السبت 27 ابريل 2024

فلاسفة الإسلام| السهروردي «صاحب نظرية النور الإلهي» ( 7_ 30 )

صورة تخيلية للسهروردي

ثقافة17-3-2024 | 19:13

إسلام علي

تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية  وقام علماء الفلسفة المسلمون بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.
 

‎ومع بوابة «دار الهلال» نقدم  خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنعرض إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة وتوضيح كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في  تاريخ الحضارة الإسلامية.


‎واليوم سوف نذهب في رحلة عبر الزمن لاستكشاف " السهروردي "، الفيلسوف الذي الذي حام حوله الغموض والجدل ،و ولقب "شيخ الإشراق " لانغ فلسفته اعتمدت على ركيزة النور الإلهي، واسمه كاملا " شهاب الدين يحيى بن حبش السهروردي "  .

 

‎ولد السهرودي في عام 549 هجريا في مدينة سهرورد " تقع في شمال غرب ايران" زاشتهر بحديثه عن فلسفة جديدة من نوعها وهي " فلسفة النور " . 

 

‎ففسر النور بأنه رمز للوجود الإلهي " الله" و اكمل، أن المخلوقات كلها جاءت من نوره وخلق الله الكون على عدة مستويات تختلف عن بعضها البعض ورتبها حسب درجتها من النور التي أعطاها إليه، فجعل  المستويات العليا  اي " الجنات العليا  " الأقرب الي عرشه تمتلك من النور الإلهي أكثر من التي أسفلها وهكذا دواليك إلى العوالم الأدني وهي العالم المادي التي يكاد ينعدم بها النور الإلهي " المقصود بعدها عن الفضيلة و الجمال " .  فضلا عن تشديده على أن المعرفة الحقة هي التي تدرك بالحدس فتبصر من خلالها نور الوجود بأكمله. 


‎الفلسفات التي أثرت في السهروردي  


‎فلسفة ذرادشت 

 

‎جمع السهروردي بين الفلسفات الشرقية في بوتقة واحد وأضاف عليها من فلسفته الخاص عن طريق الحدس والإلهام الإلهي فأنتج منهجا فلسفيا جديدا . 


واهتم السهردوي بفلسفة زرادشت التي تعتبر النور عنصرا أساسيا ومركزيا مثلما جعل هو أيضا النور محور فلسفته وكانت أهم نقاط الفلسفة الزرادشتية مطبقة لديه في فلسفة الإشراق الخاصة به و مفادها أن مقدار  النور المسلط على كل عالم من العوالم أو كل فرد من الأفراد يعكس المعرفة التي يتميز بها الفرد أو العالم عن غيره .


‎الفلسفة اليونانية: أفلاطون وعالم المثل 

 

‎وفي كتابه " حكمة الإشراق "، استلهم السهروردي فلسفته من الفلاسفة اليونانيين ولكن لم ينقل منهم بل كانت وحيا له في إنشاء منهجه الفلسفي الجديد، و كمثال، كانت فلسفة أفلاطون تقوم على تقسيم الوجود " الكون  "إلى قسمين عالم الأشياء المحسوسة وهي العوالم المادية سواء المعروفة بالنسبة لنا أو غير المعروفة . وعالم المثل وهو العوالم التي بها أصل الجمال والحياة الأبدية " وتطلق عليها في الدين الإسلامي اسم ‫“‬الجنات العليا " وبالنسبة إلى العوالم المادية " المحسوسة  " فكانت ظل أو انعكاس بسيط لعالم المثل وهذا يعكس الآية القرآنية " وما الحياة الدنيا إلا لهو ولعب " مما يدل على دنو العوالم المادية من ناحية بسبب أنها انعكاس للعوالم التي تليها ومن ناحية أخرى ابتعادها عن النور الإلهي فقل بها العدل و الجمال ‫.‬

 

‎و طبق السهروردي هذا في فلسفته عن طريق تقسيم الواقع إلى درجات متنوعة طبقا للنور . 

 

‎ الفلسفة الأفلاطونية المحدثة 


‎وفي نفس كتابه " حكمه الإشراق "، دمج السهرودي في فلسفته بالتالي الفلسفة الأفلاطونية المحدثة " وهي ملخصات لفلسفة أفلاطون قام بتجميعها تلامذته بعد وفاته وأضافوا عليها من فلسفتهم الخاصة، فكان محور هذه الفلسفة في أن الواقع مخلوق من مستويات متعددة أولها  الواحد  "خالق الأكوان "وثانيها العقل الإلهي ثم النفس وأخيرا العالم المادي . وذلك يقترب من منهج السهروردي الذي اتبعه ‫.‬


‎الفلسفة الهندية وقانون التناسخ 

 

‎ذكر السهرودي في كتاب " الرمز والحقيقة " و " اللوائح " فكرة تناسخ الأرواح الشائعة في الفلسفات الهندية وهي انتقال الروح بعد مفارقتها الجسد إلى جسد آخر وذلك بهدف إكمال دوراتها السبع لأجل تطهيرها، لأن تصل في النهاية إلى الخلاص " الجنة في العقيدة الإسلامية " .و استطاع أن   يمزج هذا  ‫“‬ قانون التناسخ ‫“‬  و الفلسفة الإسلامية وبين نظريته النور الإلهي " اغي لم يكن مقلدا  ".  
‎والجدير بالذكر، انغ كبار علماء وفلاسفة الإسلام لم ينكر عقيدة التناسخ مثل ابن رشد إذ لم ينكرها ولم يؤيدها بل تحدث عن أنها تحتاج إلى مزيد من البحث ،وعلى الجانب الآخر لم يؤمن ابن عربي بها ولكنه تحدث بنظرية تقترب من فكرة التناسخ، فقال ان الروح يمكنها عبور عوالم متعددة بعد الموت ثم تصل إلى الكمال في نهاية رحلتها، بينما رفض الغزالي وابن سينا هذه الفكرة من الأصل.


الفلسفات الدينية: التوازن بين المسيحية والإسلام في الاتحاد الدائم

‎تتشابه فلسفة السهروردي مع فلسفة " توما الأكويني " الفيلسوف المسيحي، من جانب نظرية فلسفة النور الإلهي الذي هو أصل الموجودات مع تأكيدهم على ان المعرفة الإلهية هي التي تدرك نور الحقائق بالاضافة إلى الاعتراف بنظرية الفيض الإلهي وهي انبثاق كامل المخلوقات من الله . 

وتوفي السهروردي عام 587 هجريا في قلعة حلب بسوريا  .

 

Dr.Randa
Dr.Radwa