السبت 27 ابريل 2024

حكايات «كليلة ودمنة».. قصة «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة» (18ــ30)

كليلة ودمنة

ثقافة28-3-2024 | 14:00

أروى احمد

«كليلة ودمنة» هو من أشهر الكتب بالعالم التي تقدم عالما كبيرا من  الحكايات، والكتاب يضم  مجموعة من القصص المتنوعة، التي ترجمها عبد الله بن المقفع من الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي وتحديدا في القرن الثاني الهجري، وكتبه بأسلوبه الأدبي، وقد أجمع عدد كبير من الباحثين على أن الكتاب يعود للتراث الهندي، وتمت ترجمته في البداية إلى اللغة الفارسية ثم إلى اللغة العربية، وسبب نشأته جاءت من رغبة ملك هندي يدعى دبشليم بتعلم خلاصة الحكم بأسلوب مسلي فطلب من حكيمه بيدبا أن يؤلف له هذا الكتاب.   

وكان للنسخة العربية من «كليلة ودمنة»  دورًا رئيسيًا ومهما في انتشاره ونقله إلى لغات العالم، ويصنفه النقاد العرب القدامى في الطبقة الأولى من کتب العرب، ويرون أنه أحد الكتب الأربعة المميزة إلى جانب كتب أخرى، وهو يحتوي على خمسة فصول تضم خمسة عشر بابًا رئيسيًا يتناول قصص تراثية للإنسان على لسان الحيوانات.   

وتقدم  بوابة «دار الهلال» لقرائها طوال شهر رمضان المبارك 1445 هجريا، من كتاب «كليلة ودمنة» كل يوم قصة،  وسنستكمل سلسلة الحكايات بقصة اليوم والتي بعنوان «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة».  

وجاء فالقصة: زعموا أن حمامتين ذكراً وأنثى ملأ عشهما من الحنطة والشعير، فقال الذكر للأنثى: إنا إذا وجدنا في الصحاري ما نعيش به فلسنا نأكل مما هاهنا شيئاً، فإذا جاء الشتاء ولم يكن في الصحاري شيء رجعنا إلى ما في عشنا فأكلناه، فرضيت الأنثى بذلك.

 وقالت له: نعم ما رأيت.

 وكان ذلك الحب ندياً حين وضعاه في عشهما، فانطلق الذكر فغاب، فلما جاء الصيف يبس الحب وانضمر، فلما رجع الذكر رأى الحب ناقصاً.

 فقال لها: أليس كنا أجمعنا رأينا على ألا نأكل منه شيئاً؟ فلم أكلته؟

 فجعلت تحلف أنها ما أكلت منه شيئاً، وجعلت تعتذر إليه، فلم يصدقها.

 وجعل ينقرها حتى ماتت، فلما جاءت الأمطار ودخل الشتاء تندى الحب وامتلأ العش كما كان، فلما رأى الذكر ذلك ندم.

 ثم اضطجع إلى جانب حمامته وقال: ما ينفعني الحب والعيش بعدك إذا طلبتك فلم أجدك، ولم أقدر عليك، وإذا فكرت في أمرك وعلمت أني قد ظلمتك، ولا أقدر على تدارك ما فات.

 ثم استمر على حزنه فلم يطعم طعاماً ولا شراباً حتى مات إلى جانبها.

 والعاقل لا يعجل في العذاب والعقوبة، ولا سيما من يخاف الندامة، كما ندم الحمام الذكر.

Dr.Randa
Dr.Radwa