الأحد 28 ابريل 2024

من وحي التاريخ.. إليك المحطات الأخيرة في تاريخ الدولة العثمانية

الدولة العثمانية

تحقيقات3-3-2024 | 15:49

محمود غانم

تحل علينا اليوم الذكرى 100 لإلغاء الخلافة العثمانية على يد مصطفى كامل أتاتورك، الذي أقدم على تنحية الخليفة العثماني عبد المجيد الثاني من الحكم ونفيه هو وجميع أفراد أسرته.

المحطات الأخيرة
مثلت الحرب العالمية الأولى الخنجر الأخير في ظهر الدولة العثمانية، فمع اندلاعها تحالفت الدولة العثمانية مع ألمانيا والنمسا، ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا، رغم أنه لم يكن لديها أي استعداد لخوض غمار الحرب. 
صاحب النصر العثمانيون في السنتين الأوليين من الحرب، غير أن قيام الثورة العربية الكبرى، بزعامة الشريف حسين عام 1916، كان أكبر ضربة وجهت للدولة العثمانية آنذاك، إذ أدت إلى فقدان أملاكها في معظم البدان العربية مع نهاية الحرب.
وعلى إثر ذلك، اضطرت الدولة العثمانية إلى التوقيع على عدة معاهدات استهدفت تقسيم أملاك الدولة العثمانية، مثل معاهدة الآستانة عام 1915، ومعاهدة لندن عام 1915، ومعاهدة سايكس بيكو عام 1916، ومعاهدة سان جان دي مورين عام 1917، ثم معاهدة سيفر عام 1920، التي عقدت في مدينة سيفر الفرنسية، وتخلت الدولة العثمانية بموجبها عما تبقى من أراضيها في "تراقيا" بما في ذلك مدينة أدرنة، وتخلت عن حقوقها في جزيرتي إمروز وتندوس.
وقلصت تلك المعاهدة سيادة الدولة العثمانية، فقد حُددت عدد الجيش العثماني بخمسين ألف جندي، يخضعون لإشراف الضباط الأجانب، بالإضافة إلى تحديد سلاح الجيش والأسطول، وأعيدت الامتيازات الأجنبية، كما شُكِّلت لجنة جديدة للبت في الإشراف على الديون العثمانية، وعلى ميزانية الدولة، وعلى الضرائب، والرسوم الجمركية، وغيرها من الأمور المالية.
أثناء ذلك، جرى تشكيل حكومة في أنقره، بزعامة مصطفى كمال آتاتورك، منفصلة عن حكومة العثمانية في الآستانة (إسطنبول)، وهكذا بدأ النظام الجديد في أنقره، معلنًا التمرد على حكومة إسطنبول، وجعل من المجلس الوطني الكبير حكومة فعلية، حيث أقر المجلس عام 1921، الدستور الجديد، ورفض كل المعاهدات التي أبرمتها الحكومة العثمانية. وفي الوقت نفسه، عقد مصطفى كمال اتفاقًا مع روسيا، اعترفت روسيا بموجبه بالميثاق الوطني الذي أعلنته حكومة أنقره. 
بالإضافة إلى ما سبق، عقد مؤتمر في لندن للتخفيف من شروط الصلح، مما أضفى طابعًا شرعيًا على حكومة أنقره، في إرجاع القرار الخاص بوضع الأناضول إليها. 
وقد جرت عدة اتفاقات مع الدول المعنية في الانسحاب من بعض الأراضي التركية، فتنازلت روسيا عن باطوم، وفرنسا عن كيلكيا، وإيطاليا عن أنطاكيا، ونشب القتال مع اليونانيين، وانتصرت القوى الوطنية في معركة سقاريا على اليونانيين عام 1922.
ورغم أن الحكومة العثمانية دعت إلى مؤتمر لوزان إلى جانب حكومة أنقره، إلا أن الأخيرة قامت بإلغاء السلطنة من نظام الدولة العثمانية في عام 1922، حتى لا تلقى القبول لدى المؤتمر، فاستقال الصدر الأعظم توفيق باشا، ولم يعين السلطان محمد السادس غيره مكانه، مما أشار إلى خضوع السلطان لحكومة أنقره. 

مؤتمر لوزان 
عقد مؤتمر لوزان خلال عام 1922 - 1923 بهدف التفاوض على معاهدة مع تركيا لتحل محل معاهدة سيفر، وخلال المفاوضات أصرت بريطانيا على إلغاء الخلافة وطرد الخليفة وأسرته من البلاد.
 وتضمنت "معاهدة لوزان" 143 مادة موزعة على 17 وثيقة ما بين "اتفاقية" و"ميثاق" و"تصريح" و"ملحق"، وتناولت هذه المواد ترتيبات الصلح بين الأطراف الموقعة على المعاهدة، وإعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينها، وفقًا للمبادئ العامة للقانون الدولي.
وأسست المعاهدة لما عُرف لاحقًا بـ"الجمهورية التركية" العلمانية بعد إلغاء نظام الخلافة الإسلامية، ورسمت حدود اليونان وبلغاريا مع الدولة التركية التي حافظت على ضم إسطنبول وتراقيا الغربية، وتضمنت بنودا تتعلق بتقسيط ديون الدولة العثمانية.
وقضت بتخلي تركيا عن السيادة على قبرص وليبيا ومصر والسودان والعراق وبلاد الشام، باستثناء مدن كانت تقع في سوريا مثل أورفا وأضنة وغازي عنتاب وكلس ومرعش، وبتنازل الدولة العثمانية عن كافة حقوقها السياسية والمالية المتعلقة بمصر والسودان اعتبارًا من نوفمبر 1914.
وجراء تلك التطورات أُجبر أفراد أسرة آل عثمان على مغادرة تركيا نهائيًا، وبذلك انطوت أخر صفحة من صفحات تاريخ الدولة العثمانية، ونشأت على أنقاضها الجمهورية التركية، التي اتخذت من العلمانية مبدأ لها في الحياة.

Dr.Randa
Dr.Radwa