتعاونت مع مؤسسات متنوعة، وباتت تعقد حوارات مع متخصصين واتفاقيات مع أطراف معنية، وكان شعارها منيرا معبراً "افهم اسمع اتكلم".
وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعي أن المرض النفسي قد يُشعر الشخص بالاستبعاد أو الاغتراب، أو أن هناك اتجاهات سلبية ضده تشعره بأنه "مرفوض" أو "فاشل"، أو "معقد" أو "غريب" أو "خطر" أو "غير صالح للتعامل معه"، باختصار يسود الشعور بأن من يعانون نفسياً ليسوا متساوين في المجتمع.. مشيرة إلى أن أكثر من نصف من يعانون من مرض أو ألم نفسي لا يتلقون المساعدة أو العلاج، في كثير من الأحيان، لقولهم أن التمييز أو النبذ قد يعرضهم لألم أشد من كربهم الحقيقي.
وشددت القباج على أن المسئولية المجتمعية تجاه التدخل النفسي لها أهمية، وأن تشمّر مؤسسات المجتمع المدني عن سواعدها لتغطية هذا الجانب ذو الأهمية القصوى، والأثر الشديد، ولعل ما تتخذه مؤسسة "فاهم" وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني التي تقدم الدعم النفسي سيصبح ضوءا بديعا في طريق طويل من العمل على إعلاء قيمة الإنسان بأفكاره واتجاهاته ومشاعره، وليس فقط قوت يومه.
وتابعت أن وزارة التضامن الاجتماعي تقدم ضمن مكون برنامج وعي للتنمية المجتمعية جانبا مهما من تقديم الدعم النفسي، ليس فقط للمضارين، ولكنه بشكل وقائي للأسر، وحثهم على مشاركة مشكلاتهم وحلها، وأن هناك حلا دائما مهما تعثرت الأزمات، ونقدم دعما نفسيا للسيدات المضارات من زواج الأطفال والختان والعنف الأسري، ونقدم مكون دعم نفسي ضمن برنامج مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، ونزيل الوصمة عن من وقع في براثن التعاطي، فيما تقدم مراكز استضافة وتوجيه السيدات ضحايا العنف هذا الدعم داخل مراكزها لإزالة ما مرت به السيدة من أضرار، ونقف إلى جانب الأسر ما بعد الكوارث والحوادث والعمليات الإرهابية.
وأكدت القباج أنه على خطوط النيران في غزة، وفي مناطق الصراع في السودان، وعلى خط الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، خرج الدعم النفسي للأسر كأحد أهم تدخلات الهلال الأحمر المصري التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، فما تراه هذه الأسر طوال مدة الصراع كان يحتاج إلى إدراج التدخلات النفسية، كأحد أهم تدخلات فرق الهلال الأحمر في الميدان، ويحاول المتطوعون في الميدان تقديم خدمات متساوية من التدخلات النفسية والصحية والخدمية.
فيما أوضح وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار، أن دور الوزارة ليس مقتصرا فقط على التفكير في المستشفيات والأطباء و المرضى، ولكن يتضمن دورها كذلك الحفاظ على صحة المواطنين والوعي بأهمية الوقاية قبل أن يصابوا بالمرض.
وقال "إن هناك إحصائيات طبقا لدراسات في عامي 2017 و2018، تشير إلى أن 24% من المجتمع المصري يعاني من اضطرابات نفسية، مؤكدة على أهمية مشاركة المجتمع المدني في مساعدة المجتمع الطبي في علاج الاضطرابات النفسية.
كما لفت وزير الصحة إلى تأثير الكثافة السكانية والبيئة على الصحة النفسية، وأهمية اللجوء إلى الطبيب المختص لعلاج المرض النفسي أسوة بأي مرض آخر.. مشيدا بدور مؤسسة "فاهم" في نشر الدعم النفسي بالمجتمع وهو توجه تحرص على تنفيذه الوزارة مع مختلف المؤسسات المعنية.
ومن جانبها.. قالت السفيرة نبيلة مكرم، إن العديد من المواطنين يتعرضون لمتاعب نفسية عديدة، والجميع لديه أسلحة داخلية تمكنه من المواجهة للتغلب على تلك المتاعب انطلاقاً من الأية الكريمة "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم".
وأكدت السفيرة نبيلة مكرم على رؤية مؤسسة "فاهم" في التوعية المجتمعية بالمرض النفسي بالتعاون المثمر مع مختلف الجهات المعنية بالدولة، لافتة إلى أهمية نشر ثقافة التقرب من الشخص المتألم وإدماجه بالمجتمع.
وأشادت بدور الأطباء النفسيين الذين يساعدون الكثير من المرضى المتألمين في صمت.. مقدمة الشكر والتقدير إلى جميع الحضور من وزراء ورؤساء هيئات ونواب ورجال أعمال وأطباء متخصصين ولفيف من السفراء والإعلاميين الذين حرصوا على المشاركة فى الاحتفالية تأكيدا على التوجه نحو الدعم النفسي للمرضى.
وشهدت الاحتفالية توقيع مؤسسة "فاهم" للدعم النفسي بروتوكولي تعاون مع كل من المجلس القومي للطفولة والأمومة، وأكاديمية المشفى، استمراراً للنجاحات التي حققتها المؤسسة على مدار العام الماضي من حيث تفعيل الشراكات مع مختلف الوزارات والجهات المعنية بالدولة، وتكريس الجهود في ملف الصحة النفسية.
كما تضمنت الفعاليات جلسة حوارية تحت عنوان "الدين والصحة النفسية" تتناول الحديث عن العلاقة بين الدين والصحة في مقاومة الضغوط النفسية، ودور ذلك في بناء الشخصية الإيجابية القادرة على مواجهة التحديات والصعوبات، وآليات الوصول إلى مجتمع يناهض التمييز، والعنف ضد المرضى النفسيين مُتقبِل لحالة المريض النفسي ومتفهم لمشاكله وما يواجه من صعوبات.
يُذكر أن مؤسسة "فاهم" للدعم النفسي تعد أول مؤسسة في العالم العربي تهتم بشكل أساسي بدعم الصحة النفسية، وتُوظف أنشطتها لتساعد في التغلب على التحديات التي تواجه التدخلات في مجال الصحة النفسية، وتتنوع برامج المؤسسة ما بين "خدمات الدعم النفسي، الفئات ذوي الاحتياجات الخاصة، الإسهامات الاجتماعية، وخدمات تنمية المجتمع".