تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية  وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.

 

 

ونقدم  خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنوضح إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة فضلا عن كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية

 

 

إسهامات  ابن حزم  الفلسفية

 

كان "ابن حزم" عالما وفيلسوفا وأديبا، ولد عام 384 هجريا في قرطبة  في أسبانيا،  لعائلة لها مكانة اجتماعية رفيعة،  درس في بداية حياته الفقه والقرآن واللغة، وعمل بالسياسية فشغل عدة مناصب في الدولة الأموية بالأندلس، تأثر كثيرا بالأحداث السياسية في عصره وأهمها سقوط الدولة الأموية بالأندلس.

 

 نفي ابن حزم خارج قرطبة، وكان لذلك أثرا  في حياته العلمية والفلسفية، حيث قدم غالبية  إنتاجه العلمي في المنفي فكتب في الفقة والأخلاق والفلسفة

نظرية العقل

 

رفض ابن حزم الاعتماد علي التقليد الأعمى في استقاء العلوم والمعارف، وعد العقل هو المصدر الوحيد للمعارف النقية وغير الملوثة بالتقليد والتدابير السلطوية "السلطة"،  واعتبر أن الحواس وسيلة أولية لاستقبال المعارف وهي تعتبر البوابة الأولي التي تتبعها عده ممرات تمر بها المعلومات للوصول في النهاية  للعقل.

 

شدد على عدم جدوى نظام القياس المستخدم بكثرة في العلوم الشرعية "الفقه" للاستدلال بحكم عن طريق آخر وعدها طريقة غير موثوق بها.

 

نظرية الوجود

 

اعتبر ابن حزم  أن صفة الوجود هي  صفة من صفاته وأن العدم هو عدم وجود صفات فالنتيجة عدم وجود الوجود، فضلا عن اعتباره أن الله هو القديم وأن مخلوقاته والوجود هو الحادث .

 

فقام ابن حزم بترتيب الوجود الذي يبدأ بالجوهر الإلهي الذي يتحرك ويخلق الصفات، ظهور الصفات من الجوهر تعني "صفات الله" التي خلقت الكون بأكمله" ثم يليها ظهور الأجسام يتبعها وجود الألوان علي تلك الأجسام لتميزها.

 

نظرية الدين

 

يؤكد ابن حزم على وحدة الله في العبادة، رافضا أي تعدد في الآلهة،  كما يؤكد على قدرة العقل البشري على الوصول إلى الخالق بمفرده، دون الحاجة إلى أي مساعدة من التقاليد أو التعصب، ويعتمد ابن حزم على البحث الذاتي للإنسان عن الحقائق باستخدام المنطق والعقل.

 

وتبني ابن حزم لتفاسير دينية سطحية للنصوص، حيث يرفض التأويل الباطني أو الرمزي، على الرغم من دعوته لاستخدام العقل.

 

ودعى ابن حزم  إلى إدخال الدين في الحكم كمصدر للأخلاق والعدالة، دون فصل واضح بين الدين والدولة،  بدلًا من ذلك، يدعو إلى استخدام الأسس الأخلاقية والعدالة في النظم السياسية، مع دمج الدين والفلسفة والحكم .

 

نظرية التاريخ

نظر ابن حزم  إلى التاريخ من مختلف الزوايا، فمنها النظرة الدينية التي ترى الله كوحدة المتحكم في التاريخ، حيث يكون النظام الإلهي هو المسيطر والقوانين الإلهية هي التي تحكم الأحداث،  وركز على دور العقل في فهم الأحداث، بدلاً من مجرد نقلها بشكل حرفي.

 

من جهة أخرى، تتضمن النظرة العقلية النظر إلى الأفراد والجماعات كمؤثرين أو صانعين للأحداث التاريخية، مع التركيز على دور العقل والمنطق في تفسير وتحليل الأحداث وتوجيه السلوك.

 

أما النظرة الأخلاقية، فتؤكد على أن التاريخ يسجل صراعًَا دائمًا بين الخير والشر، وأنه ينبغي للخير أن يتفوق على الشر في نهاية المطاف.

 

توفي ابن حزم عام 456 هجريا في مدينة ولبة في إسبانيا.