بعيداً عن دوي الانفجارات وصليل الرصاص ما بين الروس والأوكروان الذي لم يهدأ منذ نحو عاما، انطلقت صباح اليوم الجمعة، الإنتخابات الرئاسية الروسية، والتي تعقد على مدى 3 أيام.

ويتنافس في الإنتخابات أربعة مرشحين، هم: الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، وليونيد سلوتسكي رئيس "الحزب الديمقراطي الليبرالي"، وفلاديسلاف دافانكوف من حزب "الناس الجدد"، ونيكولاي خاريتونوف من "الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية".

وشهدت الساعات الأولى من السباق الإنتخابي، مشاركة نحو 1.6 مليون مواطن روسي عن طريق التصويت الإلكتروني عن بعد، بحسب وزارة التنمية الرقمية الروسية، التي أشارت إلى ذلك يعد أكثر من ثلث جميع المسجلين على المنصة الرسمية.

 البرامج الإنتخابية

وتناولت وسائل الإعلام الروسية البرامج الإنتخابية للمرشحين الأربع، حيث قالت أن "بوتين الذي يبلغ من العمر 72 عام، لم يطرح برنامجاً انتخابياً منفصلاً"، لكن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أشار إلى أن المبادرات والأفكار التي أعلنها الرئيس في رسالته السنوية للجمعية الفيدرالية في 29 فبراير، تعكس "من نواح كثيرة" برنامج بوتين  للإنتخابات.

واقترح بوتين في خطابه هذا إطلاق مشاريع وطنية جديدة وأدوات لدعم الاقتصاد والتعليم والمجال الاجتماعي، وتحفيز جذب أموال المواطنين للاستثمار في الاقتصاد الحقيقي، كما أكد أن نخبة المستقبل في البلاد هم الشباب، والمشاركون في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.

على صعيد السياسة الخارجية يؤكد بوتين ضرورة تحقيق أهداف العملية العسكرية، والكفاح من أجل نظام عالمي عادل جديد وتطوير العلاقات مع الشركاء التقليديين ودول الجنوب العالمي.

أما المرشح الثاني ليونيد سلوتسكي البالغ من العمر 56 عام، ينصب التركيز على السياسة الدولية النشطة ودعم مناطق روسيا الجديدة، وحماية حقوق كيانات روسيا وقطاع الأعمال ودعم المواطنين في ظروف العملية العسكرية الخاصة، كما تشمل حملته قضايا الإسكان والخدمات الاجتماعية والتعليم والطب ودعم الأسرة.

وفيما يتعلق بالحرب على أوكرانيا، يشدد سلوتسكي على ضرورة تكثيف الهجوم من أجل "وضع نقطة أخيرة وإنهاء هذا الصراع بانتصار السلاح الروسي".

المرشح الثالث فلاديسلاف دافانكوف يبلغ من العمر 39 عام، سيركز على توسيع الحريات المدنية والتجارية، ومكافحة "مظاهر الحظر والقيود الجديدة"، بما في ذلك تلك المتعلقة بالإجهاض ووضع "العملاء الأجانب".

ويدعو دافانكوف إلى إصلاحات تشمل العودة إلى الانتخابات المباشرة لرؤساء البلديات، ومنح المواطنين الحق مرة واحدة على الأقل سنويا استدعاء النواب ورؤساء البلديات والمحافظين ورؤساء الإدارات المحلية ومسؤولي وزارة الداخلية للتواصل معهم عبر بوابة "الخدمات الحكومية"، إضافة إلى انتخاب مرشحين لشغل تلك المناصب عبر التصويت.

وفي الجانب الاقتصادي، يشمل برنامجه إعادة توزيع عائدات الضرائب لصالح المدن والمناطق، والاعتماد على المبادرة الخاصة، وتحفيز تنمية السياحة والشركات الصغرى والمتوسطة.

وفيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، يعتمد برنامج دافانكوف على رفض التصعيد والدعوة للسلام والمفاوضات ولكن "بشروطنا، ودون التراجع إلى الوراء". وفي الوقت نفسه، يرى أن الدول الغربية ليست مستعدة بعد للمفاوضات، لأن القتال في أوكرانيا بالنسبة للكثير منها "مشروع تجاري".

أما نيكولاي خاريتونوف البالغ من العمر 76 عام، يؤكد برنامجه على الحاجة إلى "التحول اليساري" في الاقتصاد، ويدعو إلى تغييرات في السياسة الاجتماعية والاقتصادية وتطوير الصناعة والزراعة و"التصنيع الجديد"، الذي يرى الحزب الشيوعي أنه يتطلب تأميم الموارد الطبيعية في البلاد.

ومن المقترحات الرئيسية لبرنامجه اعتماد نظام ضريبي تصاعدي وإلغاء الضرائب على المواطنين ذوي الدخل المحدود. وينظر خاريتونوف إلى الصين التي تمكنت من الجمع بانسجام بين عناصر الرأسمالية والاشتراكية، على أنها مثال يجب الاقتداء به.

وبخصوص الحرب في أوكرانيا، قال:"كل من يعتقد أنه سيتمكن من إخضاع روسيا مخطئ".

 الدعوة إلى المشاركة

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جميع المواطنين إلى التصويت بقوة في الانتخابات الرئاسية الروسية، حيث أكد على أن مصير روسيا لا يحدده إلا مواطنوها، وأن لكل صوت قيمة وأهمية.

وقال بوتين، أمس:"من الضروري تأكيد وحدتنا وتصميمنا على المضي قدماً معاً، حيث أن كل صوت من أصواتكم له قيمة وأهمية. لذا، أحثكم على ممارسة حقكم في التصويت خلال الأيام الثلاثة المقبلة".

وأضاف، أن "مراكز الاقتراع ستكون مفتوحة في كل مدينة وبلدة وقرية".

وأشار الرئيس الروسي، إلى أن مواطني البلاد لا يتعين عليهم الإدلاء بأصواتهم فحسب، بل يجب أن يعلنوا بحزم إرادتهم وتطلعاتهم، ومشاركتهم الشخصية في مواصلة تنمية روسيا، لأن الانتخابات هي خطوة نحو المستقبل.

وشدد بوتين، على أن المشاركة في الانتخابات تعكس المشاعر الوطنية، داعيا المواطنين الروس إلى التماسك للتغلب على التحديات الصعبة.

 ولفت إلى أن الجنود الروس على الجبهة سيصوتون في الانتخابات الرئاسية وأن هذا يعد مثالاً للجميع.

 تشريعات الإنتخابات

 ويشارك في التصويت بالإنتخابات الروسية المناطق المحتلة من أوكرانيا، والتي اعتبرتها روسيا جزءاً منها منذ عام 2022، وهي مقاطعتي لوجانسك، ودونيتسك، بالإضافة إلى خيرسون، وزبواروجيا.

وتقع هذه المناطق في شرق وجنوب أوكرانيا، وأعلنت روسيا ضمها في سبتمبر 2022.

ووفقاً للقانون الروسي، يتوجب الحصول على أكثر من 50% من الأصوات؛ لتحقيق الفوز في الإنتخابات.

ويتوقع المراقبون أن تفضي الانتخابات لبقاء بوتين في السلطة لمدة 6 سنوات أخرى، أي حتى عام 2030.

كما يمكن لبوتين الترشح لولاية أخرى بعد ذلك بفضل مراجعة دستورية جرت عام 2020، مما يسمح له بالبقاء على كرسي الرئاسة حتى عام 2036.