الإثنين 29 ابريل 2024

"رمضان شهر الانتصارات".. موضوع خطبة الجمعة اليوم

خطبة الجمعة اليوم

تحقيقات22-3-2024 | 09:04

محمود غانم

تنشر بوابة -دار الهلال- نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان:"رمضان شهر الانتصارات" حيث تتناول الخطبة انتصارات المسلمين في شهر رمضان المبارك بداية من غزوة بدر وصولاً إلى حرب العاشر من رمضان، ثم تتطرق الخطبة إلى أن رمضان ليس فقط شهر الإنتصار على الأعداء بل الإنتصار على نفس أيضاً.

 

رمضان شهر الانتصارات

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}،وأَشْهدُ 

أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدنا ونبينا مُحَمَّدًا عبده ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ، وعَلَى آلِهِ ،وصحبهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فلا شك أن رمضان المبارك شهر الانتصارات والعزة والكرامة، ففيه كان يوم بدر أول معركة فاصلة بين الحق والباطل، حيث أكرم الله (عز وجل) المؤمنين بنصر مؤزر من عنده على قلة عددهم وعدتهم، وأنزل سبحانه إليهم الملائكة تأييدًا لهم وبنا للطمأنينة في قلوبهم، حيث يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَنْ يُمِدكُمْ رَبِّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَ قُلُوبُكُمْ بِهِ ۖ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}، ويقول سبحانه: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}.

فإذا كنا مع الله بحق وصدق كان النصر والفوز حليفنا، حيث يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرُكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ

كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}، وإذا حدنا عن منهج الله سبحانه نزع من قلوب أعدائنا المهابة منا وألقى الوهن في قلوبنا لبعدنا عنه ومخالفتنا لأوامره، أو تقصيرنا في الأخذ بالأسباب التي أُمرنا أن نأخذ بها من إعداد أنفسنا بكل ما يتضمنه الإعداد من معان إيمانية وعلمية عسكرية واقتصادية مصداقًا لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}.

وفي هذا الشهر الكريم كان فتح مكة الذي أكد أن الإسلام دين الإنسانية والرحمة لم يعمد قط إلى سفك الدماء أو الانتقام، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم في أعلى درجات التسامح حتى مع من آذوه وأخرجوه وتآمروا على قتله، فجمعهم قائلا:

(يَا أَهْلَ مَكَّةَ، مَا تَظُنُّونَ أَنِّي فَاعِلُ بِكُمْ؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال (صلى الله عليه وسلم): اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاء)، ولما سمع صلوات ربي وسلامه عليه) أحد أصحابه يقول: اليوم يوم الملحمة فقال (صلى الله عليه وسلم): (اليَوْمَ يَوْمُ المَرْحَمَةِ)، وقال (صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَخَلَ الكَعْبَةَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمن).

ولا ينسى التاريخ معركة عين جالوت التي كانت في شهر رمضان المبارك، حيث استطاع جيشنا المصري العظيم أن ينتصر على التتار انتصارًا ساحقا بعدما اجتاحوا معظم دول العالم الإسلامي، فكانت بحق من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام.

وفي عصرنا الحديث استطاعت قواتنا المسلحة الباسلة أن تحقق نصر العزة والكرامة في العاشر من رمضان، فكان يوما من أيام العرب الخالدة التي سطرها.التاريخ في أنصع صفحاته بأحرف من نور، حيث وفق الله (عز وجل) قواتنا المسلحة.الباسلة إلى تحطيم أسطورة الجيش الذي كان يزعم أنه لا يُقهر، ووجهت إليه ضربة

أفقدته صوابه وكبحت كبرياءه وأجبرت العالم كله على احترام مصر وقواتها المسلحة، حيث كان شعار الجندي المقاتل: الله أكبر مع صيام حقيقي ودعاء صادق

فكان النصر المبين.

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين.

إذا كان رمضان شهر الانتصارات على الأعداء فهو كذلك شهر الانتصار على النفس يقول سُفْيان الثوري (رحمه الله): "ما عَالَجْتُ شيئًا أشد عليَّ من نفسي"، فالصائم يترك ما تميل إليه نفسه ابتغاء مرضاة الله عز وجل، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) (يقول الله عز وجل: كلُّ عملِ ابنِ آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أجْزِي بِهِ، إِنَّمَا يَتْرُكُ طعامَةَ وشَرَابَهُ مِن أَجْلِي، فصيامُهُ لَه وأنا أجزي يه).

وهو كذلك شهر الانتصار على الشح والبخل، وسائر الأدواء الإنسانية من الاحتكار والجشع والاستغلال حيث يقول الحق سبحانه {وَمَنْ يَبْخَلُ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ

نَفْسِهِ}، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}، ويقول نبينا(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِيُّ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَن

احْتَكَرَ طَعَامًا أربعين لَيْلَة فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الله تعالى وبرئ الله تعالى مِنْه)، ويقول (صلوات ربي وسلامه عليه): (إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَدَهُ بِسَحَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ

لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَدَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ).

فما أحوجنا إلى استلهام روح الانتصارات والتضحية والفداء في شهر رمضان المبارك؛ حتى نحقق لأنفسنا النجاة والسعادة ولأوطاننا التقدم والرفعة والازدهار.

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا

واحفظ مصرنا وجيشنا وشرطتنا

Dr.Randa
Dr.Radwa